علاج حفيدة هنية في إسرائيل يكشف تردي الأوضاع الصحية بغزة
غزة- الأناضول: يكشف سفر حفيدة اسماعيل هنية، رئيس الحكومة المقالة في قطاع غزة، والقيادي البارز في حركة حماس، إلى إسرائيل لتلقي العلاج، عن تردي الوضع الصحي في قطاع غزة، وخطورة الحصار المفروض عليه منذ أكثر من (7) سنوات من قبل إسرائيل، بالتزامن مع إغلاق الجيش المصري لمعبر رفح البري بشكل شبه كامل.
وكانت الطفلة الرضيعة (آمال)، حفيدة هنية والطفلة الوحيدة لنجله الأكبر، عبد السلام، التي جاءته بعد انتظار دام أكثر من (14) عاماً، أصيبت بـ”عدوى خطيرة في جهازها الهضمي، أصابتها بحمى شديدة، وأثرت على جهازها العصبي، وتسببت بأضرار فادحة في الدماغ، حتّى دخلت في حالة الموت السريريّ”.
ونقلت الطفلة هنية لتلقي العلاج في مستشفى إسرائيلي بعد أن دخلت في حالة الموت السريري، وعادت إلى قطاع غزة في أقل من (24) ساعة بلا أمل من شفائها.
وذكر الطبيب نبيل البرقوني، مدير مستشفى النصر للأطفال، إن تحويل حفيدة هنية للعلاج في إسرائيل، يشير إلى الوضع الصحي المتردي في القطاع بفعل الحصار، ونظرا لإغلاق معبر رفح البري من قبل السلطات المصرية.
وأضاف في حوار مع مراسلة وكالة الأناضول للأنباء بغزة:” اضطررنا لإرسال الطفلة للعلاج بإسرائيل (..) كانت بحاجة لبعض الفحوصات لتشخيص حالتها بشكل أدق، أو لانقاذها من الموت السريري، لكن النتائج كانت مطابقة لفحوصات غزة”.
ولفت البرقوني إلى أن تحويل الطفلة كان إجراءا اعتيادا، ولا يحمل أي بعد سياسي، بالنظر إلى مكان جدها، الذي يعد أحد أبرز قادة حركة حماس، التي تعد من أكبر أعداء دولة إسرائيل.
وأضاف:” لقد تعذّر إرسالها لأي منطقة أخرى بسبب إغلاق معبر رفح البري” من جانب السلطات المصرية.
وأشار البرقوني إلى أن الحالة الصحية للطفلة هنية، لم يكن يحتمل الانتظار لفتح معبر رفح البري، أو التعامل مع ظروف عمل المعبر التي تحتم الانتظار لساعات طويلة للمسافرين والمرضى في حال فتحه.
ويعتبر معبر رفح المنفذ الوحيد لنحو 1.8 مليون نسمة يعيشون في قطاع غزة، وبعد عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو الماضي أغلق الجيش المصري المعبر، ولا يتم فتحه إلا بشكل جزئي للحالات الإنسانية.
ولا يعمل المعبر في حال فتحه على مدار الساعة، بل يعمل فقط لمدة 4 ساعات في اليوم.
كما أن على المسافرين تسجيل أسماءهم أولا لدى وزارة الداخلية في غزة، والانتظار لفترات قد تصل لعدة أشهر حتى يصلهم الدور في السفر.
ويقول الطبيب البرقوني:”أقرب الأماكن التي يمكن السفر إليها للعلاج بالنسبة للمواطنين في قطاع غزة هي المستشفيات الإسرائيلية، وذلك بعد الحصول على التحويلات لتلقي العلاج في إسرائيل من وزارة الصحة التابعة لحكومة رام الله التي تتولى عملية التنسيق”.
ويتلقي بعض الفلسطينيون المصابون بأمراض خطيرة العلاج في المشافي الإسرائيلية، كإجراء روتيني، بالتنسيق مع وزارة الصحة في رام الله.
لكن السفر للعلاج في إسرائيل، ليس متاحا للجميع، حيث ترفض السلطات الإسرائيلية منح الكثير من المرضى تصاريح للسفر، وتكتفي بمنح الأطفال والنساء وكبار السن غالبا.
