مع من تكون
مع من تكون
أنت الغيورُ على الوطنْ.
يا من تدافعُ عن بلادي
من محاذير النوائبِ والمحنْ
مع من تكونُ
وضد منْ؟
الحاكمُ المأجورُ
لم يشفقْ على المرجِ
المزخرف بالعنادلِ
والزهورْ.
لم يأبهْ لحاراتٍ مزينةٍ
يعطّرها انبعاث الياسمين.
الحاكم المغرورُ
لم يرأفْ بمرضعةٍ
تودّع طفلها عند القبورْ.
جيشُ الأشاوسِ والفوارسِ
يقصف التاريخَ والصلواتِ
والحبَ المخبأ في الصدورْ.
يلقي قواريرَ السمومِ
على المدارسِ
والمشافي
والمساجدِ
والكنائسِ
والمخابزِ
والنواعير التي انتصرت
على ظمأ العصور.
الحاكمُ الموتورُ يخطبُ
في المخابئ والقصورْ.
والأم هرّبت العجينَ لخبزها
بين الرصاصة والقذيفة.
وفصائل الأمن الخفيّةِ والعنيفةْ
ملأت سجونَ الحكمِ
بالموت المعجّلِ
والمؤجّلْ.
وفصائل الأمن التي شبت
على كُرهِ الكرامةِ
والتقاليد الشريفةْ.
تسطو على البيتٍ الأليفِ
ليلجأ الأحياءُ للصحراءِ
والجبل المرصّع بالذئابِ
وبالكهوفِ
بلا غطاءٍ أو سقيفةْ.
وكتائب الجيش المبجلِ
والمدللِ
ترتدي زياً تطرّزهُ
تصاميمُ الجماجمِ
والعفاريت المخيفةْ.
أنت الغيورُ على الوطنْ.
مع من تكونُ
وضد منْ؟
أنصارك الكرماءُ ينتقلونَ
من بلد إلى بلدٍ
لترديد النصائحَ والوعودْ.
ولوائح الخطباء تمضي دورةً
وتعود .. ثم تغيبُ .. ثم تعودْ.
طال انتظاركَ
وانتهى مددُ الذخيرةِ والوقودْ.
طال انتظاركَ
والوعود هي الوعودْ.
أنت الغيورُ على الوطنْ.
مع من تكون
وضد من؟
يحميك ثوارٌ
لا يهابون الملاحمَ والمنيةْ.
جاءوك من أرض المكارم والمآثرِ
في ربوع بني أميةْ.
قاموا على الطغيانِ
في بلد التسامحِ
والحضارات الثريةِ
والحروف الأبجديةْ.
البعض جاءك
من وراء البحرِ
من سلفٍ أقاموا
في تخوم الجاهليةْ.
جاءوا بسُمّ الجهل والتكفيرِ
– كيف تسللوا؟ –
نصبوا المشانقَ للكبارِ
وللصغارِ
ولوثوا نور الثقافةِ والهويةْ؟
يا أيها المتسللونَ
قد طالت إقامتكم.
هذي بلاد الشام لا تأوي
الخيولَ البربريةْ.
أنت الغيورُ على الوطنْ.
مع من تكونُ
وضد من؟
بلدٌ يحاصره المناهضُ
من يمينٍ
والمنافقُ من يسار.
وتخبأت فيه العقارب والأفاعي
خلف زوبعة الغبارْ.
شيخٌ يخبئ تحت لحيته الجليلةِ
زبدة الأطفال في وسط الحصار.
أنت الغيورُ على الوطن.
مع من تكونُ
وضد من؟
سيطول هذا الليلُ. لكن
أيّ ليلٍ لا يبدده النهار؟
سيفيضُ نهرُ الدمِّ. لكن
أي نهرٍ لا تهلّلُ عند لقياه البحار؟
يوسف حمدان – نيويورك