…
تساهم الأسماك في علاج أمراضٍ جلديةٍ أهمها “البهاق، و الأكزيما ،والصدفية، تشققات اليدين والقدمين، والوحمة” ، إضافة إلى أمراض أخرى كـآلام المفاصل وبعض الآم الأعصاب وصولا إلى الأمراض النفسية .
نظرة تاريخية
وتكشف الروايات عن سرّ اكتشاف العلاج بواسطة الأسماك، معيدة الأمر إلى راعي غنم تركي وتتحدث فحواها أن أحد رعاة الغنم في تركيا كان يسرح في قطيعه بالمروج، ومع تقدّم الوقت شعر بالتعب من الرعي، فقرر أن يأخذ قسطاً من الراحة بالقرب من المرعى، واقترب من أحد الينابيع ووضع رجليه ليريحها، فإذا بالسمك يدغدغ أسفل قدميه. ومن كثرة التعب لم يشعر بشيء في البداية، لكن مع مرور الوقت بدأ يشعر بالسعادة والراحة. ومنذ ذلك الحين، يستمتع الأتراك بهذا العلاج، وكانوا أول من استخدم سمك «جارا روفا» للاستمتاع بدغدغتها العلاجية.
وتجدر الإشارة إلى أنّ أسماك «الجارا روفا» ليست في حاجة إلى تدريب، بقدر حاجتها إلى عناية خاصة بالمقارنة مع أنواع الأسماك الأخرى؛ لأنها أكثر حساسية , فهي تحتاج إلى راحة عند انتقالها من حوض إلى آخر، وتهيئة الجو بدرجات حرارة مناسبة وتوفير طعام خاص.
وفي تعريف بسيط لهذا النوع من السمك فهو سمك فضيّ اللون يراوح حجمه ما بين 3 و 6 سنتيمترات ، هو نوع خاص من الأسماك يستجلب من الخارج مختص بالطب المُكمل .
نقلة نوعية
افتَتَح المركز الطبي الأول في غزة الذي يعتبر الثاني عشر من نوعه عالميا ، لِيُعالِج فيه بعض الأمراض كالصدفية والأكزيما وصولا بالأمراض النفسية.
وتوصف طبيعته بأنه سمكٌ صغير في أحواضٍ زجاجية مجهزة ومهيأة خصيصا لعيش الأسماك فيها ً، متوسطة الحجم، يغمر القدمين بداخله ،و سرعان ما تتجمع على أطرافها الأسماك ، فما نلبث إلا أن نشعر بلعاقها ودغدغة ووخز أسنانها , وكأنها تلاعب شيئا جديدا دخل إلى عالمها المائي . أما عن طريقة العلاج تتم من خلال غمر القدمين بأحواض السمك
لن يقتصر(Dr. Fish) ، بعد اليوم على تركيا ومصر بل وصل الآن إلى غزة،نوعٌ من السمك اقتصر في بداياته على الأمراض الجلدية ,فيما أقبل عليه أهل غزة، لاعتباره جزء من الطب البديل.
رفع المركز الطبي المتخصص للعلاج شعارا ملصقا على بابه “حوض واحد من الأسماك يعالجك من أي مرض جلدي” , فيما دعا هذا العنوان الشيق إلى جذب الغزييّن لتجربة هذا النوع الجديد من العلاج .
فكرة مرهقة وشاقة
زار مراسل دنيا الوطن المركز و إلتقى بعض المرضى وتحدثت عن هذا النوع الجديد بالنسبة لهم، فالبعض قال بان هذه الأسماك لها سر يكمن في لعابها واعتبر هو مفتاح العلاج , وتجدر الإشارة أنه يحتوي على أنزيمات قادرة على لعق والتهام الجلد الميت من الأقدام والبكتيريا غير المرئية وعلى عمل المايكرو مساج للقدمين.
لم تكن فكرة جلب السمك المذكور وليدة اللحظة بالنسبة لأخصائي العلاج الطبيعي،و الباحث في مجال الطب المُكمل د.أبو غالى، حيث عمل منذ عشرة أعوام في عيادة للعلاج الطبيعي ، خاصة للعلاج بوخز النحل كان يشهد إقبالا كبيرا من المواطنين، ويحقق نتائج ايجابية وعلاج أمراض مزمنة .
ويوضح أن الأمر جذب انتباهه بعدما شاهد فيلماً وثائقياً قبل عدة أعوام عن العلاج بالسمك في العاصمة الفرنسية باريس، وهو ما زاد فضوله للتعرف على طبيعة العلاج به ونقل التجربة إلى بلده , وكان متحمساً لنقل التجربة لفلسطين لتكون الدولة الثانية عشر بعد 11 دولة غربية تستخدم هذا النوع من العلاج مثل تركيا، أمريكا، فرنسا.