كما أنه محاط بالمخاطر، حيث تستغل السلطات الإسرائيلية حاجة المرضى للسفر بغرض العلاج للضغط عليهم ومساومتهم بين التاخبر لصالح أجهزتها الأمنية أو العودة للموت في غزة، حسبما يقول مركز الميزان لحقوق الإنسان بقطاع غزة.
ويضيف المركز في بيان صحفي، أصدره الأحد الماضي: “تواصل سلطات الاحتلال تشديد حصارها المفروض على قطاع غزة الذي يحرم السكان من حقهم في التنقل والحركة، وفي الوقت نفسه تواصل استغلال حاجة السكان للسفر لغرض العلاج في المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر للإيقاع بهم واعتقالهم أو الضغط عليهم ومساومتهم بين التخابر لصالح أجهزتها الأمنية أو العودة للموت في غزة”.
وأضاف البيان إن السلطات الإسرائيلية اعتقلت (15) فلسطينياً أثناء محاولتهم المرور عبر حاجز بيت حانون (إيرز) منذ بداية العام الجاري 2013، من بينهم (8) من المرضى ومرافقيهم أثناء محاولتهم الوصول إلى المستشفيات.
وكانت وزارة الصحة في غزة، تستعيض قبل أشهر، عن العلاج في الخارج، بخدمات الوفود الطبية المتضامنة مع القطاع، والتي كانت تضم أطباء وجراحين مهرة، بالإضافة إلى جلبها أطنان من الأدوية والمستلزمات الطبية.
لكن إغلاق معبر رفح، عقب الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، منع إدخال الوفود المتضامنة للقطاع.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن نحو ربع احتياجات القطاع الطبية، كانت تأتي عبر معبر رفح، من قبل الوفود الطبية المتضامنة.
ويضيف مدير دائرة الصيدلة في وزارة الصحة بغزة، أشرف أبو مهادي لوكالة “الأناضول” للأنباء:” إغلاق معبر رفح حرم غزة من وصول ربع كميات الأدوية والمهمات الطبية التي كانت تدخل القطاع بشكل دوريّ عبر معبر رفح، حيث تعاني مستشفيات غزة تراجعا بنسبة (30)% من رصيد الأدوية و(25)% من المستهلكات الطبية التي كانت تصل القطاع بشكل رسمي عبر المعبر”.
وأوضح أبو مهادي أن نقص الأدوية في مستشفيات قطاع غزة أثر على جميع القطاعات والخدمات الصحية التي تقدمها وزارة الصحة بنسب متفاوتة، مشيراً إلى أن أكثر الأقسام تضرراً من نقص الأدوية قسم الأمراض المزمنة، والرعاية الأولية، وأمراض الأورام.
وبيّن أبو مهادي أن وزارة الصحة قلّصت نسبة إجراء العمليات الجراحية إلى(50)%، بحيث اعتمدت على اجراء العمليات الضرورية والطارئة “فقط” وتأجيل العمليات التي تحتمل التأجيل لأوقات اخرى.
وفي ذات السياق، قال الطبيب يوسف أبو الريش، مدير عام مستشفيات قطاع غزة لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء، إن إغلاق معبر رفح أدى إلى تأخير سفر مرضى غزة ممن يحملون تحويلات علاجية تخصصية رسمية، كما أنه حمّل ما يزيد عن (700) مريض تكاليف السفر للعلاج على نفقتهم الخاصة”.
من جانبه يؤكد أمجد الشوّا منسق الحملة الدولية لكسر الحصار الإسرائيلي أن العلاج في إسرائيل أو في أي منطقة في العالم هو حق طبيعي للطفلة “آمال هنية”، في ظل الأوضاع الصحية الصعبة التي يعيشها القطاع.
وأوضح لمراسلة “الأناضول” أن الوضع الصحي بقطاع غزة في تدهور واضح بحيث لا يمكن تقديم العلاج الكامل لأي حالة مرضية صعبة.
وتابع:” حفيدة هنية، بغض النظر عن صلة قرابتها باسماعيل هنية، فهي مواطنة فلسطينية لها حق بتلقي العلاج والتوجه للسفر لإسرائيل”.
ولفت إلى أن إسرائيل حسب اتفاقية جنيف الرابعة عليها أن تلتزم بتقديم كافة الخدمات الانسانية للشعب الواقع تحت احتلالها، ومن بينها الخدمات الصحية.