أرشيف - غير مصنف

متى يرحل مرسي ..؟!

 

هذه واقعة شهدها شاب أعرفه وهو على استعداد للادلاء بشهادته:
 
يوم السبت 9 مارس الساعة الرابعة بعد الظهر ذهب الشاب الى منطقة الاشتباكات أمام فندق شبرد على كورنيش النيل ، لاحظ الشاب ان المتظاهرين يحتلون أحد الارصفة و على الرصيف المقابل رأى ضباط وجنود الأمن المركزى ومعهم مجموعة كبيرة من الشبان الذين يتبادلون القاء الحجارة مع المتظاهرين بينما قنابل الغاز تنهمر بلا توقف . بدا واضحا ان الشبان الواقفين مع الأمن المركزى يخضعون لقيادة ضابط يعطيهم الأوامر .
 
 
عندما اشتد الضرب تمكن الشاب بعد مفاوضات من اقناع الضابط أنه مجرد عابر سبيل وليس متظاهرا . خرج الشاب من منطقة الاشتباكات وبعد عدة أمتار استوقفه رجلان وسألاه :
 
– كيف نذهب الى باب اللوق …؟
وصف لهما الشاب الطريق ولاحظ أن لهجتهما غير مصرية فسألهما عن بلدهما . عندئذ ابتسم أحدهما وقال :
– نحن اخوان لك من غزة .
رحب بهما الشاب ولم يتركهما حتى تأكد أنهما في طريقهما الى منطقة باب اللوق . .
 
 
هذه الواقعة لها دلالتان أولا أن قوات الشرطة تستعمل مرتزقة مدنيين وهؤلاء اذا تلقوا الأوامر يمكنهم أن يخربوا ويحرقوا أية منشآت فتنسب الجريمة الى المتظاهرين بينما تظل الشرطة بعيدة عن الاتهام والمحاسبة .
 
 
السؤال الأهم : ماذا يفعل اخوتنا القادمون من غزة وسط اشتباكات المتظاهرين مع الشرطة؟!
 
أنا لا أتهم أحدا ويسعدنى دائما وجود أهلنا من غزة في مصر لكنى أتساءل : هل من الطبيعي أن يعرض شخص غير مصري نفسه للموت ويقف في منطقة اشتباكات وسط طلقات الخرطوش والرصاص الحي ..؟!
 
 
لماذا يخاطر بحياته بينما هو لا ناقة له ولا جمل في الاشتباكات الدائرة بين الشرطة والمتظاهرين ..؟!
 
لماذا ذهب الشابان القادمان من غزة الى منطقة باب اللوق التى كانت في تلك الساعة مغلقة تماما بسبب مظاهرات عنيفة أدت الى احراق عدة محلات ومطاعم ؟!
 
ماعلاقة وجود هذين الشابين بما يردده خبراء أمنيون من استعانة الاخوان بعناصر من حركة حماس لتفيذ مخططاتهم في مصر ..؟!
 
لا جدوى من التحقيق في مثل هذه الواقعة لأن النائب العام الذى عينه مرسي بالمخالفة للقانون اتجاهاته معروفة.
 
 
الأحداث في مصر تندفع الى سياق غريب ومريب ..لقد استعمل مرسي وزير الداخلية محمد ابراهيم الذى أراد أن يقدم أوراق اعتماده للاخوان فارتكب جرائم بشعة في بورسعيد ومدن أخرى أدت الى استشهاد أكثر من 80 شهيدا خلال شهر واحد بخلاف مئات المعتقلين الذين تم تعذيبهم في معسكرات الأمن المركزي .
 
 
كل جرائم مرسي ووزير داخليته موثقة بالصوت والصورة وعشرات التقارير . أراد مرشد الاخوان أن يسيطر على الدولة المصرية ويفرض ارادته عليها باستعمال سياسة قمعية أشد من تلك التى استعملها مبارك .
 
 
على أن الثورة قد غيرت طريقة تفكير المصريين جميعا بمن فيهم ضباط الشرطة أنفسهم . استجاب بعض ضباط الشرطة لتعليمات وزير الداخلية فقتلوا وسحلوا وفقئوا العيون بالخرطوش وعذبوا المعتقلين بالكهرباء وهتكوا أعراضهم بل أمروا باغتصاب الرجال في أكثر من حالة موثقة . لكن قطاعا كبيرا من ضباط الشرطة رفضوا أن يستعملهم الاخوان كأداة لقمع المصريين كما فعل مبارك فأعلنوا الاضراب وطالبوا باستقالة وزير الداخلية حليف الاخوان الذى ظهر في مؤتمر صحفي لينفى كل الجرائم التى ارتكبها ثم راح يهدد المصريين اذا استمروا في التظاهر بأن الشرطة ستنسحب وتتركهم يتصرفون مع بعضهم البعض ..
 
