أرشيف - غير مصنف

حول إعادة هيكلة الاصلاح والمصلحين في الأردن

عندما أستمع إلى خطاباتهم المزركشة التي تطرز باستخداماتهم المنمقة للإنجليزية الموجهة للخارج، أكاد أصدق بحسن نواياهم، لكن، عندما أدقق في الأمر، أجد النظام يرتعد خوفا من الخارج لذا يحاول استمالة عواطفه، أكثر من الداخل.
 وهذا يفسر حرصهم المستميت على مسايرته – أي الخارج – لضمان بقاءهم واستمراريتهم، حتى وإن ترتب على ذلك اسقاط للشعب من قائمة اولوياتهم، ما ينتج عنه اسقاطاً لهيبة في عيونهم ! 
لهذا، يمكن القول: إن النظام أخفق في إيجاد حلولاً الحقيقة تخرجه من مساحات التخدير الى فضاءات العلاج، بهدف إنهاء ازماته المتلاحقة، ذات الامتداد الشعبي، جراء اصراره على اصطناع مشاريع شكلية خالية من الدسم، لا تحرك جمود المشهد العام.
فالإصلاح، لا يعني البقاء والاتكال على ترديد الشكلي للكلمة، والترويج لها دون تفعيل عجلة منظومتها، باتجاه تحقيق أفعال ترضي الشعب. 
بمعنى أكثر وضوحاً، اجتراج النظام للإصلاحات جاء لاعتبارات تتعلق بأمنه الشخصي، لا بأمن الدولة الاردنية، والشعب، والعرش.
هل قلت العرش، بلى، العرش الذي هو ملك الأردنيين جميعاً، وليس حصراً بالعائلة الحاكمة التي ارتبطت بالبلد بعقد اجتماعي لا مكتوب متعارف عليه، وأي إخلال به، يعرضه  للشرخ، وهذا ما هو حاصل اليوم، ويحاول النظام انكاره، إلى حين ميسرة، سيما وان الشرخ جاء على يد العائلة الحاكمة نفسها وبيدها.
في عين السياق الحزم التخديرية – الاصلاحات –  لم ترقى إلى الطموح الشعبي، بل أن طيفاً متسعاً من حرس النظام التقليدي، وجدوا انفسهم مضطرين بشكل أو بأخر لمعارضته ومشاريعه، إذ اعتبروها عامل تأزيم للمشهد الأردني الداخلي، وحصار الخارجي، ما يزيد من ازماته، ما قد ينتج عنه تقديم تنازلات خطيرة، تهدد مصلحة البلد العليا. 
سيما، وأن هؤلاء يعون أكثر من غيرهم خطورة القنابل الدخانية التخديرية المخصصة للشعب واثارها.
مثلاً، القبول بقانون الانتخابات الجديد، والذي لم يتغير اصلاً إلا بإضافة مسحوق " الكتلة الوطنية " مع الإبقاء على إسفين الصوت الواحد، زاد من شرخ المجتمع، خصوصاً وانه مفصل حسب الطلب، نتج عنه مجلس نواب معاق، ومشوهه، لا رجاء  منه، فالشكل وإن تغير، يبقى المضمون التقليدي، الأمني السياسي سيداً للموقف !
لكن، يمكن اعتبار السابق، جيداً، وفي صالح النظام، كونه منحه وقتاً اضافيا للمناورة،  كرهان شرعي و وحيد يتقنه النظام، لكنه للأسف وقت بدل ضائع، قد ينتهي في أي لحظة !
ولا يشكل فرقا بالنسبة للشعب، سيما وأن كل الملفات المتفجرة، مازالت تحمل في قلبها فتيل الاشتعال. 
البعض يعتقد – هذا حقه – أن ما تم اعلانه إلى الأن يعد إصلاحاً، لكن، الحقيقة غير ذلك، فالمشاريع التي من بها النظام على الشعب تحصين الفاسدين وتمنع المساس بهم.
مثال ذلك ظهر جلياً في قضية الرواتب التقاعدية للنواب مؤخراً، كما ظهر في ملف الفوسفات، وملف التحول الاقتصادي، وأخرى، وضعت على رف النسيان.
ختاما: أي اصلاح لا يفتح ملفات الفساد كلها، بداية من الديوان الملكي والذي يمثل ناصيته، مروراً بالوزارات، وصولا إلى المؤسسات المستقلة، وبعيدا عن سياسة الانتقائية، لا يعد اصلاحا.
أي اصلاح لا يعيد الأموال المنهوبة، والشركات المباعة، والموارد المسروقة، إلى حوض الشعب، لا يعد اصلاحا، مهما تغزل به المتغزلين، ومهما "سحج " له الراقصين على جراح الشعب. 
خالد عياصرة 

زر الذهاب إلى الأعلى