عزالدين الناطور*
رغم ضيق المساحة في المدرج الشمالي بمدينة جرش الأثرية، إلا أن المحبة التي حملتها أنغام الفرقة المغربية التي أتخذت من شيخ الصوفية الأكبر " ابن عربي " اسماً لها تجاوزت حدود المكان ، وسمت بكل الحاضرين إلى مدارات المحبة الصوفية ، وحررتهم لساعة ونصف الساعة من ثقل الواقع، المثقل اقليميًا بالحرب والدم .
الحفلة التي احتضنها مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته الثامنة والعشرين ، أتت كما توقعها محبو الفرقة الذين لأول مرة يلتقونها خارج حدود الفضاء الإلكتروني وموقع يوتيوب، الذي عرفهم بها ونقل فنها لهم متجاوزًا الحدود الجغرافية ، أو أي شيء من شأنه أن يعيق الاتصال ، فكان لقاءَ مشتاقين "لم يسكن باللقاء " كما أراد الشيخ "ابن عربي " .
"ابن عربي" هي فرقة مغربية عرفت بأسلولها الموسيقي المبتكر الذي حمل الموسيقى الصوفية إلى بعدٍ جديد، وحافظ على وجودها وحضورها رغم مزاحمة الكثير من الأنماط الموسيقية الحديثة، التي تفتقد في معظمها إلى " حرفية " موسيقية عالية كالتي تجدها في الموسيقية الصوفية ، وهو ما يميز فرقة "ابن عربي" التي تحتضن عدداً من الأكاديميين المحترفين موسيقياً، كقائدها ومؤسسها د. حمد الخليع، الحائز على درجة الدكتوراة في التصوف والموسيقى الروحية من جامعة السوربون الفرنسية .
واستطاعت الفرقة بحرفيتها الموسيقية أن تطوع أشعار الشيخ الصوفي "محي الدين ابن عربي" و الشاعرة الصوفية "رابعة العدوية" والتي تزخر بالوجد والحب في قالب موسيقي أندلسي محدث ، نقل الكلمات إلى مستوى جديد ، يستطيع مخاطبة إنسان بعمق وينقله روحانياً إلى مدارات التهجد ومناجاة الخالق.
وغنت الفرقة في الحفل عدداً من أغانيها المشهورة ومنها " أحبك حبين " و " سلبت ليلى و " لو فهموا دقائق حبِّ ليلى " و" هو الحب فأسلم بالحشا. ".
العتب على إدارة مهرجان جرش يكمن في قلة الترويج لفرقة "ابن عربي" أو سواها من الفرق العربية التي تجد ترحيباً كبيراً في المدن الأوروبية وتقويمها الثقافي ، فكان لا بد من حملة ترويجية أكبر لحفلات المدرج الشمالي التي احتضنت هذه السنة ألواناً موسيقية خلابة من شتى أنواع الفنون والموسيقى. .
ومع ذلك أكدت إدارة التلفزيون الأردني التي تبث فعاليات مهرجان جرش بشكل حصري أنها تنوي إعادة بث فعاليات المهرجان بعد شهر رمضان ، وفق ما أكده مدير التلفزيون الأردني رمضان الرواشدة.
(تصوير سهم الربابعة)
* كاتب من الأردن.