جبهة الإنقاذ .. هل فشلت المهمة أم فشلت عملية توظيف المكاسب!

 

لفت نظري تصريح للقيادي المعارض عبد الغفار شكر عن جبهة الإنقاذ، يصرح فيه بأن: جبهة الإنقاذ لم تتقدم خطوة للأمام، وهذا الكلام ربما يتلقفه بعض معارضي الجبهة في اتجاه مغاير لحقيقة الواقع، وتعليقي عليه يأتي في نقاط محددة أسردها بتفصيل:
 
– كلام عبدالغفار شكر، وهو "سياسي" قوي، يأتي في سياق مختلف تماما عما يميل له البعض من توصيف الموقف على أنه فشل سياسي لجبهة الإنقاذ، فما منحته جبهة الإنقاذ من غطاء سياسي "ثوري" لكل الأحداث خلال الفترة السابقة وفر لهذه التفاعلات السياسية مساحة لم تكن لتحدث تحت أي غطاء سياسي آخر.
 
– فالأحداث أحدثت تحولا مهما في لعبة السياسة وشكل العلاقة بين "الشعب" والسلطة، فالاضطرابات أنتجت معطيات جديدة كليا في الساحة السياسية وعلى رأسها تراجع شعبية الإخوان ويليهم بقية الإسلاميين في إمكانية حسم المعركة الانتخابية القادمة بشكل "مريح"، وبهذا يتم وضع الإسلاميين تحت هواجس عدم القدرة على تشكيل حكومة بأغلبية مريحة!
 
– أيضا أنتجت الأحداث انشقاقا مهما وشقاً طوليا في التحالف الإسلامي (الإخواني – السلفي)، وفي ظله أيضا حدثت تصدعات داخل النسق (السلفي – السلفي)، وبرزت أدوار لأحزاب غير إخوانية تنتمي ليمين الوسط كحزب "الوسط" وأحزاب تصنف نفسها على أنها يسار الوسط كـ"مصر القوية"، وهي أحزاب تطمح أن تكون مستفيدة من فقدان شعبية الإخوان في الشارع.
 
– كذلك أثرت الأحداث في شكل الانتخابات الطلابية في جامعات هامة، وبروز أحزاب كمصر القوية داخل دائرة العمل الطلابي بقوة، كما صعد التيار الشعبي في كليات "التجارة والحقوق" على مستوى الجامعات بشكل بارز، بل إن قوائم نجحت وكان جوهر دعايتها الرئيس قائم على المناداة بجامعة بلا إخوان.
 
– أما على مستوى جبهة الإنقاذ، فقد فشلت في تحويل كل هذه الفرص إلى مكاسب حقيقية لها، فأي كيان سياسي مشارك في لعبة السياسة الحالية لابد أن يقدم نفسه كبديل متكامل ويحاول أن يقتنص المكاسب الناتجة عن موقفه السياسي، لا أن يدع هذه المكاسب يستفيد منها أحزاب تطرح نفسها كبديل بعيدا عن جبهة الإنقاذ، والأمر الآخر أن الجبهة حصدت مقدارا كبيرا من الكراهية، فربما هي نجحت في تطويق الإخوان وحصارهم شعبيا بهذه الأحداث بنسبة ما، ولكنها في المقابل كانت كالمادة الفعالة التي احترقت تماما ليكتمل التفاعل.
 
– وبالنسبة للمستفيد الحقيقي والفعلي من هذه الأحداث وتبعاتها واستحقاقاتها الانتخابية، باعتبارها الثمرة الحقيقية التي سيتم حصادها، وليس شيئا آخر، فهي تشكيلات الفلول السياسية الواسعة (بقايا النظام السابق) التي أصبح ينظر لها على أنها المخلص والبديل الحقيقي للإخوان في كثير من قطاعات الريف المصري ومناطقه الشعبية، بل وحتى المراكز البرجوازية في مصر، فالفلول الآن يعملون في صمت لتوظيف كل المكاسب لصالحهم في الانتخابات القادمة.
 
– الأمر الآخر في التوظيف "الفلولي" الذكي للأحداث، أنهم لا يدخلون لعبة الانتخابات هذه من "باب واحد"، وإنما من أبواب "متفرقة"، فهم يعتمدون بشكل كبير على فكرة قوائم "المستقلين" و"الفردي" كمدخل مهم لحسم هذه المواجهة، فهم لا يرغبون في الدخول تحت راية حزب يسهل قصفه إعلاميا بسهولة أو تحت أي عنوان يمكن ضربه، بل يفضلون أن يعملوا تحت عناوين مختلفة وأشكال شبكية لا يمكن فهمها أو إدراك حراكها بشكل ملحوظ أو في نسق مترابط.
 
– ولهذا، أرى أن المكون الفلولي في مصر بل وفي تونس أيضا متمثلا في حزب "نداء تونس" التابع للباجي قايد السبسي، والذي يضم أغلب فلول بن علي، أصبحا الآن يشكلان كتيبة العودة والمنافس الرئيس في الحياة السياسية، ومعهم فوق كل ذلك المكون "الدعائي" المتمثل في الإعلامي الذي يملكه في كلا الدولتين رجال أعمال معدودين على الأصابع يدعمون بكل قوة منذ اللحظة الأولى.
 
أنس حسن / إعلامي مصري والمدير السابق لشبكة رصد الإخبارية
Exit mobile version