أرشيف - غير مصنف

هذه القرارات الخطيرة الغامضة

 

على مدار الأسابيع الماضية تصدر قرارات من النائب العام أو بعض الأجهزة الرقابية تثير الفزع بين رجال الأعمال وتطيح بالبورصة وتربك الاقتصاد المرتبك أصلًا ثم يعود القضاء بعد أسبوع أو أسبوعين ليحكم بإلغاء تلك القرارات باعتبار أنها بنيت على باطل أو كان فيها تعجل أو خلل ما، تكررت تلك الوقائع مرارًا في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد من الترنح والتآكل الذي ينعكس على واقع حياة الناس، فبدلًا من أن نسمع عن فتح مصانع جديدة كل يوم أو شركات أو ضخ الأموال في شريان الاقتصاد نسمع عن رجال أعمال يغلقون مصانعهم أو يجمدون شركاتهم أو يلغون قرارات سابقة لهم بضخ أموال في مشروعات جديدة، وآخر تلك الوقائع المتعلقة بالتحفظ على أموال أكثر من عشرين رجل أعمال مصري وعربي، جميعهم تقريبًا من الديناصورات الاقتصادية، أي الشخصيات ذات الثقل الملياري والذين كانوا يخططون للتوسع في أعمالهم في مصر أو كانت لهم مصالح قائمة بالفعل تفتح بيوت مئات الآلاف من الأسر المصرية وتخفف عبئًا ثقيلًا عن الدولة والحكومة، وأنا في حيرة حقيقية من مثل تلك القرارات، فلو أنها صدرت من النائب العام السابق عبد المجيد محمود لقلنا بقلب جامد أنها مؤامرة على الرئيس مرسي ومحاولات لضرب جهوده لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني وحماية ما تبقى منه من الانهيار، ولكنها تحدث الآن على يد النائب العام الجديد الذي من الصعب أن نتهمه بمثل ذلك لاعتبارات عديدة، وأيضًا الجهاز الآخر الذي يخوض هذه الوقائع يصعب اتهامه بنفس المنطق والخلفيات، ويبقى السؤال الضروري، ما الذي يحدث؟ وما الهدف منه؟، أذكر أني عندما التقيت بالرئيس مرسي قبل عدة أشهر في قصر الاتحادية ومعنا حوالي ستة من الإعلاميين قال لنا إنه حريص على أن يبعث برسائل طمأنة لرجال الأعمال، وأنه لن يلجأ إلى أي إجراءات تعسفية أو استثنائية حتى لا تصاب الحياة الاقتصادية بالفزع، وإن كان للدولة حق لدى أحدهم سيتم الوصول إليه بالحوار والنفس الطويل، وهذا ما يحدث بالفعل في بعض الملفات مثل قضية أرض العياط حيث أهدرت على الدولة فيها أكثر من ثلاثين مليار جنيه مصري، وما زال الملف لم يتحرك والدولة بالها طويل على الآخر فيه، والغريب أن النيابة العامة أو الأجهزة المعنية لم تستخدم مخالبها في ذلك الملف رغم أنها استخدمتها في ملفات أقل كثيرًا منه حجمًا وخطورة، فبماذا نفسر هذا الذي يحدث؟!  وهل بمثل هذه القرارات الجزافية والعنيفة يمكن أن نطمئن رجال الأعمال على ضخ أموالهم في مصر؟  كيف يضخ رجل أعمال مليارات الجنيهات من أمواله ثم يصبح عليه الصباح على قرار بشرطة قلم من أي جهة ليجد أمواله كلها مجمدة ومغلولة يده عنها وهو نفسه مهدد بالسجن أو ممنوع من السفر والحركة؟ ودعك عن مهانة الزفة الإعلامية له كلص وناهب للمال العام، وفي ملف ساويرس أيضًا، لم أكن يومًا متعاطفًا معه، ولكن أوراسكوم أحد أعمدة البورصة المصرية والاقتصاد الحالي وما زلنا نذكر الضجة الهائلة لقرار منعهم من السفر، رغم أنهم خارج البلاد، والغارة الإعلامية عليهم، ثم فاجأتنا الضرائب أمس ـ بعد أسبوعين فقط ـ بأنها تقترب من تسوية عادلة للمشكلة مع آل ساويرس، طيب لماذا كانت القرارات المروعة التي أطاحت بالبورصة عدة أسابيع وأرسلت رسالة خاطئة لمن هم أبعد من ساويرس، طالما أنه بيدكم إمكانية الحوار والوصول إلى حلول وسط بعيدًا عن إثارة الفزع بين المستثمرين، بصراحة، هناك خطأ ما في إدارة الملف الاقتصادي، هو لا يقل سوءًا عن أخطاء إدارة الملف السياسي.
 
جمال سلطان
 
المصريون

زر الذهاب إلى الأعلى