أرشيف - غير مصنف

خطوط بيضاء آثمة تعكر زرقة السماء

 

 كما هو تغير واقع الحال على الأرض السورية منذ عام لغاية اليوم هذا، من حيث إتساع رقعة الأراضي التي تنتفض ضد نظام بشار المجرم ، وازدياد أعداد المقاتلين يوماً بعد يوم ، وتغير هيئة ميزان القوى ومعنويات الثوار مقابل معنويات المجرمين المنهارة ، فهو تغير آخر في صورة السماء العراقية التي أخذت تشهد خطوطاً بيضاء بتعداد يفوق أصابع اليد يومياُ ، لنفاثات إيرانية تنقل المرتزقة والسلاح وكل أشكال الدعم الممكن ، من إيران إلى جيش بشار المجرم . هذه هي الصورة التي تراها كل صباح وكل ظهيرة ، وما طوته أجنحة الظلام فهو متروك لمن يبصر بالليل . أشهد كل يوم هذه الخطوط المسعورة والمتسابقة مع الوقت لإسعاف القاتل بالمزيد من أدوات القتل، وهي بذلك توقع شهادة الدعم المتزايد يوماً بعد يوم ، يرسلون ما يمكنهم إرساله لعله يفلح بإسناد الخشب المسنّدة في دمشق وريف دمشق بعد أن كانت أبواقهم تتبجح قبل سنة بكون الثوار لا يصلون المليون بتعدادهم وأنها (فورة زائلة)، ويذكر القراء أنني نبهت وبشكل كوميدي لكون التفتيش الذي تجريه حكومة المالكي على الطائرات الإيرانية يحصل مع مشوار العودة من دمشق لطهران وليس العكس كما مفترض،كم إستغرق الأمر حتى أعلنت الحكومة الأمريكية عن ذلك؟ كم من الشهور ؟ وكنت قد نشرت على موقع عربتايمز  قبل شهور عديدة نقلاً عن شبكة أنباء( ربما عبر قناة الشرقية وقتها) أحصت ثلاثين طائرة في يوم واحد وقتها،وذلك في مبتدأ عمليات الإمداد الجوي الإيراني المتحدي للعالم كله، وقت كنت أنشر على هذا الموقع المشهور بدعم الأسد وحزب اللات ،فرد أحد عباقرتهم من المعلقين الشبيحة أو المحررين الشبيحيين : هل كانت ثلاثين طائرة أم إحدى وثلاثين ؟ هل لك أن تخبرنا: كيف أحصيتها؟ !! …. هذا هو نمط التفاعل من جمهور لا يميز بين من يقتله ، أو قل لا يريد أن يدين من يقتل بقية أبناء شعبه … فعلاً الغباء موهبة !
 
ولكون الغباء ليس له حدود كما ينقل عن إينشتاين في مقولة مشهورة من مقولاته ، فقد لامست مثل هذا الغباء الليلة وهو يغلف تعليقات بعض المتباكين على البوطي من أبناء السنة والشيعة العراقيين على حدٍ سواء . شيعة يبكونه وسنة كذلك ، يبدو الرجل ذي شعبية تفوق مايكل جاكسن ومن دون تكلف عناء الرقص أو مشية القمر تلك، كل ما لزمه لتحصيل هذه الشعبية هو تزكية القائد المجرم وإعانته بكلمات الباطل، نفس رجل الدين الذي يعظ المصلين منذ عقود (وفي كل خطبة جمعة ربما ) بأن ينفذوا مضمون الحديث الشريف المعروف، أن يغيروا المنكر الذي يرونه، بأيديهم أو بألسنتهم إن لم يستطيعوا، أو بقلوبهم، وذلك أضعف الإيمان !
 
النوع الأول، الشيعة، يحسبها من حيث المصلحة بدون شك ، فهذا كاهن (ولا أقول رجل دين لأن الصوفية ليست ديناً ولا مذهباً بل هي طريقة للعيش الرمّي على حساب الدين من دون عمل ) نذر نفسه لدعم الأسد ونظامه ، كاهن لم يحسب حساب تسلط أقلية من عصابات بشار على كثرة مخالفة لهم بالمذهب، ولم يهتم هذا البوطي الإسخريوطي لمطالب شعبه  بالخروج من تحت قبضة الظالم ، فنكل بقومه رغم أنه كردي مثلهم، من بوطان التي استمد منها لقبه هذا . البوطي حسبها هكذا وارتضى أن يستفز أهالي ضحايا القصف بالبراميل المتفجرة وبصواريخ سكود وبهجمات قطعان المليشيات الشبيحية ، فاستحق القتل ، وبالقير إي والله ، لكن ما عساه يكون موقف الشيعة العراقيين والسوريين، الذين يلطمون اليوم عليه ؟ لا أحد منهم قرأ له كما أكاد أن أجزم فالقراءة من هذا النوع(للمدارس المختلفة) هو تابوو ، كما أنّ القراءة المتنورة هي (ترف لا داع له) !! ولا أحد منهم يزكي مذهبه وهذه معروفة ، كل ما يهمهم هو أنه مساند للأسد ، والأسد تابع لإيران وإيران هي المرجعية الرئيسية لهذا الفكر المثير للجدل في كل جزئياته ! يعني على القاعدة الغبية تلك : صديق صديقي صديقي ! حتى وإن كان منافقاً ؟ حتى وإن كان إنتهازياً متسلقاً لجدران القصر الجمهوري ؟ كيف ترتضونها هكذا؟ لماذا لا تتحولون لمذهبه ما دمت ترونه محقاً ؟ كي يكتمل نصف دينكم يعني !؟ أو لماذا لم يتحول هو لمذهبكم ما دام يرى الحق فيكم، ( …وفحبايبكم) ؟ لكنه الغباء الذي لا يرتضي المغادرة والذي أصبح قريناً للهوية المشرقية مع شديد الأسف، أن تعتبروا نظام الحكم السابق في العراق قد سلبكم حقوقكم كأكثرية ، بحساباتكم يعني لأنه ليس هناك من إحصاء تعقب الهوية المذهبية ولأنّ الأكراد تم إخراجهم من معادلة الموازنة الطائفية ! ومع هذا سأفترض صحة الأكثرية الشيعية كما تقولون، فكيف ترون بشار وبطانته جديراً بسلب الحكم من أكثرية سنية هي الشعب السوري( هذا بعد النزول لمستواكم ومعاينة فكرة أنّ الأكثرية تدير البلاد بأية طريقة كانت حتى وإن أوصلت البلاد لما أوصلتم إليه العراق) ؟
 
