لا شك أن لدى الدولة الأردنية نوايا حسنة للإصلاح والتطوير والتنمية، ولا شك كذلك أن النظام يستشعر بالحاجة الشعبية لذلك.
لكن هذه النوايا اقترنت مع ما لا يناسبها من الافعال السيئة، أي أن النظام طرح المشاريع التنظيرية الاصلاحية – على الرغم من عدم جديتها وجدواها – وفي عين الوقت منح الأجهزة الأمنية، وقوى الشد العكسي، الضوء الاخضر لمناكفتها، وشيطنتها وافشالها، ومن ثم ايقافها.
مثلاً: يوقع النظام على تحديد خطى محكمة أمن الدولة، وفي عين الوقت يغض الطرف عن ارتفاع عديد المحالين اليها من المعتقلين السياسيين.
مثلاً: يروج النظام لوجهة الديمقراطي القائم على احترام الحريات الاعلامية والصحفية خارجيا، لكنه يسمح باعتقال الناشرين والصحفيين في الداخل ( ناشر موقع جفرا نضال الفراعنة و ورئيس تحريره الصحفي أمجد المعلا ) كما يسمح للقوات الامنية باقتحام صحيفة الرأي.
الامثلة من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها، فالنظام يطرح المشروع التنظيري لا لمغازلة الرأي العام، بل تأكيداً على سطوته المعتمدة على أفعال الترهيب و التخدير، القائمة على سياسة الأمر الواقع الرافضة لمبادئ التشاركية المجتمعية فيها، بصورة عملية تعيد ترميم أركان النظام وما تبقى من الدولة !
أخيراً: النوايا الحسنة ما دامت تعتمد على أفعال، هروة تحت الطلب، وبلحطة وقت الحاجة، واقتحام متى دعت الضرورة، وشيطنة لمن يغرد خارج السرب، بإبداع وتوقيع العقل الأمني السياسي المحصور في العوائل الحاكمة، الرافضة لكل ما لا يناسبها ومصالحها، فإن النتيجة الحتمية تقول: باتساع ظواهر الرفض، والاعتراض، وانتقالها من الصورة الشعبية إلى الصورة المؤسسية الحكومية التي “قد ” تعطل قلب الدولة، حتى وإن كانت أذرع الأجهزة طويلة جداً، حتما هنا تتحول النوايا الحسنة الى سيئة، بل سيئة جداً.
فالإصلاح والسطوة الأمنية لا يلتقيان أبداً، فطريقهما متقاطع، والنتيجة لأبد وأن تكون كارثية في الأيام القادمة، فالنوايا السيئة تقتل اصحابها، أليس كذلك.
خالد عياصرة