قال الكاتب محمد الرميحي في مقال له بغلف نيوز إنّ الشهور الثلاثة المقبلة ستشهد تغييراً جذرياً في الشرق الأوسط، سيؤدي إمّا إلى دفع المنطقة كلها إلى الفوضى، أو إلى استقرارها بالكامل. وسيحصل هذا التغيير في إيران ومصر؛ البلدين اللذين يشهدان انتخابات عامة.
ففي حزيران (يونيو) المقبل ستجري الإنتخابات الرئاسية في إيران حيث لا يحق للرئيس محمود أحمدي نجاد الترشح لولاية ثالثة بموجب القانون. وقد شهدت السنوات التي حكم فيها لولايتين تصعيداً لتوترات مع المجتمع الدولي لم تعرفها إيران منذ أيام الثورة الإسلامية الأولى عام 1979.
والسبب الأكبر في هذا التصعيد كان برنامج إيران النووي، الذي أدى إلى مخاوف خليجية منه، خاصة عقب الهزات الأرضية التي وقعت قرب مفاعل بوشهر، والخوف من تأثير ذلك على الدول الخليجية وسط التساؤل عن الأثر الذي ستتركه هزة أكبر هناك عليها. فهل سنشهد تشيرنوبل أخرى مثلاً؟ عندها لن يكون الضحايا إيرانيين فقط بل من كلّ الدول الخليجية المقابلة.
وفي ذلك يقارن أهل المنطقة ما بين حكم أحمدي نجاد، وحكم علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي اللذين حاولا أن يزرعا السلام والإستقرار بين إيران وجوارها. ويتساءلون اليوم هل سيكون رئيس إيران المقبل كخاتمي أم كأحمدي نجاد؟ وما يبدو عليه الوضع في القيادة الإيرانية أنّها لم تقرر بعد المعايير المطلوبة لمرشح الرئاسة المقبل. فوضع شخص كأحمدي نجاد في السلطة يعني أنّ كلّ شيء سيكون هو نفسه لثماني سنوات مقبلة؛ أي استمرار النزاعات والوفضى مع المنطقة وما وراءها. لكن وإذا جاء رئيس أكثر تواضعاً، آت من منتصف الطريق إلى المؤسسة السياسية في إيران، فإنّ ذلك يعني اللجوء إلى بعض المصالحة والمواءمة التي تشتد حاجة إيران إليهما في طريق مستقبلها واستقرار المنطقة والعالم.
ويبدو أنّ طهران لم تحدد موقفها بعد، فهي تنتظر ما سيحصل في سوريا، علماً أنّ الإنتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة ستحدد بشكل كبير مستقبل السيناريو الإقليمي. وعلينا أن نفكر جدياً برد فعل حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، التي كررت تهديداتها بالهجوم على إيران إذا لم تلتزم طهران بالمعايير الدولية.
مصر
وفي مصر هنالك انتخابات عامة أخرى، حيث ستكون الإنتخابات البرلمانية الأولى في ظل الدستور الجديد، الذي يدور الجدل حوله بالذات، وتحتج عليه شرائح كبرى من المجتمع المصري. والإنتخابات هذه، في حال قررت المعارضة خوضها، يمكن أن تشكل تحدياً للأغلبية التي تتمتع بها جماعة الإخوان المسلمين منذ الإنتخابات التي أعقبت الثورة في مصر. وهو أمر قد يشكل وحده عامل تغيير رئيسياً على صعيد المنطقة.
والسؤال الذي يدور هنا: هل سيتخلى الإخوان بسهولة عن سلطة يتمتعون بها؟ فإذا ما خسرت الجماعة سلطتها عبر صناديق الإقتراع، فإنّ المنطقة برمتها ستدخل في عصر ديموقراطي جديد، وستختبر أكبر أمة عربية تغييراً سلمياً في السلطة. هذا الأمر سينعكس، عاجلاً أم آجلاً، على كلّ الشرق الأوسط. والمعركة في مصر ما زالت قائمة، لكن، وكما هو الحال في طهران، فإنّ التعتيم والغموض يكتنفانها.
على الرغم من الوقت القليل المتبقي للإستحاقين في البلدين الأكبر إقليمياً، فلا طهران ولا القاهرة تملكان خطة واضحة للعمل المستقبلي على المديين المتوسط والطويل. ويعود ذلك إلى أنّ الأحداث في المنطقة مفاجئة تستدعي غياباً في التخطيط على المدى المتوسط. فخلال نصف القرن الماضي علمتنا الأحداث السياسية في الشرق الأوسط أن نتوقع ما ليس بمتوقع. ويمكن أن نستذكر أنّ من قاموا بانقلابات عسكرية في الدول العربية قالوا بالحرف إنّهم سيتولون السلطة لفترة وجيزة، وسيغادرون بعد تأسيس ديمواقراطية حقة، ومع ذلك فقد استمر بعضهم في الحكم 40 عاماً… بل منهم من استمر 60 عاماً.
ترجمة: عصام سحمراني