” الليبرالية ليست أن تخلع الأم الحجاب والسلفية ليست أن تلبس الأم النقاب ..هلا تركتم الأمهات فى حالهم وكلمتمونا عن العدل والحرية والرغيف ” هكذا كتبت على حائطى فى الفيسبوك …
وكان رده عجيبا والغريب أنه شاعر مثقف ومتعلم ولا يرتدى جلبابا قصيرا أسفله بنطلون بل هو رجل متمدين بكل معنى الكلمة…
الرجل قال أن جوهر الموضوع هو تلك “القطعة من القماش “وهى التى ستقودنا للعدل والحرية والرغيف لأن السارق ربته ” راقصة ” والمجرم ربته ” امرأة ترتدى مايوه على الشاطىء “…!!
كان كلام الرجل صادما جدا لأصدقائى على الصفحة وانبروا يحاورونه فى استنارة وتعجبوا لأن من فى السجون من قتلة ومجرمين ليسوا بالضرورة ولدوا لأمهات متبرجات وأن هذا قياس ضحل جدا…ولا يقبله عقل..!!
لم أعرف كيف يختزل رجل مثقف دينا كالإسلام فى غطاء رأس أو فى امرأة منتقبة ولحية وكيف لا يدرك أن الدين المعاملة وأما ما دون ذلك فليس من شأننا أن نجبر فيه الآخرين ونربط عجلة التقدم بالملابس والدليل تقدم دول أوروبا رغم العرى وتأخر دول أخرى كأفغانستان مثلا..وأن الإسلام جوهر أولا ثم مظهر…
والفرق ليس فى الملابس فلا تأخرت أفغانستان بسبب حجاب المرأة ولاتقدمت أوربا بسبب العرى..لأن التقدم له أسباب يجب أن يؤخذ بها كالعمل الجاد والعلم والحرية والديمقراطية التى تتيح للناس حياة حرة تشجعهم على العمل والإبداع…وأن الراقصات فى بلادى ليسوا سببا فى تأخرها ..بل هم مظهر من مظاهر المجتمع لا تؤدى.. بل تشير, وهذا هو الفرق..
الغريب أن هذا النوع من التفكير صار متواجدا وصارخا فى وسائل الإعلام والفضائيات الدينية..!
وأما السبب فى تأخرنا وامتلاء مصرنا وباقى الدول العربية باللصوص والقتلة فليست الملابس وإنما هو فى ظهور نوع آخر من الرقص أسوأ وأضل سبيلا من تعرية الجسد ..إنه تعرية النفس وعدم التزامها بقضايا الوطن وبالمبادىء التى يبنى عليها المجتمع …
السياسيون فى بلادى وخاصة هذه الأيام يمارسون أسوأ أنواع الرقص والتعرى بتلاعبهم والتواء فكرهم وسعيهم وراء السلطة والمصلحة الخاصة .. فلم تزيدهم الثورات إلا عشقا فى الكرسى واستماتة عليه والاستغراق فى الرقص والتهالك فى تأدية فقراتهم المقززة أمام الشعوب التى استفاقت مؤخرا..
فمن هو المسئول الحقيقى عن التردى الحاصل فى مجتمعاتنا وهل نلوم العرى والراقصات ووو وننسى أسوأ أنواع البهلوانات والراقصين فى سيرك السياسة وحلبة الرقص فيها..
فنرى راقصا له لحية يتلون ويتغير حسب أهوائه يهادن أويهاجم ويحشد الحشود من أجل كرسى فى برلمان ويغازل أولى الأمر ويتمايل أمامهم وينحنى لهم فى خنوع ليمنوا عليه بالرضا السامى ..وربما يندد بالخروج على الحاكم ويتوعده بجهنم وبئس القرار ثم يقفز على أكتاف الثوار الذين توعدهم بالعذاب ونراه تارة أخرى يحرم الديمقراطية ويسميها كفرا ثم يحتكم لها ليكسب كرسيا مضحيا بمقعده فى الجنة ..! أى راقص هذا وأى تعرى من كل القيم والمبادىء؟
ونرى آخر يدعى التحرر والليبرالية يتعالى على الشعب وينعته بالغباء ويسمى نفسه ” نخبة ” فإذا ما أشار له أولو الأمر بإصبعهم جاء لاهثا جاريا هو وحزبه البائد الذى تربى على فتات مائدة اللئام ليقوم بأقذر الألعاب والصفقات الراقصة ويبدأ هو الآخر فى مغازلة الحاكم فيصادر جريدة معارضة أو ينشىء قناة لمهاجمة الشرفاء والتشنيع عنهم والنيل منهم ويتلون كالحرباء مدعيا أنه أول من دعم الثورة فى حين أنه كان مختبئا ساعتها تحت مائدة حزبه منتظرا ما تسفر عنه الأحداث….