 
في العالم كله اذا فشل مسئول في أداء عمله يقدم استقالته ويترك منصبه لمن هو أجدر منه أما في مصر فان وزير الداخلية بعد كل الجرائم التى ارتكبها يهدد المصريين بانسحاب الشرطة . أى أنه يخير المصريين بين الاذعان لارادة مرشد الاخوان أو الفوضى .
 
لم يقف الأمر عند ذلك فقد تقدمت وزارة الداخلية بمشروع الى وزارة العدل تقترح فيه اعطاء الضبطية القضائية لشركات الأمن الخاصة ..معنى ذلك ببساطة تمكين الاخوان من تكوين عشرات الشركات الأمنية الخاصة التى ستحصل على تصاريح بأسلحة ويكون بامكانها القبض على معارضى الاخوان والتنكيل بهم باسم القانون .
 
 
في نفس الوقت أعلنت الجماعة الاسلامية ( التى تحمل تاريخا طويلا من الارهاب وسفك الدماء ) عن تكوين ميليشياتها لحفظ الأمن .. كما ظهر الشيخ حازم أبو اسماعيل فجأة وأعلن أن أتباعه سينزلون الى الشارع وسيفعلون كل شيء من أجل حماية حكم الاخوان .
 
الأغرب من ذلك أن النائب العام ( المعين من مرسي ) أعلن أن من حق أى مواطن أن يقبض على المخربين . من حقي اذن ومن حق أى مواطن أن يقبض على أى مواطن آخر اذا اعتقد أنه مخرب .. من هو المخرب وما هي المعايير التى تحدد جريمة التخريب ..؟!
 
 
أى قانون هذا الذى يمنح الأفراد سلطة الدولة في القبض على الناس ..؟!
 
ماذا لو استعمل الناس الحق الذى منحه لهم النائب العام في تصفية خصوماتهم الشخصية .؟!
 
ان كلام النائب العام تصريح واضح لميليشيات الاخوان المسلمين حتى تحل محل الشرطة النظامية ..
 
انها للأسف دعوة خطيرة ستنتج عنها فوضى وستؤدى قطعا الى حرب أهلية لأن الاخوان اذا أنزلوا ميليشياتهم الى الشوارع فسيكون من حق معارضى الاخوان أن يشكلوا هم أيضا ميليشياتهم المسلحة ..ان الاخوان المسلمون لا يهتمون الا باحكام سيطرتهم على الدولة المصرية حتى ولو كان ثمن سيطرتهم سقوط مصر كلها في حرب أهلية أو كارثة سيدفع ثمنها أبناؤنا وأحفادنا .
 
ان شهوة الاخوان للحكم قد أعمتهم تماما فهم يواصلون تجاهل الواقع وانكار الحقيقة الساطعة . .
 
الاخوان يعتبرون ملايين المعارضين لهم من فلول النظام السابق أو عملاء للصهيونية أو معادين للاسلام تحركهم عداوتهم للشريعة.
 
في نفس الوقت الذى يخطب فيه الاخوان ود اسرائيل ويستعينون بالفلول ويعقدون الصفقات معهم ويعدون قانونا سيمكن الفلول الذين نهبوا مصر من العودة مكرمين معززين في حماية الاخوان .
 
لقد بات واضحا أن الاخوان لاعلاقة لهم بالاسلام لقد رفض مجمع البحوث ( أعلى سلطة فقهية في مصر ) مشروع الصكوك الاسلامية الذى قدمه الاخوان لكنهم حذفوا كلمة اسلامية وأصروا على تنفيذ المشروع برغم مخالفته للشريعة ..؟!
 
هل تتسق جرائم الاخوان مع مباديء الاسلام ..؟!
 
هل يقر الاسلام القتل والتعذيب والكذب والتزوير ..؟!
 
ان الاسلام لم يقدم نموذجا محددا للحكم وانما قدم مبادئ انسانية عامة : الحرية والمساواة والعدالة التى هي ذاتها مباديء الديمقراطية ،
 
كما أن تجارب الاسلام السياسي في ايران وافغانستان والصومال والسودان انتهت كلها بأنظمة استبدادية فاشية تظلم الناس وتقمعهم وتقتلهم باسم الدين .
 
 
– لقد كان أمام مرسي فرصة ذهبية لكى يجمع الأمة حوله ويحقق أهداف الثورة . كان بامكانه اعطاء نموذجا للرئيس الاسلامي الرشيد العادل لكنه نسف هذه الفرصة وأهدرها لحساب مكتب الارشاد .
 
المصريون تقبلوا فكرة حكم الاخوان وصوتوا لصالحهم ولعلنا نذكر فرحة ملايين الناس عندما أعلن عن فوز مرسي في انتخابات الرئاسة وخسارة شفيق ممثل النظام القديم .
 
