للحظة شعرت بأن افكارى افلست ولم يعد لدى ما هو شيق _على الاقل من وجهة نظرى انه كذلك _لأكتب فيه، واقتنعت للحظة بالتعبير الدارج "أن افكارى جابت جاز" ،وفى الواقع استغربت ممن يحاولون القول ان هناك ازمة طاحنة فى السولار، فكيف توجد تلك الازمة والسولار بفضل اجتهاد النظام الحالى فى توفيره قد غطى البلاد حتى وصل الى اعماق الافكار؟ ولكن زالت تلك اللحظة بمجرد المشهد الصادم الذى رأيته والذى جاءت معه فكرة هذا المقال، وترددت قليلا لأن هذا المشهد سيصطدم بداخلى بجزئيتين ،الاولى فكرة الحياد لأننى لو تعمقت فيه سأنتقد اشخاص من غير جانب السلطة كما اننى احبهم، وقد يرانى البعض بذلك محايدا وانا لست كذلك بالمرة رغم انى تمنيت فى مقالى الاخير ان اكون محايدا تماما كمن يدعى انه رئيس كل المصريين ولكنى لم اكن اعلم ان الفرصه التى سيتم رؤيتى فيها محايدا الى حد ما ستآتى بهذه السرعة، ومن الواضح ان ذلك بركات محاولتى الاقتداء برئيسنا الملتحى ،والجزئية الثانية انه قد يرى بعض المبررون _المبررون فقط_ ان كلماتى هى دفاع عن شخص وبذلك احسب على الفلول ولكن لما لا ؟ فليعتبرونى احد أكابر الفلول فى مصر ولكن لابد ألا ينسوا ان قدوتى فى ذلك محمد بديع عندما قال يوما ان" مبارك هو اب لكل المصريين".
علمنى والدى الا اشمت فيما كان فى موقف قوة واصبح الآن فى موقف ضعف ،كان هناك حزن بداخلى عندما رأيته مستلقيا على سريره فكنت اتمنى ان يواجه من قاتل وحارب مثله الموقف بأكثر قوة ،وان يتحمل نتيجة أخطائه وما اقترفته يداه فى حق مصرنا الغالية وفى حقنا ،اريد القصاص منه لا ذله رغم انه اذل مصر، اريد القصاص منه لا اهانته رغم انه اهان كل شئ واولهم معارضيه ،فقد اعمى عينيه كرسى السلطه وظن انه سيظل مدى الحياة عليه ،كانت تهتز الارض ظلما تحت قدميه ،والان اصبح ذليلا ،ورغم انى تمنيت من الجانب الانسانى فقط ان يواجه القصاص منه بقوة ، الا اننى عندما رايت مشهد جلوس مبارك يلوح بيديه وابتسامته تملأ وجهه صدمت ليس لانى رأيته انه يبدو قويا ولكن الصدمة مما رأيته انا و مما سمعته من احاديث الناس أنه كيف لرجلا مريضا السرطان وبلغ من العمر ارزله يتعرض لموقف يهزم اعتى الرجال ويبدو فيه انه اكثر هيبة وشخصية ممن يجلس على كرسى الحكم!!! فكانت صدمتى وحزنى ان يكون هذا هو حال رئيس مصر الثورة ،فلابد ألا ندفن رؤسنا فى الرمال فهذه هى الحقيقه ان الحاكم الان لا يمتلك اى كاريزما لدرجه اظهرت سابقه اكثر منه هيبة وهو فى هذا الوضع.
هذا المشهد الصادم لا يتحمله الا ابوالفتوح وصباحى بالخطأ الفادح الذى لا يغتفر وعدم انضمام حملتهما الرئاسية فى حملة واحدة ،هما من يتحملا وصول شفيق ومرسى للإعادة ووضع الناس بين اختيار بين مرشح جماعة قال مرشدها السابق يوما "طظ فى مصر" وبين آخر يمثل دوله الظلم والاعتقال والاستبداد، فما شعور ابوالفتوح وصباحى الآن بعد ان ضربا الثورة بهذا الخطأ فى مقتل ؟؟؟ حتى وصل بنا الامر ان نرى من قامت ضده الثوره سعيدا بما وصلت اليه البلاد من حال، ووصل الامر ان يراه البسطاء اكثر هيبة وهو سجين ممن يقبع على كرسى السلطة!!! التاريخ لن يغفر هذا الخطأ لابوالفتوح وصباحى ،فعندما اجتمعت لجنة من الحكماء لاختيار مرشح الثورة ووقع الخيار على ابو الفتوح لانه كان يمتلك وقتها حمله اكثر انتشارا وقوه كان لابد ان يوافق صباحى ولكنه لم يحدث ،وكان على ابوالفتوح بعد اجراء المناظرة مع عمرو موسى وانخفاض شعبيته وصعود صباحى _وكان ذلك واضحا للكثير_ كان عليه فورا الانضمام لحمله صباحى ولكنه لم يفعل ،لم انسى ولن انسى كلمات استاذتنا الكبيرة سكينة فؤاد قبل قرب الانتخابات ان تتوحد قوى الثورة تحت مرشح واحد ،ليتهما سمعا ما قالته فلو كانا قد سمعاه وتولى امر الثورة احد ابنائها لما رأينا الطاغية يبتسم، فعندها كانت الشرعية الثورية ستكون لها الكلمه الاولى والاخيرة، اعتقد ان حال البلاد كان لن يصل الى ما نحن فيه لو حكمت الثورة نفسها ،ولكن هيهات ،لن يغفر لهما التاريخ ما فعلاه وسنظل نتذكره كلما تعثرت الثورة .