…
رأت صحيفة الجارديان البريطانية اليوم "الثلاثاء" أن وقوع اشتباكات فى وسط العاصمة السودانية الخرطوم، وارتفاع حصيلة القتلى وحالة الجمود التى تسود البلاد أدت إلى زيادة حدة الغضب تجاه النظام السودانى الحاكم برئاسة عمر البشير.
وعلقت الصحيفة- فى تقرير أوردته عبر موقعها الإلكترونى- على رأى العديد من الأشخاص الذين ذكروا أن الربيع العربى لن يصل إلى السودان؛ حيث إن السودان يقع على هامش العالم العربى، لذا فإنه من غير المحتمل أن يشهد أى تحول سياسى خطير.. قائلة، إن هذا الرأى ترسخ نتيجة للمحاولتين الفاشلتين للإطاحة بالحكومة السودانية منذ بدء الصحوة العربية؛ حيث كان معدل مشاركة المواطنين فى المظاهرات قليلا، بينما كانت غالبية السكان تسخر من المتظاهرين كون غالبية السكان من الطبقة الوسطى، بالإضافة إلى أنهم كانوا معزولين عن الحقائق التى تحدث على أرض الواقع.
وأضافت الصحيفة، أن محاكاة نموذج وسائل الإعلام الاجتماعية بوصفها محركا لثورات الربيع العربى لم يكن يجذب الكثير من الاهتمام.. مشيرة إلى أنه قد يتم نشر العديد من المقالات، وإذاعة البرامج التليفزيونية التى تتساءل، هل هذا هو الربيع العربى فى السودان؟..ومضيفة، أن هذا أيضا لا يزال بعيد المنال.
وأشارت الصحيفة إلى أن "الموجة الثالثة من الاحتجاجات فى السودان التى انطلقت خلال الأسبوع الماضى برهنت على أن الغضب اجتاز الفجوة الطبقية، كما أن أعداد المتظاهرين الذين قتلوا، أو تم إطلاق النيران عليهم من قبل قوات الأمن التابعة للحكومة لم يسبق لها مثيل".
ولفتت الصحيفة إلى أن الموجة الحالية من الغضب، والتى اندلعت جراء رفع الدعم، بشكل رئيسى عن الوقود، احتوت على مضمون مختلف، حيث بدأت الاحتجاجات فى المناطق الفقيرة بالعاصمة السودانية الخرطوم بالإضافة إلى أماكن أخرى، بشكل غير منسق ومتفرق.. مشيرة إلى أن الموجة دفعت هؤلاء المحرومين من حقوقهم إلى التظاهر والنزول إلى الشوارع بسبب الضغوطات المالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين من أثرياء الخرطوم فى البداية اتفقوا مع الحكومة على أن هؤلاء مخربون ولصوص استنادا إلى أعمال العنف الغوغائية التى جعلتهم يؤيدون هذا الرأى.
ولفتت إلى أن "صور القتلى التى انتشرت عبر مواقع الإعلام الاجتماعى مثل الفيسبوك والتدوين المصغر(تويتر) أحدثت تغييرا فى موجة الربيع العربى بالسودان حيث انتقلت الاشتباكات الآن إلى وسط المدينة، وفى الشوارع والحرم الجامعى".
ونوهت الصحيفة بأن "مشاهدة اصطفاف الجثث أمام المشرحة كان لها تأثير على المزاج العام، كما أن مشاهدة تشييع جثامين الضحايا لا يمكن الاستهانة به..مشيرة إلى أن كل هذا قد يكون بداية لنقطة تحول".
وأردفت الصحيفة، أنه على الرغم من معاناة الخرطوم من حرب أهلية وصراعات عرقية، إلا أنها تم عزلها نسبيا من مشاهد سفك الدماء.. مضيفة، أن الإنكار الذى أفسح الطريق أمام موجة الغضب وصدمة السودانيين من أعداد الضحايا، إلى جانب اليأس الاقتصادى قد يمثل بداية لتبديد الخمول السياسى الضخم الذى هيمن لفترة طويلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أمان الحكومة السودانية استند إلى الجمود، الذى تمثل فى عدم وجود أى بدائل مجدية، أو أحزاب معارضة يمكنها أن تستبدل النظام الحاكم.. مضيفة أن بقاء حكومة البشير بدا وكأنه يقف ما بين الاستقرار، واستعداد البربر الذين ينتشرون عبر حدود السودان لأن يقتحموا العاصمة، والانتقام من كافة المظالم التى تسببت فيها الحكومة السودانية.
واختتمت الجارديان تقريرها قائلة، إنه فى ظل تواصل الفشل الاقتصادى وسفك الدماء، فستتزايد رؤية "الاستقرار" على أنه غير كاف.