أرشيف - غير مصنف
التصريحات الفرنسية حول تسليح المعارضة السورية

لا شك أن الذي استمع إلى تصريحات هيغ في الشهر الثامن من العام المنصرم، حول رفضه تسليح المعارضة السورية ثم ما تبعها من تصريحات فرنسية تصب في الموقف ذاته، يستغرب عند سماعه تصريحات "كامرون" الجديدة و تصريحات "لوران فابيوس" وزير الخارجية الفرنسية التي أطلقها أمس.
فبعد خفوت الموقف الفرنسي والبريطاني من الثورة السورية يعود اليوم ليشتد من جديد. كان واضحاً لنا في مرحلة ما أن فرنسا تغازل بشار الأسد سرّاً، وتجلّى ذلك عندما صمتت الحكومة الفرنسية عن قتل نظام الأسد لصحفييها، وقد نشرت بعض الصحف تقارير تشير إلى أن الجزائر قايضت فرنسا على السماح بمرور طائراتها المتجهة إلى محاربة الإسلاميين في مالي، مقابل أن تخفف باريس ضغطها على بشار الأسد، وقد نشرت إحدى الصحف الجزائرية خبراً يقول إن فرنسا أعادت السفيرة السورية إلى منصبها في باريس، لتقوم بعملها بشكل طبيعي بعد أن طردت في وقت سابق.
ندرك أن انشغال فرنسا بأحداث مالي، وخوفها من صعود الإسلاميين، قد لعب دوراً ما في ابتعاد باريس لفترة وجيزة عن الملف السوري. وندرك أيضاً أن تبعية فرنسا للموقف الأمريكي المتأرجح لعب دوراً مماثلاً، خاصة بعد أدرجت الخارجية الأمريكية جبهة النصرة على لائحة المنظمات الإرهابية.
تستعيد الصحف الفرنسية اليوم موقفها القديم من الثورة السورية، وتمتلأ صفحات "اللوموند" و"أوبزرفاتور" بأخبار الثورة السورية، العسكرية والسياسية.
فبعد حملة الخوف من التطرف الإسلامي وتحويل سورية إلى أفغانستان وخطر المجاهدين الفرنسيين على فرنسا وأوربا معاً، عادت الصحف الفرنسية اليوم للهدوء والروية في التعامل مع الشأن السوري، ومن عشرين خبراً ومادة في لوموند لا تجد إلا إشارة يسيرة إلى مسألة التطرف، بينما تركز الصحيفة بشكل واضح على أهمية تصريحات فابيوس. وعلى الوضع الإنساني المزري للسوريين وضرورة الإسراع بالحل.
يدرك" فابيوس" اليوم أن "فرنسا أمة ذات سيادة ولن تنتظر موافقة الاتحاد الأوروبي على تسليح الثوار" بل ستقوم فرنسا وحدها بتسليح الجيش الحر ويضيف "يجب أن نتحرك سريعا و سنطلب مع البريطانيين تقديم اجتماع الاتحاد الأوروبي بحيث يكون قبل نهاية هذا الشهر". فابيوس يقول: نحن لا يمكن أن نقبل الخلل الحالي فإيران وروسيا توردان الأسلحة إلى بشار بينما لا يستطيع الثوار الدفاع عن أنفسهم، وأخيراً يرى فابيوس أن مساعدة الثوار بالسلاح سيحرك المسألة السياسية وسيساهم في الحل السياسي.
لا شك أننا نرحب بالخطوة الفرنسية الجديدة وهذا ما طالبنا به منذ سنتين. ولكن التساؤ ل المطروح أ لم تكن فرنسا أمة ذات سيادة منذ سنتين؟ وهل كانت إيران وروسيا مكتوفتي الأيدي منذ سنتين، وهل لاحظ السيد وزير الخارجية أن إيران وروسيا تقفان مع بشار الأسد فقط هذه الأيام؟
لن يكون مفيدأ الإكثار من الأسئلة، فلكل بلد مصالحه في المنطقة. وقد أدرك الفرنسيون كغيرهم، أن الجيش الحر على أبواب القصر الجمهوري وما بقي إلا القليل، فأسرعت لتظهر للسوريين وللرأي العام المحلي أن باريس تساهم فعلياً في تحرير سوريا.
د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام. فرنسا




