لا يبدو صعباً أن تتكلم مع طبيب من حلب ليتحدث الأخير عما تواجهه وواجهته حلب، ولكن ما يبدو صعباً فعلأ هو تصور حجم الكارثة الإنسانية التي سيسمعها أو يقرأها الآخر..
الدكتور «عبدالله.ح» واحد من عدة أطباء لا يزالون يعملون في مشافي المدينة التي تعاني منذ ستة أشهر فقط «مقارنة بحمص وادلب وغيرها من المدن التي تعيش هذه المعاناة منذ ما يقارب السنتين».
يؤكد الدكتور عبد الله أن القنص لا يستثني أحداً لا سيارة اسعاف ولا طبيب ولا مريض، وسجلت عدة حالات قنص لنساء أثناء ذهابهن للمشافي للولادة ، بعضهم توفين ونجا المولود وبعضهم توفين مع مواليدهم.
مجزرة أداتها سيارة إسعاف
يتحدث الدكتور عبد الله عن استغلال سيارات الاسعاف لتمرير عساكر وشبيحة، ويقول: « في ادلب وقعت مجزرة بعد ان اخترقت سيارة الاسعاف المظاهرة، إذ أ،ه ويعد أن فتح المتظاهرون الطريق للسيارة، فتح باب سيارة الاسعاف الخلفي وقام من بداخلها بفتح النار على المتظاهرين.
وفي حلب كانت تستخدم سيارات الاسعاف لفتح الطريق للعساكر وكردة فعل من الأهالي لوحظ أن السائقين في بعض الاحيان يتعمدون ابطاء حركة المرور لمنع العساكر من الوصول الى اماكن المظاهرات .
توجد خروقات من الطرفين عند اسعاف جرحاهم ، حيث يترافق عادة مع المصابين مسلحين في نفس السيارة «.
3 مشافي لا زالت تعمل
يقول الدكتور عبد الله: «هناك ثلاث مشافٍ حكومية فقط لا زالت تعمل حتى الآن (مشفى الجامعة ومشفى الرازي ومشفى التوليد ) وهي تستقبل فقط الحالات الجراحية والتوليد وحصراً حالات الولادة الطبيعية والتخدير القطني لعدم وجود الاكسجين للتخدير العام.
الطفل الذي يولد بحاجة لحاضنة واكسجين يكلف اهله بالبحث عن مشفى خاص الذي إن وجد فيه اكسجين فبأسعار باهظة وتجدر الإشارة إلى أن الاوكسجين يوجد في مشفى الشهباء والسوري التخصصي بشكل مستمر اما في باقي المشافي ،فيحسب توفر الكهرباء ( لان معظم المشافي فيها مولدات اوكسجين تعمل على الكهرباء )..وفي ايام كثيرة يتوقف العمل بسبب نفاذ الاكسجين , أما المشافي الصغيرة فقد أغلقت منذ مدة» .
ويتابع: « تعاني المدينة بشكل عام من انقطاع متواصل لفترات طويلة في المياه والتيار الكهربائي , ونقص شديد في مادة المازوت الضرورية لتشغيل المولدات وتبعاً لذلك فإن بعض المشافي لا تتوفر فيها الكهرباء للتحاليل أما الصور الشعاعية والايكو، فتعمل في اوقات معينة فقط عند تشغيل المولدة أو وصول الكهرباء من الشبكة.
قسم العناية المشددة في كثير المشافي لا يعمل ونضطر لارسال المريض الى مشفى آخر بسبب انقطاع الكهرباء وعدم جدوى تشغيل المولدة .
بالإضافة إلى عدم توفر بعض الادوية، حيث أن معامل الأدوية (المتواجدة في المناطق المحررة) توقفت عن العمل وبعضها تعرضت للنهب والسرقة».
وأشار إلى أن عمليات التوليد الطبيعية في معظم المشافي الخاصة تحدث على ضوء الشمعة والشواحن وبدون تدفئة
النظام تحصن في المشافي
أكد الدكتور عبد الله الممارسة المعروفة في عموم سوريا، وهو تحصن النظام ورجاله في المدارس والمستشفيات، وقتل الجرحى في المشافي العامة أو اختطافها، وأشار إلى أن 98% من الأطباء هاجروا الى المناطق المسيطر عليها من قبل النظام.
أمراض وبائية
يقول الدكتور عبد الله: انتشرت الأمراض الوبائية مثل التهاب الكبد، وجدري الماء والقمل والجرب «بسبب الاكتظاظ السكاني ونقص المياة» ، أمراض بسبب البرد ( أكثر من معدلها الطبيعي بعشرة أضعاف ) مثل الربو، التهاب القصبات ، ذات الرئة ، الأمراض النفسية بسبب اصوات القصف والذعر أو رؤيية الأشلاء والجثث مثل الهستيريا والصرع والاكتئاب و الشلل الكاذب ، أمراض جلدية مثل ظاهرة رينو بسبب البرد والجرب والقمل كما سجلت حالات قطع أطراف بسبب البرد ( هذه الأمراض في مناطق النظام والمناطق المحررة على حد سواء) وأيضاً سجلت حالات جلطات قلبية بعد مشاهدة البيت المقصوف او المحروق أو موت عزيز او رؤية أشلاءه.
يضاف إلى ذلك حالات التسمم بأول أكسيد الكربون بسبب التدفئة على الحطب والفيول الخام بسبب غلاء محروقات التدفئة النظامية ( عشرة أضعاف ) والحروق بسبب انفجار المدافئ التي تشغل على الفيول وهي ليست معدة لهذا الغرض و زيادة نوبات الربو بسبب التلوث البيئي الناتج عن تشغيل هذا النوع من المدافئ.
سجلت أيضاً حالات وفاة لحديثي الولادة بسبب البرد وعدم توفر التدفئة حيث لا توجد التدفئة في معظم المشافي ( في المشافي الخاصة يطلب من الأهل اخذ اطفالهم الى المنازل وتدفئتهم ) وقد يموت الاطفال عند عملية تبديل الدم بسبب انعدام التدفئة وعدم جدوى تشغيل المولدة لهذا الغرض بالنسبة للمشفى.
الولادة على ضوء الشمعة
عمليات التوليد الطبيعية في معظم المشافي الخاصة تحدث على ضوء الشمعة والشواحن وبدون تدفئة، وارتفعت نسبة وفيات حول الولادة من 5% إلى حوالي20%.
اما صيفاً ،فقد انتشرت امراض الاسهالات والتسممات الغذائية الناتجة عن تلوث الأطعمة بسبب قلة المياه ، كما ازدادت حالات ضربات الشمس بعد أن هام الناس على وجوههم بحثاً عن ملجأ عند اشتداد القصف.
بسبب الأمراض السابقة فقط عدا عن الوفيات الناتجه عن الحالات الجراحية الناتجة عن الحرب، لأسباب عدم توفر المراكز الصحية المؤهلة وعدم توفر الكادر الطبي في الوقت المناسب وغلاء ثمن العلاج في ظل تعطل اغلب المشافي الحكومية عن العمل وغلاء المعيشة وتوقف الدخل عن الناس
بالأرقام
10 أضعاف.. ارتفاع معدل الوفيات
50 ألف شخص من المتوقع موتهم بسبب الربو أو ذات الرئة
2000 ليرة أجرة سيارة الإسعاف
5000 ليرة تكلفة ليلة واحدة في المشفى بدون أدوية أو تحاليل أو طعام
سوريا بدا حرية