لكن الذين هللوا لفوز مرسي سرعان ما فوجئوا بأنه شخص يعد ولا يفى أبدا ويقول شيئا ويفعل عكسه . رئيس غريب الأطوار منفصل عن الواقع عاجز عن اتخاذ القرار ينفذ تعليمات المرشد .
 
لقد وضع مرسي الاعلان الدستوري ليحطم النظام الديمقراطي ويضع نفسه فوق القانون ويحصن اللجنة التأسيسية الباطلة ومجلس الشوري الباطل ويفرض على المصريين دستور الاخوان ..
 
ان مرسي هو الذى أفسد علاقته بالمصريين وليس العكس .
 
الملايين الذين نزلوا الى الشوارع يحتفلون بمرسي هم الذين تظاهروا بعد أسابيع قليلة ليهتفوا بسقوط خكم المرشد.
 
انه لأمر بالغ الدلالة أن معظم الشهداء الذين قتلتهم شرطة مرسي أعطوه أصواتهم في انتخابات الرئاسة أى أنهم انتخبوه ليقتلهم . .
 
ان مرسي الذى عطل القانون وحنث في قسمه على احترام الدستور و قتل عشرات الأبرياء قد فقد شرعيته تماما وصار لزاما عليه أن يستقيل ويدعو الى انتخابات رئاسية مبكرة .
 
من البديهي في النظام الديمقراطي أن قتل المواطنين يسلب أى رئيس شرعيته لكن الولايات المتحدة فيما يبدو ستظل تدعم مرسي حتى لو قتل المصريين جميعا . لقد جاء وزير الخارجية الأمريكي خصيصا لكى يساعد مرسي على البقاء في السلطة برغم كل جرائمه .
 
من الوقاحة أن تزعم الولايات المتحدة أنها تدعم مرسي لأنه رئيس منتخب فقد كانت حركة حماس منتخبة في غزة ومع ذلك ناصبتها أمريكا العداء منذ اليوم الأول كما دعمت الولايات المتحدة الديكتاتور مبارك بل ان أقرب حلفاء أمريكا هو النظام السعودى الاستبدادي الذى ينتمى سياسيا الى العصور الوسطى . ..
 
 
الولايات المتحدة تدعم الاخوان لأن وجودهم في مصلحتها ومصلحة اسرائيل ولو أنها استشعرت أقل خطر من الاخوان لانقلبت عليهم ولأدانت عندئذ الجرائم التى يرتكبونها كل يوم في حق المصريين .
 
لم يستوعب الاخوان الدرس من سقوط مبارك .
 
لم يتعلموا أن أمريكا لا تلعب الا مع الفائز وأنها تظل تدعم الديكتاتور فاذا تأكد سقوطه نفضت يدها عنها .
 
لم يتعلموا أن الدعم الخارجي للحاكم لايمكن أن يغنيه عن تأييد الشعب .
 
ان الاخوان يتعاملون مع الواقع بأدوات قديمة لم تعد تصلح . لا ارهاب المصريين صار يجدى ولا القتل ولا التعذيب قادران على ترويع المصريين واثنائهم عن المطالبة بحقوقهم ولا بضعة مقاعد في البرلمان تصلح لرشوة الثوريين . حتى الجرائم التى ارتكبتها الشرطة لحماية مبارك لم يعد بامكانها أن تعيد ارتكابها لحماية مرسي .
 
 
البيانات الكاذبة والأرقام الاقتصادية الدعائية المختلقة والشعارات الرنانة للتغطية على جرائم النظام . كل هذه أساليب انتهت صلاحيتها مع مبارك والاخوان يحاولون استعادتها فيفشلون . لم تعد القضية الآن ماذا يقرر مرسي وماذا يفعل وانما متى يرحل عن الحكم ..
 
كيف نتعامل مع رئيس قتل مواطنيه .؟!
 
ان مبارك محبوس بتهمة قتل المتظاهرين وهي ذات الجريمة التى ارتكبها مرسي . لابد أن يرحل مرسي ويحاكم كما رحل مبارك وحوكم .
 
ان الاضراب العام يجب أن يتصاعد ويمتد الى جميع قطاعات المجتمع حتى يصل الى العصيان المدنى الشامل .هذه الطريقة الوحيدة لكى يمتثل الاخوان للارادة الشعبية ويذعنوا لمطالب الثورة : اسقاط الدستور وانتخابات رئاسية مبكرة واقالة النائب العام ومحاكمة قتلة الشهداء وأولهم مرسي ومحمد ابراهيم وزير الداخلية. الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها
 
 
أما الاخوان المسلمون فسوف يسقطون وسيدفعون ثمن جرائمهم قريبا …أقرب مما يظنون .
 
د. علاء الأسواني

زر الذهاب إلى الأعلى