والغريب أن النوعان فى الوقت الحالى لا يهتمون بتقدم المجتمع ولا مصلحته بل ويغضون الطرف عن قتلة الثوار وعن المطالبة بالقصاص … فى سبيل كرسى البرلمان ..ممن مازال فى سدة الحكم ..
وهذا راقص فى الوزارة تقلد حقيبة الإعلام فارتدى زى المهرج وراح يشوه ويلطخ ويفبرك القصص الساذجة لتشويه الشرفاء بفقرة من الرقص المنفرد فيهاجم الثوار والعلماء والأحرار طمعا فى رقصة أمام كبيرهم الذى علمهم الرقص تكفل له حصانة وزارية شبه مستديمة ويصبح ملكيا أكثر من الملك ليقنع الحاكم أنه يحمى كرسيه..
وهذا راقص آخر غرته البزة وأغراه المنصب المفاجىء وحلا له الموقع فراح من موقعه يدعم القتلة ويحمى المجرمين ويعتقل الشرفاء فى رقصة محترفة متلفحا فيها بدول لاتريد لمصر استقرارا ولا ديمقراطية وهاهو يخرج علينا كل حين ” بنمرة ” جديدة فى الملهى الكبير الذى أقامه للوطن ويتناسى دماء الشهداء ويتفنن فى قتلهم بالرصاص والغاز السام والدهس ” الغير متعمد ” و…” الحواوشى ” وياللعجب وهو يدعى انه يريد استقرار الوطن ودماء الشباب تلوث يديه ومازل يرقص ويرقص وكل من ذكرتهم سابقا يصفقونله تارة وتارة يشاركونه الرقص …!
كل هذا ومازلنا نتهم الراقصات وغيرهن أنهم السبب فى تأخرنا مع أنهم مجرد مظهر من مظاهر المجتمع ومرآة واضحة لما يضخه الجو السياسى من انهيار وابتذال …ولا أدرى كيف وصل ببعض المثقفين الحال للكلام بمثل تلك النظرة الضيقة المشوهة لما يريدونه من تغيير للوطن…
وأما نحن فما نريده للوطن أهم كثيرا مما ترتديه النساء ..نريد من هؤلاء الراقصين أن يعتزلوا فقد ترهلوا وتشوهوا وانكشفوا ..وليعطوا ذلك الشعوب فرصتها للعيش فى هدوء وسلام مستكملين ما ثاروا من أجله ..وبدلا من ذلك الضجيج فى الكلام الفارغ واللهاث وراء الحصانة عليهم أن يكفوا أيديهم عن قتل وسحق وسحل الثوار سواء بالفعل المباشر أو بالسكوت على ما يحدث لهم..عليهم ترك خشبة المسرح غير مأسوف عليهم..
عليهم أن يتنازلوا عن أحلامهم فى الخلود بالحكم وعليهم أن يواجهوا مصيرهم ويتحملوا تبعات رقصاتهم المسمومة التى بثوها على الشعوب بثا حيا مباشرا فقد فرضتهم علينا ظروف غير عادية وثورة قلبت بطن المجتمع بالفعل ..
إنها الثورات التى أشبهها بحالة الغثيان الشديدة التى تصيب مجتمعا ما من فرط ما تناوله من سموم فيبدأ فى” تقيؤ ” تلك السموم ضمن ردة فعل أجهزته الطبيعية حال إبتلاع تلك الكمية الرهيبة من السموم وعلى مدى عقود…
وهاهى الثورات تتقيأ ونرى هول ما ابتلعته أوطاننا من سموم وهذا ليس شيئا سيئا وإن كان مثيرا ” للقرف ” ولكن بعدها يعود الجسم لطبيعته وقد وعى تماما ما هو المفيد وما هو المضر..إنها مسألة وقت ليس إلا .. وساعتها فقط…نقول للوطن..حمدالله عالسلامة..