وكم كنت فخورة وأنا أقف فى طابور يمتد لثلاث شوارع تصطف به نساء مصريات ..باقة من ألطف وأطرف النساء …بكل توجهاتهن…يجمعهن حب مصر ولا يكترثن للخمسمائة جنيه غرامة حيث إنهن من منطقة الميسورين ماديا ..
نزلت كل واحدة تاركة بيتها أو عملها حبا فى مصر..لم أشأ أن أشترك فى أى نقاش والتزمت هدوئى كعادتى لم تستفزنى إلا جملة من سيدة قالت ” منهم لله بتوع التحرير هدموا البلد ” فالتفت لها قائلة كيف؟ كيف هدموا البلد ..” قالت لولا المجلس” ..
ولما كان من عادتى أن أعبر عن رأيى بهدوء ووجدت أنى فجأة افتقدت هدوئى وقلت وأنا أضغط على أسنانى ” الفاتحة للشهداء الذين كانوا سببا مباشرا لهذا الطابور المشرف وليس للمجلس الذى اعتاد السطو على كل ما حققته الثورة ونسبها لنفسه ” وهنا فوجئت بطوفان رائع من المداخلات كلها فى صف الثوار من الجميع هجموا على السيدة بكل حماس وأقروا بما قلته ..
بعدها استدرت ولم أكمل وتركتها تتهم الشهداء بالبلطجة وغيرها مما نسمع ولانلقى له بالا من إعلامنا الملوث ويا سبحان الله إذ أعربت أنها نزلت ” العباسية ” وأن ثوار التحرير عملاء يقبضون طبعا ويتصدون للعسكر ليفقأ عينهم ويقتلهم ويدهسهم فقلت لنفسى ..ما أروعهم من بلطجية يضحون بالروح والعين من أجل بضعة جنيهات..وفى وسط حديثها عرفت أنها ” مخرجة بقناة النيل للأخبار ” فارتاح قلبى وفهمت وتفهمت موقفها وأعربت فى سعادة أنها سوف تنتخب ” أحمد شفيق ” رئيسا للجمهورية وتوعدتنى دون أن أرد عليها ” سترون سيكون رئيسا للجمهورية ” …!!
قلت لنفسى البرلمان أصلا منزوع الدسم بلا صلاحيات لا يشكل حكومة ولا يقيلها ولا يؤسس لجنة لوضع الدستور ولا شىء…ولكن من يدرى ..هو خطوة للأمام…ورغم أنها ورقة التوت للمجلس يدارى بها مساوئه ويغطى بها قتلاه المرمييين فى القمامة فى” محمد محمود “وظل الجهلاء يصرخون فى الإعلام الفاجر …يريدون الهجوم على الوزارة ,.انهم بلطجية …رغم أن كل قاطنى القاهرة يعلمون أن مقر الوزارة فى شارع ” الشيخ ريحان ” بعيدا عن محمد محمود ولكن لهذه الدرجة وصل التغييب للناس ..!!
قاد المجلس حربا كيماوية ضد العزل وبشهادة أطباء بمستشفى قصر العينى فى التلفزيون والفضائيات يصرخون مما رأوه ومما قالته نتائج المختبر وكل هذا وهم لا يلتفتون وكأن الأمر لا يعنيهم فلم نسمع تكذيبا ولا غيره وكأن الشباب الذين فقأت عيونهم وماتوا بالغاز السام ليسوا مصريين واعتمدوا على أبواق الصحافة والإعلام ومارسوا نفس العند المباركى وكأن شيئا لم يكن..
السؤال الآن هل سيستطيع الإخوان مقاومة هذا العند والجبروت وقد حازوا أغلبية الأصوات؟ لقد هرع معظم الناخبين للإخوان طلبا فى الإعتدال وهربا من فزاعة السلفيين الذين صدروا لللإعلام أغبى الألسنة وأغبى التصريحات التى لا تنفع ولا تشفع مع الشعب المصرى ذو الطبيعة المعتدلة المرحة التى تأنف التشدد وتعشق التناقضات …
لقد حاول المجلس تفريغ الثورة وتشتيت الناس بالإنتخابات والحكومة الجديدة المائلة لصالح العواجيز الذين ثرنا بالأساس ضدهم والذين لانعرف عنهم سوى أساطير وظل يخفى عنا شخصية وزير الداخلية حتى نرضخ للأمر الواقع ألا وهو ان الداخلية بصفيها الأول والثانى كلهم أذرع للعادلى وصفوته ولا عجب يا دكتور جنزورى أن تلاقى الأمرين من ترشيحات المجلس وخاصة أن رقبته فى يد الإعلام والداخلية فكيف يتركهما لأشخاص لا يدينون له بالولاء..؟؟ مستحيل طبعا ..