بدأ التفكير منذ نحو عامين بإقامة عيادة خاصة الأولى من نوعها للعلاج بمساج السمك، على غرار تلك الدول وتمكن أخصائي العلاج الطبيعي والباحث في الطب البديل علاء أبو غالي من إدخال هذا النوع من السمك للقطاع ولم يكن شراء السمك والوصول به إلى غزة أمراً سهلاً، حيث أنه جاب إحدى دول شرق آسيا حتى عثر على السمك باهظ الثمن، ونقله في أحواض من بلده الأصلي ومن ثم للقطاع، وسط قلق دائم بشأن نقص الأكسجين الخاص به أو انخفاض درجة الحرارة .
وذكر أبو غالي أنه أدخل الأحواض في رابع أيام العدوان على غزة في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، بعد ذلك بدأ بتحويل مشروعه إلى واقع، وحوّل الغرفة الصغيرة إلى محل لممارسة هذا النوع من العلاج مجاناً .
“السمك الطبيب” جاب د.علاء أبو غالي إحدى دول شرق آسيا جالبا منها أكثر من 200 سمكة، منذ حوالي ستة أشهر وبدأ يستخدمها بعلاج العديد من الأمراض الجلدية داخل عيادته التي افتتحها في رفح ويجب أن تتوفر للسمك بيئة مشابهة لبيئته الأصلية، منوهاً إلى أنه يسبق هذه الخطوة تعقيم وتطهير الأقدام للحفاظ على سلامة الحوض وأن هذه الأسماك غير العدوانية، ورغم عدم امتلاكه للأسنان، لكنّ «دكتور فش» يحمل شفاهاً قاسية ينقر بها الجلد كمنقار العصفور، ولا يسبب أي ألم .
يستعان بأسماك «دكتور فش» الكبيرة، لها قدرة على تنشيط الدورة الدموية للجسم ويفضل منها الأوستراليون لسرعتها بالتنظيف وفعاليتها، في تلك الحالة فإن الألم سيكون أكبر، مؤكدا أنها لا تستطيع نقل الفيروسات أو العدوى لشخص آخر.
وأوضح أبو غالي أن هذه الأسماك لا تحتاج إلى أنواع من الأعلاف للغذاء كباقي الأسماك فهي تتغذى على الجلد الميت وما تعثر عليه أثناء عملية العلاج خارج جسد الإنسان.
وبيّن أبو غالي أن عملية العلاج تتم بعدما يقوم كل شخص بتعقيم وتطهير الأقدام أو اليدين في حوض منفصل للحفاظ على سلامة الحوض والأسماك ،وهذا النوع من السمك غير عدواني ولا يكبُر حجمه ولا ينقل الفيروسات والأمراض من مريض لآخر ويتغذى بالأكسجين عبر محرك كهربائي، فضلاً عن سخان مياه، ويعيش في الحوض الواحد ما بين 50 – 80 سمكة.
وأشار أبو غالي بان كل مريض يحتاج إلى جلسة بمعدل نصف ساعة على مدار ثلاثة أيام أسبوعيًا حتى التماثل للشفاء، موضحا بان هذا العلاج يمنع أي مريض يعاني من جروح في قدميه أو يديه من التداوي بالأحواض لضمان سلامته وسلامة الآخرين مشيرا إلى تغيير مياه الأحواض كل يومين .
وفي حين بدأ استخدام أسماك (جارا روفا) في علاج مشاكل الجلد وتدليك القدمين قبل نحو سبع سنوات في اليابان. فإن الإقبال على استخدامه يتزايد منذ ذلك الحين في أنحاء العالم،فيما يحذر بعض الخبراء من احتمال انتقال بعض أنواع العدوى إذا استخدم نفس الحوض ونفس مجموعة الأسماك في علاج أكثر من شخص واحد.
إلا أن أبو غالي يطمح إلى جلب أحواض كبيرة تناسب جلوس الشخص بداخلها حتى العنق، وتطوير مركزه وتوسيعه، متمنيًا من كافة الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة الصحة في غزة بأن تهتم هذا النوع من العلاج وتعتمده رسميًا لأن معظم دول العالم تعترف به وتشجعه.
المرضى المستفيدون
وعن آراء زوار المركز حيث كان يجلس الشاب حسام بدر (28 عامًا) ويدلي قدميه في أحد الأحواض، ويقول إن حب التجربة دفعه إلى زيارة المركز بمجرد افتتاحه، موضحاً أنه عندما وضع قدميه لأول مرة شعر بالنمنمة وبالوخز بعد تجمع الأسماك حولها، لكنه سرعان ما تلاشى في مقابل شعور بالمتعة والراحة.