أعلاه هو تحليل موقف الشيعة المؤيدين لنظام بشار من حادثة  فطس البوطي ، ترى ما هو تحليل موقف بعض السنة المتباكين على البوطي كما ينضح من تعليقاتهم في الفيسبووك وبقية المواقع  ؟ إنهم يرون طربوشه الأحمر أشبه بعمامة أبي بكر وعمر فيسبغون عليه قدسية ما كان أهلاً لها ، فهو الغباء بعينه والإنقياد الأعمى نفسه . هؤلاء المخابيل هم من صنف الذين يعششون حولنا في الجوامع ويقرفون الناس من صوت الأذان ومن نسك الإسلام . يبثون الأذان لكيلومترات بعيدة عبر مكبرات صوت مطلقة السراح كما لو كانت حفلة لفريق بنك فلويد، وكله في بقع سكنية تحفل بعدة جوامع متقاربة بحيث تنتفي الحاجة للتفاني بإيصال صوت الأذان. مخابيل ومهووسين إستغلوا زوال النظام السابق الذي كان يمنعهم من تصدير تلاوة إمام الجامع أثناء الصلاة وقصرها على السماعات الداخلية فحسب ، اليوم هم يسرحون ويمرحون على هواهم ، ترى الأذان يستغرق 3-4 دقائق والإضافات المبتكرة عقبه والتي تذكر محاسن النبي القرشي وبلال الحبشي تبلغ 3 أضعاف مدة الأذان ، نحن بإزاء أناس معجبين بأصواتهم ويتحينون الفرصة لبث أصواتهم لأهاليهم ومعارفهم ما أمكنهم، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ! لا شغل لهم بمريض أو بطالب يحتاج للتركيز أو بمن يريد أن يهنأ بنوم يعينه على الدراسة عقب ذلك. مهووسون يفهمون الدين خلاف مقاصده، إمامهم هو كبيرهم الذي علمهم السحر فهو يبث تكبيراته في الركوع والسجود لجيران المسجد ، وتركبه موجة سعار في كل خطبة جمعة مهما كان موضوع الخطبة، ليس هناك إلا نمط الصراخ والإنفعال هذا ، كما لو كان يعاني من قرحة مستوطنة في الإثني عشري،أما في ذكرى المولد النبوي وهستيريا النفاق والتظاهر بمحبته (ص) فوق ما تسمح به وحدانيته تعالى وفوق معاني الآية الكريمة :"  وأنّ المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا"،  ! تلك أوقات نهجر فيها البيوت ونترك شياطين الضلال هؤلاء يقرصنون الطيف الراديوي فهل هناك من يقطع أياديهم على سرقاتهم هذه ؟
 
هذا هو نمط الإسلام المتخلف الذي استوطن العراق وما جاوره فتردى الإسلام كله من أثره قروناً للوراء . هؤلاء الخانعين من أهل السنة الذين يتباكون على البوطي و ممن تستعر وتشمئز منهم حروف  السين والنون والهاء، لم يضعوا نصب أعينهم نساءاً سوريات إنتهكت أعراضها وأطفالاً إحترقوا بالنار ويحترقون كل ساعة من كل يوم، ومن نجوا منهم  فقد تيتموا و سكن قلوبهم الرعب والحرمان حتى نهاية حياتهم ، ولم يضع هؤلاء المتباكين على البوطي نصب أعينهم عائلاتٍ أخرجتها عصابات المجرمين من بيوتهم ومصالحهم فقدّروا عليهم الجلاء والشتات .. أبصروا القذاة في عين قتلة البوطي ولم يبصروا الجدعة في أعينهم وهم يقيمون مجالس العزاء لشخص إسمه …البوطي !  كل ما أبصرته أعينهم وعقولهم هو لقب( شيخ) ،والطربوش الأحمر على جمجمته الفارغة فحسبوه من العشرة المبشرة بالجنة ، وأجزم ألا أحد منهم قد قرأ له كتاباً ( ولمن يهمّه أن يسأل ، أنا قرأت له "فقه السيرة" وأقلعت عن الإستمرار ) .
 
إنّ أمّةً فيها هذين الصنفين من الناس ، وبهذا النمط من التفكير والإنحياز للظالم في  قضايا مصيرية كأزمة سوريا ،هي أمة آيلة للسقوط ، لعنة الله عليكم يا من جعلتم الغباء لكم مذهباً وأسأتم للإسلام ومسختموه مسخاً  .
 
رياض الايوبي 

زر الذهاب إلى الأعلى