قالت مصادر دبلوماسية غربية إن الرئيس السوري بشار الأسد يحاول أن يبدو منزعجا من حديث فرنسي بريطاني أميركي عن تزويد المعارضة بالسلاح، لكنه يتمنى أن تصل تلك الأسلحة ليتخذ منها ذريعة ليقنع المقربين منه بضرورة مواصلة المعركة إلى الآخر.
وذكرت المصادر أن الأسد يريد خلط الأوراق من جديد خاصة بعد تسرب الشك بصفة جلية إلى أطراف محيطة به خاصة العسكريين الذين يخوضون المعارك على الأرض.
وأكدت المصادر ذاتها أن الرئيس السوري يريد أن يقنع المقربين منه، الذين لم يعد يرتاح لصمتهم الطويل في اللقاءات، بأن مصيرهم جميعا واحد ولا بد من الصمود لأن المعارضة التي تملك السلاح ستتولى الإجهاز على الجميع إذا انتصرت.
ويقول مراقبون إن المقربين من الأسد لم يعودوا يؤمنون بأن مصيرهم متساو معه، فهم يعتبرون أن حظوظه في النجاة وافرة من خلال انسحابه من الحكم في آخر لحظة في سياق خطة أو مبادرة برعاية روسية أو عربية، كما يمكن أن يتم البحث له عن لجوء سياسي في بلد آخر.
يشار إلى أن تسريبات سابقة ذكرت أن دوائر إقليمية ودولية عرضت على الأسد اللجوء إلى أكثر من بلد مع ضمان أمنه وأمن أسرته، مقابل إعلان تخليه عن السلطة وتسهيل الانتقال السياسي وفق خطة المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي.
وكشفت المصادر عن أن قيادات عسكرية مؤثرة لم تعد ترتاح لما يردده الأسد عن المصير المشترك سواء بالنسبة إلى ابناء الطائفة العلوية أو أبناء حزب البعث، وأن حالة من الخوف انتابت الجميع خاصة بعد سقوط الرقة واعتقال المحافظ، ما عدته تلك القيادات مؤشرا على بداية ضعف حقيقية.
بالتوازي، كرر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الأحد لقناة فرانس 3 العامة أنه يجب تسليح المقاتلين السوريين المعارضين وإلا “فقد ينتصر” تنظيم القاعدة.
وقال فابيوس “إذا أردنا التوصل إلى حل سياسي (في سوريا) يجب تحريك الوضع العسكري ميدانيا وتسليح مقاتلي المعارضة للتصدي للطائرات التي تفتح النار عليهم”.
وأعربت فرنسا الأسبوع الماضي – كما بريطانيا – عن دعمها لرفع الحظر الأوروبي على الأسلحة إلى سوريا مطالبة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باتخاذ قرار في هذا الاتجاه سريعا.
واعتبر محللون أن الإصرار الفرنسي البريطاني على تسليح المعارضة يزيد من الضغوط على المقربين من الأسد الذين أصبحوا مقتنعين بأن الخيار العسكري لم يعد يجدي نفعا، فهو قد لا يحقق فوز المعارضة، لكنه بالتأكيد لن يعيد الاستقرار للنظام ولا أمنهم الشخصي ولا أمن أسرهم.
وأشار المحللون إلى أن أصواتا مؤثرة في دائرة النظام أصبحت تبحث عن مخرج مشرف بضمانة محايدة، وهم يقولون إن التطمينات الروسية المستمرة لا تكفي لأن روسيا يمكن في أي لحظة أن تبحث عن مصلحتها وتقبل بخطة دولية تنقذ الأسد كشخص وتترك مؤسسة النظام أمام الانتقام كما جرى في العراق 2003 وليبيا ما بعد ثورة 17 فبراير 2011.
إلى ذلك، حذّر وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، من أن الفشل في تزويد مقاتلي المعارضة بالأسلحة سيزيد من مخاطر الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا، وشدد على أن تخفيف الاتحاد الأوروبي من حظر الأسلحة سيخفف هذه المحنة.
وقال هيغ لشبكة سكاي نيوز إن نقل الأسلحة “يجب أن يكون خاضعاً للسيطرة ويتم بعناية فائقة وخاصة ما يتعلق بنوعيتها وطرق مراقبة ما تم إرساله منها، والحصول على ضمانات بوجود حاجة إليها من الجماعات المتلقية”.
ويتوقع مراقبون أن يكون للورقة الإنسانية ثقل كبير في الدفع باتجاه حلحلة الصراع في سوريا خاصة أن الأزمة خرجت من دائرة معاناة اللاجئين إلى قضية إقليمية خاصة في دول الجوار – مثل لبنان والأردن – التي لا تستطيع أن تتحمّل أعباءها.
ويسعى الأردن على وجه الخصوص إلى الدفع باتجاه حل سياسي، ويعلن أنه على مسافة واحدة من طرفي الصراع.
وقال وزير الخارجية ناصر جودة أمس إن بلاده ليس في نيتها إغلاق الأبواب أمام النظام السوري وإنها لن تقطع شعرة معاوية معه، وأن الأردن “لا يرغب في التخندق مع أي فريق ضد آخر لكي يكون مقبولا بفتح باب الحوار مع طرفي النزاع″.