أوربا "المعتدلة" بين…
علمانية بشار وأصولية الثوار؟!
بلا إجماع وبثقة المضض، واسترضاء السوريين، باسترعاء مقاومة جيشهم المتداعي في نظرهم، ركب الأوربيون ما رأوه صعبا، وارتهنوا القضية السورية وكعادتهم، برهانات مصالحهم وسجال هيمنتهم!
رفعٌ برقابة وحذر لحظر طويل عن أسلحة دفاعية، تحمي شعبا يتعرّض لحرب إبادة، ما تركت ثغرا لبعث حياة أو أمن ومنذ أزيد من عامين، وتشديدٌ بتجديد عقوبات لم تُصب الأسد ولم تمنع جرائمه المتتالية.
وزراء خارجية أوربا الموحدة ببروكسل وافقوا أخيرا على تزويد معارضة الأسد بالسلاح والذخيرة، ووفق شروط ومُهل وتمحيص، وتحرّي ملفات قد يستغرق أشهرا، يُذبح فيها المدنيون العزّل على مَهل، ويختبر هدام الديار وشبيحتهم أسلحة الدمار الشامل غير التقليدية في مخابر رياض موتهم!
تردد وارتباك وعجز، يتلافى صراحة إرادة جدية في زجر كتائب الأسد وأعوانه، ووقف مهلكة السوري وزرعه وضرعه، بادّعاءات تُعسر على السوريين منافذ الأمل، في التخلص من الديكتاتورية وتسلط الجوار الطائفي والتعنّت الروسي.
تفاصيل أوربية مرّة بعوازل شفافية، هي ضمانات للتنصّل من تبعات مسؤولية سياسية و لوجيستية وأخلاقية، تجسدت في مواقف هزء وليونة معززة بتوافق أمريكي وربما إسرائيلي!
تحديد جهات مسلحة معتدلة، وتسمية آلاف المقاتلين، وجرد انتمائهم وتوجههم ومشاربهم.
اتهام صريح للمعارضة بالتقصير والتشتت، في سياق ما صرّح به وزير خارجية ألمانيا التوّاق حرصا، لمعرفة وجهة كل رصاصة، وهوية الساعد الذي يحمل بندقيتها!
سمّ في دسم، حقيقة السياسة الأوربية المشتركة، والتي ترنو توظيفا يضغط على الأسد في مؤتمر جنيف 2 مطلع يونيو القادم من جهة، ورسالة إلى موسكو قوّضها ودون انتظار نائب وزير خارجية بوتين سيرغي ريفكوف، حين أعلن نيّة روسيا إيصال شحنة صواريخ الاس ثلاث مئة لسوريا الأسد.
المعارضة السورية وائتلافها المحتقن المحتنق من رؤية أوربا ، واستمرار تسويفها، ونكث عهودها رفضت التشكيك في قدراتها، مؤكدة أن انجازات الميدان وتحرير 70% من الأراضي السورية خير دليل على سطوتها ومراسها، نافية سيطرة نصرة القاعدة على مقاتلي الجيش الحر، نصرةٌ تعتبرها المعارضة مشجب الخذلان الدولي، وتواطؤ مخابراتي لإطالة عمر الازمة.
جهاديون وإن اقرّ بهم الائتلاف، فهو ومن منطلق ثابت، يزكّي سلوك الآلاف منهم، ويمنح جلّهم صفة السوري الأصيل غير المتطّرف عكس ما يشاع، ويراد له التمكين بغرض انتفاء واجب المساعدة الإنسانية على كل وجه وحال.
إن سعي أوربا لأرضية مشتركة وإن بأدنى توافق، أو أحادية غير ملزمة، وهو ما تتحّمس له فرنسا وبريطانيا، يأتي في خضمّ تقدّم للجيش النظامي، واعادة انتشار لمئات الآلاف من الجنود النظاميين والمتطوعين، وآلات حرب بشار القذرة، ما أفرز التعاطي مع حزب الله، في عملية تبادل أدوار مساندة، أفسحت للأسد فرصة استعادة مناطق انفلتت من قبضته، موازاة مع إطباق مقاتلي نصر الله على القصير والقرى والمحاور الحدودية المتاخمة للبنان، لكن أليس ذلك مكمن ضعف، وتوجّس طالما أن كتائب البعث تطلب غوثا إقليميا وروسيا؟!
غوثٌ مثيلٌ مضاد للمعارضة، قد يقلب الطاولة وموازين القوة، خاصة إذا جوبه الأسد وزبانيته وأزلامه بسلاح نوعي ومتنّوع، في مقابل ترسانة لن تصمد دهرا على الارض من جهة، وفي مسار تفاوضي يخلع أنياب الأسد، فيذعن صاغرا مجبرا لمطالب المجتمع الدولي من جهة أخرى.
ضبابية وتخبّط وشبه ليونة لها ما بعدها، وإن خيّبت آمال السوريين في استعجال أمن واستقرار، غيّبهما الحكيم ومن شدّ أزره، في مواجهة شعب مسالم ما زادت مطالبه عن حرية وكرامة.
حاج محلي