أرشيف - غير مصنف
لماذا يهاجر الإعلاميون السعوديون؟
أكثر سؤال تم تداوله في السنوات العشر الأخيرة هذا السؤال، لماذا يعمل السعوديون في وسائل إعلام عربية خارج السعودية، لا يمضي وقت إلا وتتناول صحيفة سعودية هذا الموضوع بطريقة أو بأخرى، مؤخرا تحدثت صحيفة «الحياة» عن هذا الموضوع، وجريدة «اليوم» الصادرة في المنطقة الشرقية أشارت له أيضا في تحقيق صحافي عن الهجرة إلى قطر، وأعتقد أننا نكرردائما ما يقال في هذه القضية، هناك أسباب واضحة ويجب معالجتها بشكل جذري.
لا أنظر كسعودي للمسألة بسلبية، هناك جوانب إيجابية كثيرة في هذه القضية، منها ما يتعلق بكفاءة الإعلاميين السعوديين وقدرتهم على المنافسة في قنوات عابرة للحدود، إضافة لما يمكن اكتسابه من خبرات في العمل المفتوح والمختلط، وأثر ذلك ومردوده على الحالة الإعلامية السعودية، لكن علينا أيضا الحذر قليلا إذا كان خيار العمل في الخارج هو الخيار الطاغي أمام الراغبين في العمل الإعلامي، وأن تتحول وسائلنا الإعلامية المحلية إلى مقبرة للكفاءات والموهوبين من الشباب أو أصحاب الخبرة، المجال الإعلامي مجال حيوي في المجتمعات الحديثة، ولا يجب التساهل مع المعايير اللازمة والضرورية للحفاظ على بيئته صحيةً ومثالية.
لماذا يعمل الناس في قطر؟ هذا سؤال ملحق بالسؤال الرئيسي لهذا المقال، وأشارت له جريدة «اليوم» في تحقيقها الصحافي، هناك مؤسسة واحدة كبيرة استقطبت السعوديين وغيرهم، شبكة الجزيرة بقنواتها المختلفة الإخبارية والرياضية، ولا علم لي بأعداد كبيرة من السعوديين في القناة الإخبارية، خاصة في القطاع التحريري والصحافي، لكني على يقين بوجود أرقام لا يستهان بها من الكفاءات في الجزيرة الرياضية، المجال الذي يستهوي أكبر جمهور في السعودية وخارجها، وهذا يثير تساؤلا كبيرا حول قدرتنا على النجاح في تأسيس وإدارة قنوات إعلامية رياضية تخاطب هذا الجمهور الواسع وتستوعب اهتماماته، كما فعلت قطر في الجزيرة الرياضية وقنوات الدوري والكأس على سبيل المثال، وأستطيع أن أختصر المسألة على النحو التالي:
كان هناك إرادة حقيقية بإنشاء مؤسسات إعلامية ناجحة، تم اتخاذ القرارات الصحيحة، وأديرت الأمور على أساس الكفاءة وتم تجاهل الاعتبارات الأخرى، بعد ذلك جرت الأمور في المسار الصحيح.
يتصور البعض واهما أن العائد المادي هو الأمر الوحيد الذي يقف وراء النجاح، وقد يصدم البعض لوعرف أن بعض ما يتقاضاه «الحكوميون» في وسائل الإعلام، يتجاوز ما يحصل عليه نجوم الإعلام في أكثر من مكان، المال ليس كل شيء، هناك أهمية كبرى لقضية الرواتب والامتيازات التي يحظى بها الإعلامي الناجح، لكن لا تكفي وحدها لتأسيس عمل إعلامي متكامل وناجح، بل إن الطفرة التي تحدث أحيانا في العوائد والامتيازات تعكس خللا ما يجب مواجهته وتصحيحه. الإعلام بيئة متكاملة لا يمكن التعويل على عنصر من عناصرها وتجاهل الجوانب الأخرى.
في دبي والإمارات بشكل عام وجود صحافي سعودي واضح، قناة العربية استقطبت أعدادا لا بأس بها من السعوديين بحكم اهتمامها بالشأن السعودي، والقنوات الأخرى الموجودة في الإمارات تعج بالسعوديين من كافة المهن، وقبل الإمارات كان عمل السعوديين في القنوات اللبنانية أمرا لافتا، ما يضعنا أمام حقيقة مهمة، هناك ما لم يستوعب في الداخل السعودي، إعلاميون توزعوا على عدد من البلدان بحثا عن فرصة العمل الإعلامي وفق تصوراتهم لهذا العمل، وإن كان في هذا الأمر جوانب إيجابية كما ذكرت في البداية، إلا أنه يشير بشكل واضح إلى عجز حقيقي في التعامل مع هذا المجال وإدارته بشكل سليم، سواء من ناحية الإدارة والتنظيم والامتيازات وحقوق العاملين، أو من حيث الأجواء التي تسمح بإنتاج إعلامي دون قيود مشددة، وتقدم الحماية الكافية للمؤسسات والأفراد العاملين بها.
علي الظفيري
العرب




