"في الواقع ان سبب اختيار الاردن كدولة لمقارنته مع واقع شركة جوجل انما لتشجيع الاردن للإنطلاق من نقطة الصفر بسبب وجود عيوب كثيرة لديه في اماكن يصعب اصلاحها , و حتى لو لم يواجه الاردن مطالب الاصلاح الحالية التي كشفت عن عيوب كثيرة و متشعبة و متجذرة في بنيان الدولة الاردنية فان حاله كانت اشبه بسفينة متهالكة وسط بحر من الأمواج العاتية تضربه به من كل حدب و صوب كانت ستغرقه لا محالة مع مرور الوقت".
اعجبني تصريح "السيد لاري كيج "احد مؤسسي جوجل قائلا انه لا توجد شركة مجنونة في العالم قادرة على منافسة جوجل في المستقبل و هذا التصريح النابع عن ثقة مطلقة يقودنا للتساؤل حول امكانية نجاح الاردن كدولة من الخروج من عنق الزجاجة ليكون منافسا و ناجحا كدولة .
لا يوجد بالمطلق شيء اسمه المستحيل فجوجل هذه اتذكر بداية انطلاقتها و كيف تطورت مع الابداع و الافكار التي منحها اياها موظفوها فما كان منها الا ان كافآتهم و قدرتهم و عاملتهم كراعي نموذجي لأسرته و وضعت كل شخص في مكانه المناسب ليزداد ابداعا و عطاءا .
جوجل هذه … وصلت الى حد الجنون بابتكاراتها و ادواتها و برامجها بحيث اطلقت برامج مؤخرا برنامج استكشاف الكتروني تجريبي يمكن المتصفحيين من الاستشعار باكثر من 25 مليون حاسة شم .
جوجل هذه …. عندما قررت شراء موقع اليوتيوب البريطاني بمبلغ خيالي وصل وقتها الى مليار و نصف المليار كانت تعي جيدا انها ستحقق انتشارا و ترويجا لمنتجاتها من خلال استقطاب ملياري متصفح اضافي و هو ما جعل ادواتها و منتجاتها بين يدي مستعمل واحد على الاقل من بين مستعملين اثنين للشبكة العنكبوتية .
جوجل هذه…. كان لها الفضل – قبل هبوب نسيم الربيع العربي بسبع سنوات تقريبا – بنشر المعرفة و التواصل الاجتماعي و الثقافي و الادبي و السياسي في منطقتنا العربية و نشر التوعية بحقوق الانسان و قضايا المجتمعات من خلال اتاحة حرية التعبير عن الأراء في مدوناتها المجانية .
فهي من شجعت على تبادل الافكار و الحوار المشترك من خلال اتاحة استعمال اللغة العربية في جميع برامجها و ادواتها و صفحات الاخبار و من خلال محرك بحثها العملاق و توفير خدمة الترجمة الفورية و غيرها الكثير من الأدوات و البرامج التي لم يعد بمقدورنا الاستغناء عنها .
و حالنا في الاردن يدعونا الى استثمار وجود نسبة الشباب الاردني المثقف العالية في تاسيس بناء جديد للأردن بعدما تصدعت جدرانه و كشفت عن عيوب كثيرة في ادارة الدولة و آلية صنع القرار و ضعف القوانيين و حاجة الدولة الى اجهزة امنية عملية و اكثر نجاعة و كفاءة و متحررة من فكر التبعية التقليدي و السعي نحو معالجة الكثير من ثقافات المجتمع السلبية .
هذه جوجل …. فلنتعلم منها كيف انشئت دولة الكترونية سيبلغ عدد موظفيها في المستقبل القريب اكثر من عدد موظفي دولتنا .
هذه جوجل ….التي تدير اقساما يزيد عددها عن عدد دوائرنا الحكومية و وزاراتها
هذه جوجل …. تتعامل مع اكثر من ملياري مستخدم بسلاسة و سهولة بينما نعجز نحن في التعامل مع ستة ملايين مواطن .
فمن التفاهة ان يقف الاردنييون عند شخص النسور او غيره مثلا ليقولوا انه عائق امام طريق الاصلاح و البناء و يتهمونه في ذات الوقت بانه غير قادر على اتخاذ القرار لكونه موجه من قبل صناع قرار اخرين ..
بل و من السذاجة بصناع القرار لدينا ان يختبؤا خلف دمية النسور او غيره ليوجهونا كمجتمع نحو ما يشائون و ما يرغبون غير مدركين ان تحقيق مصلحتنا العامة اولا هي الضمان لتحقيق مصالحهم الخاصة و العكس غير صحيح في هذه الحالة .
على ركاب هذه السفينة التي تدعى بالاردن ان يعوا جيدا و قبل فوات الأوان ان المسئولية هنا مشتركة و عامة و المصلحة تهم الجميع فيما لو ارادوا جميعهم النجاة من ضربات الامواج العالية و العاتية و الوصول الى بر الامان , فالمسالة بسيطة بقدر بساطة الرؤية و الهدف التي رسمتها جوجل لسياسيتها .
اجماع على مصلحة عامة و مشتركة و تقديم تنازلات جوهرية من جميع ركاب هذه السفينة الغارقة فلا باس لو رمى الملك بالقليل من صلاحياته و لا باس من اجهزتنا الامنية لو نات بنفسها على الحياد و لا باس من مجتمعنا الاردني لو تخلى عن الكثير من عاداته السلبية …. في سبيل تقريب و جهات النظر و الاجماع … في سبيل تخفيف الحمل على هذه السفينة المتهالكة … في سبيل بناء مملكة جديدة بأسس و دعائم اقوى .
في الختام لا يسعني القول لشركة جوجل …. شكرا
غاندي ابو شرار