الغارديان: محاكمة الإصلاحيين في الإمارات.. من حبس انفرادي إلى جلسة سرية

 

يُحاكم اليوم 94 معتقلا في دولة الإمارات العربية المتحدة بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، في أحدث تطورات الحملة القمعية التصعيدية الخليجية ضد التهديدات السياسية أو الأمنية المزعومة المستوحاة من انتفاضات الربيع العربي.
 
وتم نقل حوالي 200 من أقارب المتهمين بالحافلات إلى المحكمة في أبو ظبي لحضور جلسة اليوم الاثنين وسط إجراءات أمنية مشددة (وقد تناقلت الأخبار أن السلطات الأمنية منعت زوجات المعتقلين من حضور محاكمات أزواجهم في تعدي واضح على حقوقهم) وأُغلق الطريق المؤدي إلى المحكمة، ومنعت السلطات وسائل الإعلام الدولية ومنظمات حقوق من الحضور وحتى الاقتراب من أهالي المعتقلين.
 
وقد اتهم المعتقلون، ومنهم حقوقيون وباحثون ومحامون وموظفون، بتأسيس شبكة سرية لتدبير انقلاب وجمع أموال بصفقات وطرق خاصة.
 
وقالت الحكومة إن المعتقلين 94 يشتبه في صلاتهم بجماعة الإخوان وأحزاب أخرى لم تذكرها بالاسم، وزعمت أن الاتصال كان للخبرة والدعم المالي.
 
ويُعتقد أن المعتقلين جزء من شبكة إسلامية معروفة باسم دعوة الإصلاح، ولها حضور مؤثر في الشؤون العامة للإمارات.
 
وانتقدت جماعات حقوق الإنسان حملة القمع التي أثارت أيضا التوترات مع مصر وحكامها الجدد من جماعة الإخوان.
 
يُذكر أنه في الاتحاد الخليجي، يُنظر للاعتقالات على أنها جزء من سياسة الانغلاق والحساسية المفرطة تجاه أي انتقاد للحكومة أو قادتها.
 
في العام الماضي، أصدرت الإمارات العربية المتحدة قوانين صارمة لمراقبة الإنترنت، كما تتضمن منح مجال أوسع وفرصة أكبر للسلطات لقمع الناشطين على شبكة الإنترنت بدعوى ارتكاب جرائم مثل السخرية من حكام البلاد أو الدعوة إلى المظاهرات. في الأسبوع الماضي، تم منع أحد الباحثين البريطانيين من كلية لندن للاقتصاد من دخول البلاد، مما دفعها للانسحاب من المؤتمر المقرر تنظيمه.
 
وقال العديد من أقارب المعتقلين في انتظار نقلهم بالحافلات إلى جلسة المحاكمة، إن التهم لا أساس لها من الصحة، ويأملون في أن تسود العدالة إما عن طريق المحاكم أو بتدخل حكام البلاد.
 
وقالوا إن أفراد أسرهم المعتقلين ليس لهم علاقة مع جماعة الإخوان، وكان كل مطلبهم أن يروا الديمقراطية في البلاد، بما في ذلك إعطاء المزيد من الصلاحيات للمجلس الوطني الاتحادي، حيث إنه حاليا ليس أكثر هيئة استشارية عامة.
 
"إذا قرأ أي شخص الاتهامات التي أُدرجت في ملف المعتقلين، فإنه سيلاحظ بالتأكيد أنها لا تستند إلا على الشبهات"، كما صرح خالد الركن، الذي اعتقل شقيقه وابن شقيقه، وهما ممن سيقفون أمام المحكمة اليوم. وتساءل مستنكرا: "كانوا يجتمعون في البيوت، وهذا يعني أن لديهم تنظيمات سرية لترتيب عملية الانقلاب؟ جميع الناس يجتمعون في منازلهم، فهل هذا يشكل تهديدا للحكومة؟"
 
بينما تساءل آخرون: لماذا استغرقت السلطات عدة أشهر لتوجيه الاتهام إلى المشتبه بهم؟ وأضافوا أن أقاربهم اعتُقلوا في مواقع لم يُكشف عنها إلى الآن، في الحبس الانفرادي في غرف صغيرة، لا يوجد بها أكثر من فراش على الأرض.
 
"إنها (محاكمة) غير عادلة، وحتى الآن لم أجد أية عدالة"، قال شخص عرف نفسه باسم عمر، خوفا على سلامة، ذلك أن والديه عمه وعمته من بين المعتقلين، تم القبض عليهم في الإمارة المجاورة، رأس الخيمة، منذ سبعة أشهر ونصف مضت.
 
"إنهما أبي وأمي. لدي إخوة صغار، من سوف يعتني بهم؟"، كما قال. وأضاف: "أنا لا أعرف متى صنعوا هذه الاتهامات، أنا لا أفهم القانون في هذا البلد".
 
ولم تكن هناك معلومات من السلطات أو في وسائل الإعلام المحلية عن جلسة الاستماع.
 
أكثر من عشرين محاميا دوليا وجماعات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، طلبوا حضور المحاكمة، ولكنهم لم يتلقوا الإذن. وقد أُبعد العديد من الصحفيين والناشطين من قبل الشرطة قبل أن الوصول إلى المحكمة، وتم ردهم عندما حاولوا الحصول على إجابات من وزارة العدل ورفضت السلطات الأمنية دخولهم للمحكمة.
 
"إنهم يعرقلون أي نوع من المراقبة من قبل الجمهور"، كما صرح "لوند كيتيل"، وهو عضو سابق في المحكمة العليا النرويجية، وكان عضوا في وفد اللجنة الدولية للحقوقيين للدفاع عن معتقلي الإمارات.
 
وأضاف: "هذا يثير المخاوف بشأن نزاهة المحاكمة". وتابع قائلا: "أعتقد أن السلطات تخشى من المحاكمة العلنية، فهم متخوفون من أن إجراءات المحاكمة ومعاملة المعتقلين لا تخضع للمعايير الدولية".
 
وقالت "ميلاني جينجال" من مركز الخليج لحقوق الإنسان، ومقره في المملكة المتحدة، إن الحملة والمحاكمة مؤشران آخران على تخلي دولة الإمارات عن التزامها بالديمقراطية والميثاق العربي، والتي قالت إن دولة الإمارات العربية المتحدة قد وقعته، فضلا عن دعوتها لحرية التعبير وتكوين الجمعيات.
 
"لقد تم (سابقا) اتخاذ خطوات صغيرة باتجاه الديمقراطية، ولكن في العامين الماضيين يبدو أنها تراجعت إلى حد كبير، ويظهر هذا في إبعاد محامين دوليين من المملكة المتحدة والنرويج ومنعهم من حضور المحاكمة"، كما قالت.
 
آسوشايتد بريس من أبو ظبي/ صحيفة "الغارديان" البريطانية
Exit mobile version