بعد أكثر من عامين ونصف على اندلاع…
بعد أكثر من عامين ونصف على اندلاع الأزمة في سوريا، نجحت قوى المعارضة باعتماد مناهج تعليمية جديدة “تناسب واقع الثورة”، وأصدرت لهذه الغاية مؤخرا 4 ملايين نسخة من كتب يتم توزيعها في المناطق “المحررة” داخل سوريا كما على اللاجئين في تركيا.
ويؤكد القائمون على هذه الخطوة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنّها تنحصر بعملية “تنقيح” من خلال إزالة كل ما له علاقة بحزب البعث ورئيسه بشار الأسد، رئيس النظام السوري، ووالده الراحل حافظ الأسد، من مواد التربية القومية والجغرافيا والتاريخ.
ويشير عبد الرحمن كوارة، المدير التنفيذي في “الهيئة السورية للتربية” التي أعدّت المناهج الجديدة، إلى أن العمل بدأ فعليا في فبراير/شباط الماضي وانتهى قبل أشهر قليلة، لافتا إلى أنّه “يتم حاليا توزيع 4 ملايين نسخة لكتب طالها التنقيح في داخل سوريا كما في المدن التركية حيث تتواجد أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين”.
وقال كوارة في اتصال هاتفي مع وكالة “الأناضول” من تركيا أن”المناهج السورية الجديدة لا تُدرس في باقي دول اللجوء وبالتحديد في الأردن ولبنان، باعتبار أن هذه دول لا تسمح بتدريس منهج عربي مختلف عن منهجها الرسمي، بخلاف تركيا التي لم تجد مشكلة بالموضوع باعتبار أن منهجها الرسمي باللغة التركية”.
وتمكن طلاب سوريا في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة والذين بدأوا عامهم الدراسي في 15 سبتمبر/ايلول الماضي من الاطلاع على المناهج الجديدة، اذ وصلت الكتب المنقحة الى مدينة حلب وريفها كما الى ادلب، فيما يسعى الثوار لتوصيلها الى باقي المناطق التي تخضع لسيطرتهم وبالتحديد الى ريف اللاذقية والرقة ودير الزور.
واذ يؤكد كوارة ان الهيئة عملت بالتنسيق التام مع الائتلاف الوطني السوري، يشير الى أن الكتب المنقحة حملت ختما يقول “تم التعديل بالتنسيق مع الائتلاف” لتجنب دخول طرف ثالث على الخط يُدخل تعديلات جديدة اليها.
ويضيف:”نحن حافظنا على المواد العلمية لكننا حذفنا كل ما له علاقة بالنظام السوري وحزب البعث وبشار وحافظ الأسد”، لافتا الى أن “التغيرات طالت كل ما له علاقة ببناء شخصية التلميذ السوري الذي تشرّب سابقا عقلية الحزب الواحد والشخص الواحد”.
ويوضح أنّه تم كذلك بإطار عملية تعديل المناهج “تصحيح المسار التعليمي”، لافتا الى أنّه وحين يتعلق الأمر بالعلاقات مع دول الجوار تم ادخال تعديلات أساسية، وقال:”مثلا تتحدث مناهج النظام عن فترة الحكم العثماني على انّها مرحلة احتلال، فيما أكّدنا في مناهجنا على أنّها ليست الا فترة امتداد للحضارة الاسلامية”.
ويشير إلى أن 2200 تلميذ سوري تقدموا العام الماضي للامتحانات الثانوية الرسمية في تركيا ونجح قسم كبير منهم واستطاع الالتحاق بجامعات في معظم دول العالم باعتبار أن الشهادة التي يمنحها الائتلاف الوطني السوري شهادة معترف بها دوليا.
وأعلنت دول مجموعة “أصدقاء سوريا”، والتي تضم أكثر من 100 دولة غربية وعربية خلال اجتماع لها في المغرب في ديسمبر/ كانون الأول 2012، اعترافها بائتلاف المعارضة السوري “ممثلا شرعيا ووحيدا” للشعب السوري، مما ينسحب على كل القرارات الصادرة عن الائتلاف.
ويفضل مسؤول ملف التعليم في المجلس الوطني السوري يحيى العبدالله الحديث عن “مناهج منقحة” وليس “مناهج جديدة”، لافتا الى أن عددا كبيرا من المدارس السورية في “المناطق المحررة” لم تصلها بعد الكتب “المنقحة” لصعوبة الوضع على الأرض، ويشير الى أنّه يتم التواصل مع القائمين على هذه المدارس كما مع المدرسين ليدخلوا التعديلات بنفسهم أو أقله يحذفوا ما له علاقة بالنظام السوري وحزب البعث.
وأوضح العبدالله في اتصال هاتفي مع “الأناضول” أنّه على الرغم من أن التعديلات التي أدخلت كانت “جوهرية” إلا أنّها أبقت على المواد العلمية كما كانت عليه، وبالتالي فهي لن تترك تأثيرات على المستقبل العلمي للأجيال السورية.
ورفضت وزارة التربية في سوريا التعليق على موضوع التعديلات التي أدخلتها المعارضة الى المناهج التعليمية، حيث لم تتجاوب مع كتاب رسمي وجهته “الأناضول” لهذا الغرض.
وفي مدينة حلب التي وصلتها الكتب “المنقحة”، تنقسم الطوابق في المدارس ما بين طوابق علوية تستقبل الطلاب وطوابق سفلية تحوي أعدادا كبيرة من النازحين.
ويقول محمد الحلبي، المتحدث الرسمي باسم اتحاد تنسيقيات الثورة السورية في حلب، لـ”الأناضول”: “يواجه العام الدراسي 2013 معوقات كثيرة، فالمدارس كطلابها قليلة جداً، والسبب لا يخفى على أحد أبداً، فهي إما مدمرة بطائرات النظام وصواريخه وقذائفه، وإما مليئة بالنازحين الذين هجروا بيوتهم المدمرة بذات الأسلحة، والمدارس الباقية التي يذهب إليها الطلاب قسمت إلى قسمين، الطابق العلوي للطلاب، والطابق السفلي للنازحين.”
ويشير الحلبي الى انّه ككل شيء في سوريا أصبح التعليم منقسماً إلى قسمين، ليزيد معاناة السوريين ويخلق فجوة بينهم سيلمسون أثرها في المستقبل لا محالة، ويضيف:” قسم من الطلاب في مناطق النظام لا يزالون يدرسون منهاج النظام المليء ببطولات بشار الأسد وحزبه الحاكم، وقسم في المناطق المحررة يدرسون منهاجاً جديداً لا يخلو من ذكر إجرام وبطش بشار الأسد وجرائمه الشنيعة في حق الشعب السوري.”
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين بحسب مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مليونين و مئة وثمانين ألفا، موزعين بمعظمهم على لبنان وتركيا والأردن.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” الشهر الماضي أن قرابة 40 في المائة من إجمالي أطفال سوريا باتوا خارج مدارسهم، بتأثير حرب أهلية طاحنة في بلادهم.
وحذّرت المنظمة من أن “جيلاً كاملاً من الأطفال السوريين، إناث وذكور، مهددين بفقدان التعليم”.
وأوضح تقرير صادر عن المنظمة الدولية أن نحو 78 في المئة من الأطفال في مخيم الزعتري (شمال الأردن) وما بين 50 في المئة إلى 95 في المئة في المجتمعات المضيفة خارج المخيم لا يذهبون إلى المدرسة.
(الاناضول)