أرشيف - غير مصنف

أوقفوا مجزرة اللغة العربية

( إنظمت الفتات للمضاهرة التي نضمتها جمعيات نسائية لدسترة حقوق المرأة وتثبيت المسواة بين الرجل والمرأة والإسراع بتحديد موعد للإنتخبات كما طالبت هذه الفعليات النسوية  بوظع حد لعمليات التظليل التي تمارسها الحكومة )

أصبح عاديا ومألوفا أن تعترضك مثل هذه الجملة التي تحتوي على ثمانية أخطاء لغوية دفعة واحدة وفي سطر واحد وهذا مما يكشف ضحالة التكوين اللغوي عند جيل من الشباب الذي دمره نظام بن علي ليس لغويا فقط بل ثقافيا وفكريا أيضا .

فمن المسلم به أن اللغة هي محمل الفهم وسند الفكر والتكوين اللغوي البائس والضحل لا يمكن أن ينتج إلا فكرا بائسا ضحلا وهذا مما ينذر بالهلاك والخراب فلا خير في شعب لا يتقن لغته ولا يملك ناصية التعبير وتبليغ المعاني وغير متمكن من أبسط آليات الكتابة .

.
وتشتد الغرابة حين تعلم أن كاتب الجملة سالفة الذكر ليس ممن هجر مقاعد الدراسة مبكرا بل قد يكتبها من له مستوى تعليمي مرموق ودرس في الجامعة التونسية .

وقد إنتقلت هذه العدوى وهذا الوباء للجرائد الورقية والمحطات التلفزية التي أصبحت في بعض الأحيان لا تفرق بين الضاد والظاء وبين التاء المفتوحة في آخر الجملة والتاء المغلقة والمجازر اللغوية المرتكبة في حق اللغة العربية أكثر من أن تحصى أوتعد

ومازلت أذكر ذلك الصديق الكريم الذي يحمل الفكر القاعدي الجهادي وطلبني بكل قوة وحزم ووثوق في النفس وفي سلامة المنهج الذي يتبعه للمناظرة والمجادلة قائلا لي :
هل تدخل معي في مناضرة علنية لأبين لك فساد منهجك وبطلان عقيدتك . فأجبته بكل أريحية :
كلمة (مناظرة )تكتب هكذا ولا تكتب هكذا (مناضرة ) فكيف لي أن أخوض غمار مناظرة فكرية مع من لا يحسن تركيب الجمل العربية ويرتكب أخطاءا لغوية ونحوية وإملائية ومن سقمت لغته سقم فكره فلاذ صاحبنا بالصمت وألقم حجرا

إن الاستثمار في اللغة من مسؤوليات الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني وهو مشروع استثماري كالاستثمار في الأدوات المالية. ومن أدوات السياسة اللغوية المعاجم والترجمة و الترجمة الآلية وبرمجيات معالجة اللغات الطبيعية والنشر والتعليم ويقيننا راسخ أنه لا تنمية فكرية ولا تنمية إقتصادية بدون تنمية لغوية

وقبل أن أختم المقال أريد أن أبين أن الجملة المذكورة في أول المقالة تكتب هكذا :(إنضمت الفتاة للمظاهرة التي نظمتها جمعيات نسائية لدسترة حقوق المرأة وتثبيت المساواة بين الرجل والمرأة والإسراع بتحديد موعد للإنتخابات  كما طالبت هذه الفعاليات النسوية  بوضع حد لعمليات التضليل التي تمارسها الحكومة )

فمتى تتوقف المجازراللغوية المرتكبة في حق اللغة العربية وهل يقدر وزير التربية والتعليم الجديد في تونس الدكتور سالم الأبيض القومي العروبي المتأصل على إصلاح ما أفسده نظام بن علي من تجهيل متعمد ومقصود وتهميش مشهود لأجيال من الشباب طيلة عقدين من الزمن

عادل السمعلي
كاتب من تونس

 

زر الذهاب إلى الأعلى