الإيكونوميست: الإحباط يضرب بجذوره في شباب الجزائر الغنية بالنفط
قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إن حدوث تحول سلمي للسلطة في الجزائر يعتمد على بقاء سعر النفط مرتفعا حتى يتمكن الناس من الاستمرار في عمليات شراء احتياجاتهم بينما يضرب الركود النواحي السياسية والاقتصادية في حالة الركود . “
وذكرت المجلة في تقرير بعددها للأسبوع الجاري أن المزاج الطاغي بين سكان الجزائر البالغ عددهم حوالي 38 مليون نسمة هو الإحباط، رغم أن البلاد تحتل المرتبة الـ 13 بين أكبر الدول التي لديها احتياطيات من العملات الأجنبية في العالم، كما أنها تمتلك موارد طبيعية هائلة ذلك أساسا من النفط والغاز.
وأعلن محافظ البنك المركزي الجزائري، محمد لكصاسي، مؤخرا أن مستوى احتياطي بلاده من العملة الصعبة بلغ نحو 190 مليار دولار بنهاية النصف الأول من العام الماضي، متراجعا من نحو 200 مليار دولار بنهاية العام الماضي 2012.
وتقول الحكومة الجزائرية إنها ستنق 286 مليار دولار على مدار خمسة أعوام قادمة لبناء المدارس والطرق و المستشفيات الجديدة في محاولة لخلق فرص عمل من خلال تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز، والذي يوفر الجزء الأكبر من إيرادات الدولة.
ويقول التقرير، الذي حصلت الأناضول على نسخة منه، إن الجهود الحكومية تتعثر لتنويع مصادر الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز، حيث يصل معدل البطالة في الجزائر إلى 40٪ ، بينما يفضل الكثير من الطلاب وعددهم حوالي 1.5 مليون عندما يتخرجون، للعمل في المجال الذي تم تدريبهم لأجله، بينما تستورد الجزائر جميع السلع الأساسية تقريبا .
ويذكر التقرير أن ” أريد أن أغادر “ هذا هو الرد المعتاد على الأسئلة حول خطط للمستقبل، من الشباب الجزائري الذي يحمل أفكارا حديثة في مختلف الأماكن في البلاد.
ويشكو الجزائريون من الفساد، بينما تتفاقم فضيحة الرشاوى في سوناطراك، شركة النفط المملوكة للدولة، ولكن العديد من الحالات لم يتم التحقيق بشكل صحيح نظرا لأنها تضم عائلات ثرية وقوية التي حققت أرباحا ضخمة من مشاريع البنية التحتية .
وصدرت مذكرة توقيف دولية بحق وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل بعد الكشف عن فضائح فساد في شركة سوناطراك الوطنية للنفط والغاز في يناير/كانون الثاني 2010، وفي 10 فبراير/شباط الماضي، فتحت النيابة العامة في الجزائر العاصمة قضية “سوناطراك 2″ عندما أمرت بإجراء تحقيق حول فساد محتمل شاب عقودا بين مجموعة إيني الإيطالية وسوناطراك يسود اعتقاد بأن شكيب خليل متورط فيه.
ويقول التقرير إنه على الرغم من الصحوة السياسية في العالم العربي في السنوات الثلاث الماضية، يشعر الجزائريون بالقلق من المطالبة بالتغيير الصاخب، إلا أن الحكومة من جانبها ، سعت إلى اتباع نموذج ملوك الخليج من خلال التركيز أكثر على زيادة مدفوعات الرعاية الاجتماعية وأجور العاملين في الدولة أكثر من قمع المعارضين، ورفعت رواتب الشرطة و موظفي الخدمة المدنية، كما تقدم الوكالة الوطنية لدعم توظيف الشباب قروضا رخيصة إلى أي شخص تحت سن الـ 35 عاما لفتح مشروع تجاري.
