نيويورك تايمز: الجيش المصري يبرق رسائل لواشنطن للتوقف عن المطالبة بنقل السلطة للمدنيين

قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، الأمريكية، إن المجلس العسكرى الحاكم فى مصر بدأ فى استعراض عضلاته بعد الفوز الكبير للإسلاميين فى الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، مشيرة إلى تأكيده عزمه السيطرة على عمليه إعداد الدستور، واستمراره فرض نفوذه على الحكومة الانتقالية من أجل تقييد سلطة الإسلاميين.
ففى تعليقها على تصريحات اللواء مختار الملا، عضو المجلس، حول أن النتائج الأولية لانتخابات مجلس الشعب لا تمثل الشعب المصرى بالكامل، لكون الجماعات الإسلامية المنظمة هى المهيمنة على التصويت، قالت الصحيفة إن هذا الأمر رسالة واضحة موجهة إلى واشنطن لإقناعها بالتراجع عن دعواتها للحكم المدنى فى مصر، حيث إن التصريحات كانت موجهة للمراسلين الأجانب وليست للرأى العام المصرى.
وأضاف: “أيًا كانت الأغلبية فى مجلس الشعب، فهم مرحب بهم، لأنهم لن يمتلكوا القدرة على فرض أى شىء لا يريده الشعب”، الأمر الذى اعتبرته الصحيفة إشارة واضحة إلى أن البرلمان “الصورى” لن يكون له سلطة على الدستور.
وتابعت الصحيفة قائلة، إنه “بدا وكأن اللواء الملا أراد القول بأن نتائج التصويت لا تمثل الشعب المصرى لأنه من غير المعقول أن يدعم الشعب المصرى الإسلاميين وخاصة السلفيين الأكثر تشددًا والذين حصلوا على ربع الأصوات”، ناقلة عنه تساؤله: “هل تعتقدون أن المصريين انتخبوا شخصًا ليهدد مصالحهم واقتصادهم وأمنهم وعلاقاتهم مع المجتمع الدولى”؟، مجيبًا “بالطبع لا”.
وقالت الصحيفة إن الملا الذى كان يتحدث فى جلسة غير اعتيادية دعا إليها مجموعة من 8 صحفيين أمريكيين وصحفى بريطانى دون حضور وسائل الإعلام المصرية كان يخاطب واشنطن، حيث يتوقع المجلس العسكرى الحاكم أن خطر استيلاء الإسلاميين على عملية الاقتراع قد يدفع الأخيرة إلى التوقف قليلاً عن تصريحاتها الداعية لسرعة تسليم الحكم إلى مدنيين فى مصر.
وأضافت إنه من غير الواضح ما إذا كان المجلس العسكرى يعتزم إيصال هذه الرسالة إلى الجمهور المصرى والأحزاب السياسية على الإطلاق، مشيرة إلى أن الناشطين المصريين استشاطوا غضبًا عندما علموا أن المجلس العسكرى كشف خططه للأجانب أولاً على قدر غضبهم من التصريحات ذاتها.
وعلى الرغم من تأكيدات اللواء الملا احترامه لنزاهة العملية الانتخابية لكنه قال إنه “فى مثل هذه الظروف غير المستقرة، فإن البرلمان لا يمثل جميع المصريين”، وهو ما بدا تصعيدًا فى المواجهة المتزايدة مع جماعة “الإخوان المسلمين” حول السيطرة على الحكومة الانتقالية، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة، إنه على الرغم من أن خطط المجلس العسكرى السابقة للفترة الانتقالية كانت تتضمن السماح للبرلمان باختيار مائة عضو فى الجمعية التأسيسية التى ستقوم بإعداد الدستور، لكن تصريحات اللواء الملا جعلت من الواضح أن المجلس العسكرى لم يعد ينوى السماح بذلك.
إذ أشار إلى أن الأغلبية البرلمانية لن تكون الوحيدة الممثلة فى الجمعية التأسيسية، مؤكدًا أن هناك العديد من الفصائل الأخرى مثل “العمال والفلاحين والمهندسين والأطباء غير ممثلين فى البرلمان”.
وشدد فى الوقت ذاته على أن المجلس العسكرى لن يتدخل بشكل مباشر فى العملية الدستورية ولن يقوم بتسمية أعضاء لجنة صياغة الدستور، لكنه سيقوم بتعيين مجلس استشارى مدنى من ممثلى الأحزاب، وكذلك الفنانون والمثقفون لتقديم اقتراحات للمجلس العسكرى، مؤكدًا أنهم سيمثلون جموع الشعب المصرى وأنه “لا أحد بإمكانه حقًا الاعتراض على هذا المطلب”.
وأشارت الصحيفة إلى أن اللواء الملا أقر بأن جدوله الزمنى الأخير للمرحلة الانتقالية لا يترك إلا شهرًا واحدًا لإعداد الدستور ما بين تعيين البرلمان المنتخب وبدء سباق الرئاسة، إلا أنها قالت بأن اللواء بدا وكأنه يعتقد بأن الدستور المصرى القديم لن يحتاج إلى الكثير من الإصلاحات.
وأضاف: “الكثير من المشرعين يقولون بأن لدينا دستورًا جيدًا للغاية وفريدًا من نوعه باستثناء الفصل الخامس المتعلق بالانتخابات الرئاسية، ولذلك فنحن سنعدل فقط هذا الفصل”.
وفى رد على سؤال عما إذا كانت ميزانية الجيش ستخضع للرقابة البرلمانية، قالت الصحيفة إن رده بدا الملا وكأنه يعتبر هذه الفكرة “سخيفة”، وإنه لا يعرف أى جيش ميزانيته علنية.
وأشارت إلى أن اللواء الملا بدا أكثر حذرًا عند سؤاله عما إذا كان الجيش سيتدخل فى الحياة السياسية المدنية فى المستقبل، فقد أجاب أن “القوات المسلحة لن تتدخل فى الحياة السياسية المصرية طالما أن الشعب يقبل الهيئات البرلمانية”، وأضاف أنه بعد اعتماد مؤسسات الحكومة الجديدة “لن يكون هناك حاجة للتدخل”.