ويشيد خضر بفكرة العلاج بالسمك كونها جديدة، حيث إنه تعرف عليه لأول مرة عبر شبكة الانترنت والفضائيات، مؤكداً أهمية دعمها حتى تنجح وتنتشر .
اما الشاب خالد ثابت (25 عامًا) والذي يضع قدميه في الحوض المجاور، فهو الآخر يشيد بالفكرة ويطالب بدعمها وتعزيز مثل هذا النوع من العلاج.
ويقول صبحي إنه أيضاً سمع عن هذا العلاج في العديد من دول العالم ، وكان يأمل بأن يصل هذا الأمر إلى فلسطين، وهو ما تحقق بفتح هذا المحل في قطاع غزة.
وتمنى، فيما هو ينظر إلى السمك الذي ينمنم قدميه، أن يتسع تطبيق الفكرة لتشمل نماذج أخرى تتيح للمواطن طرقاً مختلفة يمكن من خلالها الحصول على علاج طبي بديل ملائم.
ومن جهته قال المواطن محمد زقوت : “أعاني منذ سنوات طويلة من الآلام في العظام، ولا أستطيع الوقوف على قدماي لمدة طويلة، ومنذ أيام قصيرة تناقل الغزيون الحديث عن هذا المركز وعن فوائده الجمة في الشفاء من الأمراض الجلدية الخطيرة”، مضيفا : ذهبتُ مرة واحدة إلى المركز، وقمتُ بإدخال قدماي التي تؤلمني داخل حوض متوسط الحجم يحتوي على 200 سمكة، وأول ما شعرت به هو الوخز حيثُ بدأ السمك بالتجمع حول قدماي شيئاً فشيئاً ثم بعد ساعة بدأتُ أشعر بالارتياح،حتى أحسستُ أن قدماي لم يعد بهما ألم , ، موضحاً أن الدكتور المعالج هو من يشرف ويحدد عدد الجلسات المطلوب عقدها حتى يتم الشفاء من الأمراض الجلدية بشكلٍ كامل،
فبعض الأمراض تحتاج لفترات قريبة وبعضها يمتد لجلسات طويلة حسب نوع المرض فعلاج الصدفية مثلا تسع جلسات متتالية، بحيث يتجمع السمك الدكتور على الجلد المُصاب بالمرض، ويقوم بنزعه ثم يُغسل الجلد ومن ثم تُعاد العملية مرة أخرى.
استرخاء واستجمام وراحة..
أما محمد مصطفى فهو يُعبر عن سعادته التامة بوجود هذا المركز الاختصاصي الذي جعلنا نشعر بقيمة غزة وتطورها، وعن التجهيزات في المكان يقول: “المكان مجهز بشكل كبير، وهو متطور للغاية، حتى انك ستشعر في لحظة ما أنك في مركز عالمي، لكن ضيق المكان هو الفيصل، فلو تطور المكان سينافس عالمياً، أتيتُ إلى هنا أكثر من أربع مرات منذ إنشاء هذا المكان.
و وأوضح مصطفى أن سبب مجيئه ليس لأنه يشتكي أي نوع من الأمراض لكنه يأتي إلى المركز للاستجمام .
وفي مشهد آخر في غرفة الأحواض السمكية, آثر المواطن فادى سالم أن يكون أول من تجرى عليه التجربة، ويتمتع بـ(مساج) السمك؛ لينتابه شعور رائع بمداعبة الأسماك لرجليه حين وضعهما في أحد الأحواض الثلاثة، وهو غير متخيل ما سيشعر به للمرة الأولى.
يقول سالم : “سمعت عن العلاج بالسمك، والآن أتيحت لي الفرصة فأحببت أن أجرب ذلك, وشعرت بروعة الإحساس، إذ هدوء الأعصاب والراحة النفسية بمنظر السمك وتحركاته وهو يتجمع على الأرجل ويزيل النتوءات من على الجلد، ويأكل البكتيريا التي لا نراها بالعين المجردة”.
أما المواطن عبد الكريم فضل فدفعه الفضول إلى خوض التجربة، والتعرف إلى فوائد (المساج) بالسمك, فالأسماك الصغيرة تداعب رجليه بلطف، حينها مشبها إياها وكأن طفلًا صغيرًا يداعب رجليه, ما منحه الشعور بالراحة النفسية.
