قال الصحافي البريطاني الكبير روبرت فيسك في مقال له في الإندبندنت، إنّ أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ليس أضحوكة أحد، فهو لم يتخلّ عن حكمه لصالح نجله الشيخ تميم بن حمد لأسباب صحية، رغم عملية جراحية في المعدة خضع لها وأدت إلى إنقاص الكثير من وزنه. وقال: لقد تبدل مظهر الشيخ حمد الخارجي كثيراً بعد العملية، وبات أكثر لياقة ورشاقة وأقل حجماً مما كان عليه عندما تناولت الغداء معه في مطعم لبناني في الدوحة ولم أعرفه للوهلة الأولى.
وتابع الكاتب: تحدث الأمير حمد للقطريين عن "الدور الجديد في خدمة الأمة"، وتساءل العالم عن ذلك "الدور" وماهيته. ويبدو أنّ "والد الأمة"، قد يكون ذات اللقب الذي أعطاه الرئيس الأفغاني حميد قرضاي لملك أفغانستان القديم عندما عاد إلى كابول. أشكّ في ذلك. فإذا سيطر تميم على قطر فعلاً فإنّ الشيخ حمد قد يسيطر على تميم نفسه. لا من منطق ديكتاتوري، لكن عندما يقال رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم، فإنّه كذلك سيبقى مسؤولاً عن جهاز قطر للإستثمار، حيث يتولى تميم (33 عاماً) رئاسة مجلس إدارته.
ويضيف الكاتب: لم يحكم الشيخ حمد قطر منذ عام 1995 ليتجه إلى التقاعد فحسب. ويتابع الكاتب أنّ الشيخ حمد اعتاد الأخطار، وأبلغ يوماً أحد زوار القصر أنّه لن يطلب من الأميركيين إزالة قاعدتهم الجوية الرئيسية من قطر، مهما كان غاضباً من إدارة بوش، خوفاً من "غزو الأشقاء العرب لنا". كما يشير الكاتب إلى أنّ "تقاعد" الشيخ حمد بغمز من قناة جيرانه حكام السعودية الذين اعتاد الواحد منهم البقاء في منصبه حتى وفاته.
وقال: تميم بما يكون صاحب مواقف متينة كوالده الشيخ حمد الذي حقق رقماً قياسياً في موسوعة غينيس لأقصر لقاء مع نائب رئيس أميركي، عندما لم يمض مع نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في ذروة سيطرة المحافظين الجدد، أكثر من دقائق قليلة في اجتماع بينهما، فقط لأنّ الملف الوحيد الذي طرحه تشيني كان عن قناة الجزيرة ولم يشأ حمد المناقشة فيه. وعندما آمن حمد أنّ الرئيس السوري بشار الأسد كذب على رئيس الوزراء التركي بشان الديموقراطية في سوريا، انقلب بقسوة على نظام الأسد. كما أعطى أسلحة للمتمردين الليبيين، كما يرسل اليوم مالاً وأسلحة لمتمردي سوريا. لم يكن لدينا من قبل مالك لمتاجر هارود يعمل في تهريب السلاح. وإذا كان كوالده فإنّ تميم لن يتمكن من مقاومة هذه الإغراءات.
ويتابع: لكنّ حمد يحب المفاجآت. فمن كان يتوقع أن تظهر الجزيرة على شاشات البريطانيين؟ ومن كان يتوقع أن يملك أمير استثمارات ضخمة في لندن؟ فأغنى دولة بأقل معدل بطالة، تعيش على الغاز المسال، على الرغم من أنّ تصديره –مجمداً- عملية باهظة للغاية. وبالتأكيد هي دولة على صغرها أكثر قابلية على النمو والإستمرار من المملكة الكئيبة أسفلها البحرين.
ويضيف: وكالإمبراطورية البريطانية القديمة، فإنّ لقطر قوة أكبر بكثير من مساحتها الجغرافية؛ وبعملها مع المتهم بارتكاب جرائم حرب الرئيس السوداني عمر البشير، وسياسيي لبنان الطائفيين، وحماس في غزة، وطالبان، فإنّ الدولة التي بناها حمد ليست مجرد "لكمة تفوق وزنها"، بل هي برغوث سيلسع أيّ قوة عظمى تقف في طريقه، والويل للضحية الذي يحك جلده بعد اللسع.
ويختم فيسك بالقول: تعلم حمد أعظم درس للصحوة العربية؛ وهو أنّ الثورات الكبرى للمنطقة ستصل يوماً للخليج، بقوة إعصار قد يطيح بملك أو اثنين، وعندما تصل بالفعل، فإنّ قطر قد تنجو منها. فلماذا يغير تميم هذه الإمكانية السعيدة؟
