غولدبرغ: هل سيصمد العاهل الاردني امام رياح الربيع العربي؟

 

ليس من السهل بالضرورة ان تكون ملكا في دول الشرق الاوسط حيث يوجد نفط، كما انه ليس من المفرح ان تون ملكا خلال الاضطرابات وموجة الربيع العربي، وليس من الجيد على الاطلاق ان تكون ملكا حين يتبخر الغموض الذي كان يلف عرشك، الا انه عندما يتم حجز سرب من المروحيات لتكون في خدمتك فعندها يصبح من الممتع ان تكون ملكا، وفق الكاتب جيفري غولدبرغ في مقال ورد في موقع اتلانتيك.
 
ويوضح الكاتب انه في احدى المرات، قصد الملك الاردني مهبط للطائرات يقع على الطرف الغربي من العاصمة عمان، وصعد العاهل الاردني الذي كان يافعا حينها وخدم كقائد في القوات الخاصة الملكية الاردنية الى مقعد الطيار وتحدث مع مساعد الطيار وهو رجل موثوق به من السرب الملكي، وانطلق الى مدينة الكرك والتي هي من افقر المدن لتناول الغداء مع زعماء القبائل في الاردن، والذين يشكلون العمود الفقري للنخبة السياسية والعسكرية في الاردن.
 
ويوضح جيفري ان اكثر من نصف الاردنيين هم من اصل فلسطيني، من الضفة الغربية لنهر الاردن في حين ان زعماء القبائل هم من الضفة الشرقية، واعتمد ملوك الاردن على الشرق اردنيين للدفاع عن عرشهم، وبالتالي فان العلاقة بينهما هي كالتالي: مقابل دعمهم للديوان الملكي فان قادة القبائل يتوقعون من الهاشميين حماية امتيازاتهم والحد من سلطة الفلسطينيين، واللافت انه عندما اظهر الهاشميون اهتماما غير كافيا بهذه المسألة بدأت المشاكل تعصف في الاردن.
 
واشار الكاتب الى ان هدف الملك الاردني من زيارة الكرك والاجتماع بزعماء القبائل هو حث هؤلاء على اهمية الديمقراطية التمثيلية قبل الانتخابات البرلمانية في كانون الثاني/ يناير، اذ انه اراد ان يرى الشعب الاردني وهو يبني احزاب سياسية ذات ايديولوجيات واسعة وبالتالي التأسيس لثقافة سياسية ناضجة في البلاد.
 
كما اكد الملك انه يريد ان يرى تمثيلا اكبر للفلسطينيين في البرلمان، من دون ان يسمح للاخوان المسلمين باختطاف الاصلاح الديمقراطي باسم الاسلام، وبعبارة اخرى فان الملك يريد تحقيق الاصلاح السياسي في الاردن والتنازل عن بعض سلطاته للشعب انما للاشخاص المناسبين.
 
واشار جيفري الى ان الملك عبد الله بات بمثابة المصلح السياسي والاجتماعي، فهو يدرك ان العرش الهاشمي وحتى الاردن نفسها لن تبقى على حالها خلال العقود القادمة ما لم يجعل بلاده تتجه نحو الحداثة.
 
واعتبر الكاتب انه من المعجزة ان يصمد الملك حتى هذه اللحظة، فهو نجا باعجوبة من الشرارة الاولى للربيع العربي والتي اطاحت بقادة تونس ومصر وليبيا.
 
ومن الناحية الجغرافية فان وضع الاردن خطير، اذ انه من الشمال نجد سوريا حيث هناك دولة فاشلة في طور التكوين، والى شرقها محافظ الانبار العراقية الدموية، والى غربها اسرائيل، من ناحية اخرى فان القاعدة تنوي قتل الملك الاردني والنظام الايراني لا يحبه لا سيما بعد ان ندد في العام 2004 بالهلال الشيعي الذي يخيم على منطقة الشرق الاوسط، والاردن تعتمد على الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي ودول الخليج لتغطية ميزانيتها.
 
اما بالنسبة الى المظاهرات فكانت متواضعة في الاردن مقارنة مع سائر الدول العربية، الا انها كانت عنيفة، فقد وصف المحتجون الملك الاردني ب"علي بابا" وعائلته بالاربعين لصا، واستهدفوا بشكل خاص الملكة رانيا التي تعتبر رمزا في مجال الموضة.
 
ويعترف الملك ان قلة خبرته تفسر فشله احيانا في القيام باصلاحات سياسية معينة، واللافت ان بعض الاصلاحات التي يحاول فعلها اليوم مثل بناء احزاب سياسية، اعادة صياغة قوانين الانتخابات لجعل البرلمان اكثر تمثيلا، كلها كانت على جدول اعماله في السنوات الماضية، غير انه عقب الربيع العربي الذي اطاح بالانظمة الاستبدادية في جميع انحاء المنطقة، تمكن الملك عبد الله من وضع نظام جديد للانتخابات، اذ انه تم ملء 27 مقعدا من اصل 150 مقعدا في مجلس النواب بالتصويت الوطني، واعتبرت الملكة رانيا ان الربيع العربي قدم فرصة لكي يتمكن زوجها من القيام بالاصلاحات السياسية.
 
الا ان الوقت لا يصب في صالح العاهل الاردني، وفي هذا السياق قال احد الاشخاص ان الامور قد وصلت الى الشوارع وارتفع مستوى الاحباط وبالتالي فانه يتعين على الملك وضع خط زمني محدد والا سيكون علينا ان ننتظر اكثر من 30 عاما قبل ان نحظى ببرلمان قادر على ممارسة السلطة الحقيقية.
 
واكد الكاتب ان استقرار الاردن هو امر بالغ الاهمية بالنسبة الى الولايات المتحدة، اذ ان الملك عبدالله يعد شريكا اساسيا في مكافحة الارهاب الاسلامي، فضلا عن اهميته بالنسبة الى اسرائيل والدول الخليجية، وفي هذا الاطار قال مسؤول خليجي" اذا كنت لا تؤيد الملك عبدالله فانت تقيض المعتدلين في جميع انحاء المنطقة وسوف ينتج عن ذلك منطقة من المتطرفين".
 
هذا ويسعى الملك عبدالله ليكون نجله رمزا للوحدة الوطنية، ومصدرا للتوجيه المعنوي، فاقصى تمنيات الملك حاليا ان يصبح ابنه ملكا للاردن حيث يعيش الناس بسعادة ويحبون النظام الملكي تماما كما يحب الشعب الانجليزي الملكة اليزابيث.
 
Exit mobile version