وطن – يتساءل الكثيرون عن الاسباب التي تدفع عبد الرحمن الراشد وهو الذي يدير قناة العربية المتأمركة أكثر من الأمريكيين ويكتب عامودا في صحيفة الشرق الأوسط يتساءلون عن اسباب عدائه للرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
طبعا لا مجال للمقارنة بين الرجلين
لكن لا يكاد يكتب الراشد مقالا حتى لو كان عن ثقب الأوزون إلا واقحم به اسم صدام حسين مذكرا العالم بأنه قد تخلص من شرور هذا الرجل.
وسبق أن كتب مقالا استفزازيا – وكل مقالاته تستفز الصخور- يناشد فيه المتظاهرين في العراق بعدم رفع صور صدام وهو الذي كان يكتب ان العراقيين كانوا يجبرون على رفع صوره في حياته.. فما الذي يجبرهم اليوم على رفع صور الرئيس الراحل.
الأمريكيون الذين يدافع عنهم هذا الراشد يعرفون لماذا يرفع العراقيون صور صدام لكن الراشد لا يعرف. والأمريكيون والغرب معهم يعترفون باخطائهم ويشعرون بالندم على غزوهم العراق واسقاطهم رئيسه الشرعي لكن الراشد لا يزال يرى ان اسقاط صدام كان عملا جيدا!!
فماذا فعل صدام حسين بهذا الراشد الذي يكن له كرها ينافس كره الخميني له حين جرعه سم الهزيمة
فهل يرى اليوم رئيسا ديمقراطيا عادلا وعراقا آمنا مستقرا أم يرى ذنب إيران يحكم العراق ويرى الطائفية تنخر في بنيان العراق بأكمله ويرى الفساد والجهل وانتشار الأمية التي كان قد قضى عليها صدام.
اقرأوا ما كتبه الراشد لعل أحدا يكشف لنا سر العقد النفسية التي سببها صدام له ولم تغادره منذ اعدامه على يد الفرس الذين يناصبهم العداء ايضا
والجدل حول غزو العراق مستمر
بعد عشر سنوات لم يعد هناك جيش أميركي، ورحلت معه الجيوش الإعلامية، إنما الجدل حي، هل كان إسقاط نظام صدام حسين عملا خاطئا، أم أن الخطأ فقط في تدخل الأميركيين لإسقاطه، أو أن الخطأ ليس في إسقاطه، ولا بالتدخل العسكري، بل في الكيفية، أم أن كله كان عملا صائبا؟
تكاد لا توجد أحداث جسام لا يختلف حولها، من قضية التقسيم في فلسطين، إلى الوحدة المصرية السورية، والثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، ومواجهة غزو السوفيات لأفغانستان، وإلى حرب إسرائيل وحزب الله، ومن يدري قد نتجادل على الثورات في تونس ومصر واليمن وسوريا. الغزو الأميركي للعراق بذاته حدث فريد ومن أبرز محطات التاريخ المعاصر، وينسب لأحد القادة قوله: نحن نعرف كيف بدأنا؟ لكننا لا ندري كيف سننتهي؟ صحيح، بعد عشر سنوات على ذلك التاريخ الزلزال لا يزال الجدل والغبار والدخان في عموم المنطقة، وإن كان هناك شبه إجماع على تسمية الأخطاء، مثل حل الجيش. البعض يسره أن يتقول على ألسنة الساسة والعسكر، بأنهم اعترفوا بذنبهم وتراجعوا، مع أنني لا أعرف أحدا من كبار اللاعبين المشاركين في الحرب قال إنها كانت خطأ، ولا الذين ضد الغزو تراجعوا عن رأيهم. في المعسكرين قراءات واعترافات هنا وهناك.
هذه جملة أسئلة لا يمكن تجاهلها. مثلا، هل كان صدام حسين، رئيس العراق حينها، بعد عقد من فترة الحصار نتيجة احتلاله الكويت اعتبر ووعى الدرس؟ الحقيقة لا، فقد استمر يهدد ويتحرش. حتى موقف السعودية منه الذي فتح له الباب في قمة عمان لإلغاء الحظر تماما، قابله وفده في المؤتمر بالهزء والوعيد.
هل كان الاحتلال باسم الأسلحة المحظورة مبررا؟ طبعا لا بعد أن كان ذريعة، لكن إسقاط نظام صدام كان عملا جيدا، مثل إسقاط بشار الأسد في سوريا اليوم، والقذافي أيضا. رحيل هذه الأنظمة من صالح شعوبها والمنطقة.
هل ارتكب الأميركيون أخطاء في إدارتهم للحرب؟ نعم، وبشكل غبي ومروع ومخز. الخطأ المنهجي عندما انبهر الرئيس الأميركي بأداء قياداته العسكرية حيث كسبوا الحرب بسهولة لما رفضت معظم قطاعات قوات صدام القتال ضدهم، أيضا وبعدها سلمهم مفاتيح العمل السياسي بدلا من وزارة الخارجية. حل الجيش كان حماقة كبيرة. وأعظم منها عدم فهم الأميركيين لطبيعة الدور السوري الهائل في العمل نيابة عن إيران التي حافظت على موقف مؤيد للأميركيين وحدود هادئة نسبيا من أجل تعزيز وضعها في داخل العراق. والخطأ الآخر من دول الخليج التي فضلت الابتعاد تماما ولم تساند المجاميع الأقرب لها، فأفسحت المجال للإيرانيين والسوريين لاستلام العراق لاحقا.
وبغض النظر عن الشتائم التي تعبر عن أخلاق أصحابها فإن مرور عشر سنوات تستوجب المراجعة والنقاش. فالذين يرفضونها كمبدأ، موقفهم مقبول إن كانوا منسجمين معه فلا يتوقع منهم رفض التدخل في العراق والدعوة إليه في سوريا أو الكويت والبوسنة قبل ذلك. والذين يرضون بها عليهم أن يقبلوا بحقائقها السلبية الماثلة.