يا صاحِ كفى لائمة
يا صاحِ كفى لأئمة أن الدهر غدارٌ ولا تقنع
فلكل منا عنده وفرةٌ من اسرار الدنيا اسباباً و أعذارُ، هذا قد سرته ما جنته نخيل دجّلاَهْا و ذاك بغبطةٍ بعد أعوام الكربٍ عانق حُسن البخت فأغنته الدنيا من منالات سواد قار زيت الآبار،و البعض بلهفة يأمل فُتات خبز عيش الدنيا قانعٌ بقسمتها، و جار سؤ الجوار بالضراء و العدم يكيل البغضاء بالبلاء إصرار ،بلى نعرفه،و كم رأيناه في سراب الفكر شريد الآمال و الاحلام وقد اشتهت نفسه حرام سحتٓ من سخت يداه للترزقِ من عمق جيب بلايا حُسادٍ مأجورة و زمر مرتزقة أشرارا.
لكن الكل له في ميادين الجلاء شهيده و في ساحات مسارح الحروب رفاق اخوة و أحرارا.
فهل غاب عنا من فرط الاسى ان هناك اصابع خفية تحركنا بملمس رقطاء، و من زوايا خبايا أوكارها ايحاءاً تبدل جلودنا، ثم تخرجنا في صبيحة يوم أخوة و أعداء،و في عتمة ليلة فحماء تقلبنا لتعيدنا رفقة على الدرب علاقمةٌ ُمحبة نعانق علوجاً و أنصار،
الدنيا يا صاحبي عجيبة هي كأنها السحرِ يختال تكبراً على كرسي عرش الخلود و الخلق لها الهوينا من كل نحوٍ يأتيها طائعاً ترنحه غفلته، و سؤ بلبلة النوايا، تقلبه الورطاتُ بين براثن العوز يدكُ حصون داره و يصب البلاء بنار جهله عاصفاً بمصائر اجيال أهله بصرير ريح و غضبة إعصار،
فيا صاحبي أن لم تكن مع روح العصر مخضرمٌ فسل بيروت و دمشق عن مواقع الاهوال او اسمع صاغياً انين همس بغداد و الأنبار.
نستأسد في خنادق الحشر كأن ندى المنايا غسلت عنا القيم و الاخلاق، نفني الدار و ننفي مقدسات محاربنا من كهنة و أحبار، ها هي قاهرة مصر لصحراء العرب كنانة و درعُ لوحدة الاقطار والأمصار،على ضفاف نيلها نتلكأ خطى العدى نسير للتهلكة لعلقة معقدة مغلقة الدوائر محكمة الاقفال، تارة يديرها كذاب بيده لقمة عفناء و تارة أخرى يترأس ميدانها جزار فارغ الرحمة ثرثار،فهذا بصفرة الشرق بالتقية ملتحٍ أتى بعمامتهِ خلسة و بإمامته شططاً يتوعد شب الحروب بالدم اخذاً للثأر، في يده خلف ظهره سيفه بالأوطان قاطعٌ بتارٌ، و من شمال الماضي القريب منافقٌ كهلهُ فرطُ داء العظمة يسنُٓ بمبرد الدين صداء الخلافة سناناً، و من الضغينة يصنعُ للفتنة سيوفاً و أشفارُ، و غريب مع اغراب الغرب غرز في صدر أغلى جنائن الأرض أوتاد خيامه و تربع فوق قلوبنا عنوة وإصرارا، ثمّ من فيض الكرم بالعطاء يمنُٓ علينا من كرم الكرام! لكم مني منها تكرماً من وعد الله لنا بضعة أميال و امتارا، فكنا على عجل فوق رواحلِ سفرٍ نتراوح كنعاجٍ باجراس الاعناقِ نحجُ لمرعى الغدرِ بدما الشباب نُستهلكُ نافقين و على مسامع الجهل منافقين نردد مهونين مهللين لهول مصابنا !: بقولنا: لا حول ولا قوة، ما هي إلا نسيج وهن من غمام مشيئة الأقدار! و عُدنا للأوطان بخيبة هزائمنا يقودنا كمٌ من الساسًة كربة الوجوه و رئيسنا يتمتم مرتبكاً يحمل راية الدرب اعجزه مساء العمر كأشحٌ ختيار، قيل عنه في حينها قبل تقهقرهِ أمام بحر الضغوط انه لقضية الاوطان خيرة الأخيار!
مع انهم في بلاد الغربة علانية و بلا خجلٍ خانوا ذوي القربة و الجار، تراكضوا كفلاء عملاء لا بل سماثرة شطارٌ لتجارة بائرة باعوا قبة الصخرة أرضها محرابها و الأشجار.
وهبنا المغتصبة من دون عرس او زفة، و تناسينا مهر المغتصبة، طوينا حق العودة لقدسها آبين إلا بعهدِ وعدٍ ممن يكيدنا متربصاً، يحرمنا الانتماء لعروبة أمة و حمية حرمة الدار، لا لثمن بل لنجعل أبا الثوار رمزاً وطنياً و من تربة حوض قبره مزار !
كفى تبجحاً، قادنا التباهي للتعامي فكفانا دجل، الا يكفينا ما حلّ بنا!؟ تخلينا عن قائد منى الله به علينا كرامة شهيداً في ليلة الأضحى،و نحن كالنسوة بعبسة المنايا نتفرق فرقاً تقلب الصحف يمينة و يسارا، فحلت بنا أمطار الرذايا رذئلاً، خرابُ الفُ بصّرة على ايدي تقلبنا صحواةُ اخوانٍ و تنظيمٰ مُصعّبٍ و نصرةٍ لعشتار واحلام تسُبِحُنا ببحر اوهام تطوف بنا لهدر اعمارٍ، موتُ عارٍ، و اوطان ردم و دمار !
رمينا السيوف عند أقدام الضيوف! و ها نحن اليوم عند بلاد الغرب وسمنا ملامحنا عربٌ شواحب الوجوه نستعجل ملاقاة الحتوف لنملاء الدنيا قتلاً و إرهاب و يا للغرابة، أعداء مع توالي السنون في أرضنا ببهجة الحياة ترقصُ لهواً نشاركهم بأوتار قيثارة،مع تقش و رقش و نفخ شبابة ناي و انفاس مزمار.
غيث ربيع أرضنا حلَّ بنا دماً كخريفٍ أجدب خالٍ من المحبة قفاراً.
ترانا والذل يتلحفنا بلا خجلٍ،نتخفى و الأبدان احمراراً بغبار شناءة فعائلنا صفر الوجوه كي لا نواجه مخيلة الأجيال الائحةٌ بالافاق من بين شقوق إلايام أمام اعين الدهر حافظة تنجلي لها الانظار والأبصار،
علي خليل حايك