ويشير إلى أن الحديث مع الشباب الجزائري تتخلله إشارات إلى ” العشرية السوداء ” في فترة التسعينات، عندما خاضت الدولة حربا دموية ضد الإسلاميين بعد إلغاء الجولة الثانية من الانتخابات في أوائل عام 1992 بعدما فاز الإسلاميون في الجولة الأولى في نهاية عام 1991، كما يشير الجزائريون أيضا إلى الحرب الأهلية الحالية في سوريا باعتبارها سببا آخر لعدم الدعوة بقوة من أجل التغيير في الداخل.
حتى في الولايات الجنوبية بالجزائر، حيث نظم شبان احتجاجات ضد نقص فرص العمل، الهدف منها ليس للإطاحة بالحكومة، يقول حمدان عبد السلام، الذي يرأس جمعية للعاطلين عن العمل في “غرداية” .
علاوة على ذلك، الكثيرون من الجزائريين يشعرون بالامتنان للرئيس بوتفليقة لاستعادة الهدوء إلى الجزائر بعد العشرية السوداء، بينما توقفت على ما يبدو انتهاكات مثل التعذيب على أيدي قوات الأمن وأصبحت وسائل الإعلام حرة ، كما اتسع الفضاء السياسي قليلا .
ويرى التقرير أن المعارضة ضعيفة جدا لإحداث الكثير من الفرق، كما أن الإسلاميين الذين أبلوا بلاء حسنا حتى في أماكن أخرى في المنطقة، لا يثق بهم على نطاق واسع، كما أن الحكومات الأجنبية لديها شهية قليلة للضغط الجزائر لإجراء إصلاحات، وفضلت التعاون مع حكامها لمعالجة الجهاديين على هامش الصحراء الذين ينحدرون من أماكن مثل ليبيا ومالي والنيجر وتونس.
ويقول إن معظم الجزائريين، على الأقل أولئك الذين لا يستطيعون ترك البلاد – يبدو أنهم مستعدين للانتظار بصبر ليرحل جيل العواجيز الذي يدير البلاد منذ الاستقلال، ويفترضون أن مجموعة جديدة ستتولى مقاليد الحكم في نهاية المطاف تحل مشاكل السياسة والاقتصاد وتقيم نظام التعددية الحزبية بشكل أكثر واقعية.
ويختتم التقرير قائلا إن كلا من الناس والسلطة يؤجلون التغيير بسبب المخاطر” ويقول محلل سياسي بارز “أنهم لا يدركون أنه سيكون من الصعب (إحداث التغيير) في وقت لاحق”.
وكان الخبير النفطي ووزير الطاقة والمناجم الجزائري الأسبق، نور الدين أيت لوسين، قد دعا الحكومة إلى ضرورة خفض إنتاجها النفطي الحالي، حفاظا على حق الأجيال القادمة من هذه الثروة غير المتجددة، موضحا أن زيادة وتيرة الإنتاج التي انتهجتها الجزائر منذ العام 2000 ستعجل بانهيار إنتاج حقول النفط والغاز.
ويبلغ إنتاج الجزائر النفطي 1.41 مليون برميل يوميا حاليا، مقابل 100 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا. وتتوقع وزارة الطاقة الجزائرية مضاعفة إنتاج البلاد من النفط والغاز خلال السنوات العشر القادمة بفضل عدد من الاكتشافات الجديدة التي حققتها مؤخرا.
وتصدر الجزائر 55 مليار متر مكعب من الغاز إلى الخارج سنويا، ويبلغ استهلاكها المحلي 30 مليار متر معكب، ويعاد ضخ الكمية المتبقية في الحقول للحفاظ على مستويات الإنتاج في الحقول.
وكشف وزير الطاقة الأسبق، أن الجزائر استهلكت منذ استقلالها ثلثي احتياطاتها القابلة للاستغلال من النفط الخام ونصف احتياطات الغاز الطبيعي.
وتقدر احتياطات الجزائر القابلة للاستغلال بـ4500 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، مقابل 11.2 مليار برميل من النفط الخام.
(الأناضول)