وأكد فضل أنه سيواصل الجلسات والاستمتاع بـ(مساج) السمك؛ لأنه بدأ يشعر بالفائدة واسترخاء الأعصاب هذه السمكة قوية ومفيدة، فهي ليست صالحة للأكل لكنها صالحة للعلاج، وهذا ما يميزها فعلاً عن أنواع كثيرة وملايين الأسماك في العالم،مضيفا “ما يدهشني حقاً هو أن هذا التطور الحاصل في علم الطب في العالم وصل بشكل كبير إلى غزة، ولم نعد نحتاج أن نسافر مئات الكيلومترات حتى نتعالج من الأمراض التي تصيبنا والتي لا يفيد فيها العلاج الكيماوي.
الجدير بالذكر، أن المركز قد صُنف عالميًا الثاني عشر، وقد حظيت مدينة غزة، بالإضافة إلى مدن عربية بهذا التصنيف الذي أضاف نقلة نوعية إلى الطب في غزة. جلسات العلاج تنقسم الجلسات إلى نوعين: “للعلاج والاستجمام”. الجلسة تتراوح مابين 20-30 دقيقة.
وتختلف الجلسات العلاجية في عددها وفترتها الزمنية. أما جلسات الاستجمام فهي “حسب الرغبة لا تتقيد بعدد جلسات أو بفترة زمنية محددة”.
وتبدأ عملية العلاج بوضع قدمي أو يدي المريض في حوض زجاجي مائي يحتوي على سمك ” جارا رافا” و أنواع خاصة من الحصى اُستجلبت من موطن الأسماك لحجز فضلاتها وللحفاظ على سلامه السمك من حمض الامونيا الموجود في الفضلات .
طُريقة مُكملة للطب التقليدي والحديث لأبو غالى الذي يشير أن نتائج العلاج “تأتى بنتائج ايجابية بشكل مذهل خاصة لمرضي الصدفية والاكزيما والبهاق وآلام المفاصل والصدمات العصبية والنفسية”. ويصاحب الجلسة الاستماع للموسيقي الهادئة التي تساعد المريض على الاسترخاء، فتبدأ الأسماك بالتهام بقايا الجلد الميت أسفل القدمين أو اليدين، وتعمل على تنظيف البشرة من الفطريات والبكتيريا غير المرئية بالعين المجردة المتواجدة ما بين أصابع اليد أو القدمين. وعملية التهام الجلد الميت تعمل على تفتيح مسامات لجلد، وهي نوع من أنواع المساج الطبيعي ” الميكروماساج”, وبالتالي تعمل على تنشيط الدورة الدموية.
والطريقة الأخيرة وصفها د.علاء “بجلسات الاستجمام والترفيه حسب الرغبة”. وأثناء الحديث أطلق اثنين من المرضي ضحكات خفيفة عندما غمرا قدميهما في الأحواض، فسألناهم عن السبب؟ فقالا “نشعر بزغزغة خفيفة لكنها تلاشت”. وكان احدهما جاء للترفية والآخر طفل يعانى من أكزيما موسمية .
دواعي السلامة
يسبق جلسة العلاج خطوات لدواعي السلامة، تبدأ بتعقيم وتطهير الأقدام للحفاظ علي سلامة المرضي والأسماك .
ويشير أبو غالي أن الأسماك حصلت على شهادات صحية خالية من الأمراض. إلى ذلك يتم فحص كل مريض للتأكد من خلوه من الجروح والقروح والالتهابات المزمنة أو الأمراض المعدية ” تحسبا لانتقال العدوى”,منوها أن مياه الأحواض تُجدد يوميا، وبداخلها جهاز لتوفير الأكسجين وسخان للتعقيم و لتدفئة المياه بالأشعة فوق بنفسجية لقتل أي ميكروبات أو فيروسات داخل الأحواض.
ويختتم د. أبو غالى حديثه “يخضع استخدام الحوض مابين المريض والآخر فترة زمنية تمتد لنحو ثلاثين دقيقة لإجراءات التعقيم”. هو نوع خاص من الأسماك استجلبه من الخارج مختص بالطب المُكمل.
المدهش أن هذه الدغدغة الناعمة سرعان ما تلاشت وبدأنا الإحساس بالاسترخاء والهدوء النفسي. طريقهٌ علاجية ربما تثير الدهشة عند البعض والاستخفاف عند الآخرين.
ووفق شرح مفصل من د.علاء أبو غالي أخصائي العلاج الطبيعي، الباحث في مجال الطب المُكمل الذي افتتح مركزه العلاجي في مدينه رفح جنوب قطاع غزة ، فإن “المختصين بهذا العلاج حصلوا على نتائج ملموسة بشكل كبير بعد أن يأس المرضى من الطب التقليدي واستخدام العقاقير والأدوية الطبية”.