انشغل سكان بغداد امس في لملمة اثار موجة العنف الدامية التي ضربت مدينتهم السبت وقتلت 67 شخصا، وسط غضب تجاه الحكومة واجهزتها الامنية بعدما بلغ عدد الذين قتلوا في العراق منذ بداية تموز نحو 530 شخصا.
وفيما كان سكان بغداد يهمون بدفن ضحاياهم، ومحو اثار العنف الذي ضرب مصادر رزقهم، قتل 12 شخصا بينهم ثلاث نساء وخمسة من قوات البشمركة الكردية واصيب 14 آخرون بجروح في هجمات منفصلة امس.
وقال مصدر في وزارة الداخلية العراقية ان "ثلاثة اشخاص قتلوا واصيب عشرة بجروح جراء انفجار عبوتين ناسفتين في منطقة التاجي"
كما قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة ان "شخصين قتلا واصيب اربعة جميعهم من عائلة واحدة بجروح جراء انفجار عبوة ناسفة داخل منزلهم في منطقة البسماية" جنوب شرق بغداد.
وفي وقت لاحق، قال مصدر امني رفيع المستوى ان "خمسة من عناصر البشمركة قتلوا في هجوم مسلح استهدف نقطة تفتيش للقوات عند منطقة الزاب" الواقعة الى الغرب من كركوك .واشار الى ان الضحايا هم من العرب الذين ينتمون الى قوات البشمركة الكردية.
وفي الموصل قال الملازم قاسم اللهيبي في الشرطة ان "اثنين من عناصر الشرطة قتلا في هجوم مسلح استهدف نقطة تفتيش للشرطة في منطقة السرج خانة في وسط الموصل".
وكانت العاصمة شهدت السبت انفجار 12 سيارة مفخخة وعبوتين ناسفتين في مناطق متفرقة، تسكن معظمها غالبيات شيعية، وجاءت هذه التفجيرات التي حصدت ارواح 67 شخصا واصيب فيها 190 بجروح في اطار موجة العنف المتصاعدة في العراق والتي قتل فيها 2500 شخص خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة بحسب ارقام الامم المتحدة، التي حذرت من ان العراق يقف عند حافة حرب اهلية جديدة.
وقتل في العراق منذ بداية تموز اكثر من 530 شخصا استنادا الى مصادر امنية وعسكرية وطبية، ما يعني ان معدل ضحايا العنف اليومي في العراق بلغ نحو 25 شخصا.
وهجمات السبت هي الاكثر دموية في البلاد منذ مقتل 78 شخصا في العاشر من حزيران الماضي.
وفي الكرادة وسط بغداد، حيث قتل سبعة اشخاص في تفجير سيارتين مفخختين، انتشرت الحجارة والقطع المعدنية وبقايا الخضر في شارع التسوق الرئيسي، بينما كان سكان المنطقة يتفقدون الاضرار.
وقال رجل اربيعني من اهالي الكرادة بصوت حزين عند موقع الهجوم "هذه الحكومة كرتونية، وقواتها الامنية لا تستطيع حماية نفسها، فكيف تستطيع حماية الناس".
ورغم العدد الهائل لضحايا تفجيرات السبت، لم يصدر اي رد فعل عن الحكومة التي تعتمد مقاربة اعلامية مبهمة حيال اعمال العنف، اذ يتجاهل مسؤولوها الكبار هذه الهجمات، التي تتجاهلها ايضا وسائل الاعلام الرسمية او تحاول التقليل من اهميتها.
وحده رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي اصدر بيانا جاء فيه "ندين ونستنكر التفجيرات الاجرامية الآثمة التي استهدفت اهلنا في بغداد ومحافظات عدة والتي تاتي ضمن حملة الاستهدافات الاجرامية البشعة الرامية الى بث الفرقة واثارة النعرة الطائفية بين ابناء الشعب الواحد".
كما كرر النجيفي دعوته الاجهزة الامنية الى "عدم الاستسلام للارهابيين والعمل على اتخاذ اجراءات اكثر فاعلية لحماية المواطنين الابرياء".
وتحمل اعمال العنف في العراق طابعا طائفيا متزايدا حيث باتت تتصاعد وتيرة استهداف المساجد والحسينيات في مناطق متفرقة من البلاد التي تشهد منذ كانون الاول احتجاجات سنية ضد رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي.
كما يشهد العراق موجة عنف جديدة تستهدف المقاهي التي يرتادها الشباب خصوصا بعيد موعد الافطار في رمضان، وملاعب كرة القدم، في هجمات دامية قتل واصيب فيها العشرات على مدى اسابيع.
ومنذ نيسان ، لم تتبن اي جهة الهجمات الدامية التي يشهدها العراق، علما ان ان تنظيم "دولة العراق الاسلامية"، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، سبق ان تبنى هجمات مماثلة في الماضي.
في موازاة ذلك، فشلت الاجهزة الامنية في بسط سيطرتها على الارض والحد من تصاعد العنف رغم التغيير الذي اجراه المالكي، الذي يحكم البلاد منذ 2006، للعديد من قياداتها خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، في بلاد يبلغ عديد قواتها المسلحة نحو 800 الف رجل.
ورغم مرور نحو ثلاث سنوات على تشكيل الحكومة الحالية، وهي حكومة "شراكة وطنية" تجمع الموالين والمعارضين، يبقى منصبا وزيري الدفاع والداخلية في حالة شغور بسبب الخلافات التي تعصف بالحكومة العراقية.كما أعلنت الشرطة العراقية مقتل ثلاث نساء بعد اقتحام مسلحين لمنزلهن غربي مدينة بعقوبة .
بدورها أعربت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عن إدانتها الشديدة للتفجيرات الإرهابية التي تشهدها العراق والتي شملت مناطق متفرقة وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من أبناء الشعب العراقي، والتي تزايدت وتيرتها بشكل مقلق خلال شهر رمضان المبارك.
واستنكر نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية بشدة ، هذه الهجمات "الإرهابية" التي تتم بأيادي نكراء لا تريد الخير للعراق والعراقيين، وإنما تهدف إلى بث نوازع الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب العراقي.