والآن لم يعد أمام المصريين إلا قبضة وإرادة قوية وحكومة عفية يشكلها المجلس بزعامة الإخوان ذلك المجلس الذى جاء بانتخابات نزيهة إلى حد أفضل مما سبقها من أيام الملك فاروق …!
هل سيستطيع الإخوان أن يكسروا شوكة العسكر؟ ويلتحموا ” مرة أخرى ” مع الشعب الذى انتخبهم طمعا فى مزاج معتدل وحلا للمشكلات الجسيمة التى تواجهنا؟
هل سيبتلع الإخوان تمثيلية ” المجلس الإستشارى ” التى يخرجها المجلس العسكرى لتشتيت القوى التى نجحت فى تشكيل تكتلات وتحالفات فى الإنتخابات؟ ومازل المجلس يخرج لنا من جعبته الأرنب والفيل والحمائم البيضاء ولكن نسى أن قفازه ملوث بدماء قتلى مصطفى محمود والسفارة الإسرائيلية ومازال 12 ألف شاب معتقل بمحاكم عسكرية ومازال علاء عبدالفتاح مسجونا على ذمة قضية ملفقة لضرب الأفراد الفاعلين فى شباب الثورة ..!
وخرج الضابط الذى فقأ عين الشباب براءة لأن زملائه رتبوا له الأدلة التى تثبت وجوده ببيته ساعة الضرب وكان هذا سبب تقديمه نفسه للعدالة بعد أن أعلن العيسوى الغابر الكذوب هروبه وعدم معرفته بمكانه..!
هل سيستطيع الإخوان الضغط على المجلس واطلاق سراح أسرانا لديه وإعادة الثورة المخطوفة وإقالة الحكومة العجوزة …هل سيميل الإخوان لثوار التحرير الذين أعطوهم الفرصة للظهور بعد أن كانوا محظورين ويعرفون أن التحرير هو الشوكة التى ستقض نوم مجلس العسكر وهو الغطاء الحامى للمجلس وهو الذى سيضمن تراجع العسكر وتركهم الساحة لمن يختاره الشعب رئيسا …
إنها تساؤلات أتمنى أن ينجح فيها الإخوان وبالرغم من تحفظاتى السابقة على مواقفهم وبالرغم من أنى لم أنتخبهم ولكن انتخبت شباب معتدل من حزب العدل ذى المرجعية الإسلامية وحزب ” الثورة مستمرة ” ولكنى أثق أن ذكاؤهم وولائهم هذه المرة سيفرض عليهم أن ينحازوا لمن أتوا بهم ومن يستطيعون الإطاحة بهم وهم ..الشعب ..
وعليهم أن يحسنوا اختيار من يتكلم عنهم ولايطلقوا علينا ضعاف العقول ممن كرّهونا فيهم وفى تلونهم قبل الإنتخابات..هل سيستطيع الإخوان جمع كل القوى والتيارات من حولهم ويعودوا للاتحاد فى مجلس الشعب كما كان الميدان يوم 28 ؟؟
أقول للإخوان..أنتم على المحك وبين يديكم مصر وغالبية الشعب فلا تخذلوه ..وأقول لهم أيضا عليكم العين فى كل أنحاء الوطن العربى وإن لم تصدقونى ..اسألوا ” الحمساوية ” عن آمالهم فيكم وليكن حزب النهضة فى تونس مدعاة للتأمل فى موقفه الذكى….دعونا نأمل فى الإخوان ونقول لهم .. ” الإتحاد هو الحل “…ونقول قول الحبيب صلى الله عليه وسلم…لعله خير..