الملف المصري يدخل “قمة الكويت” في غياهب المجهول وإنقسامات في الصف الخليجي
في الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن يعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست لقاءًا تحضيريا لقمتهم القادمة بالكويت، على هامش لقائهم في القمة العربية الأفريقية في الكويت التي اختتمت أعمالها أمس، فوجئ الكثيرون بعدم عقد اللقاء وبأنه مازال هناك غموضا، حول موعد القمة المرتقب، والمعتاد دائما ان يعقد في ديسمبر/ كانون أول من كل عام، والذي كان غالبا ما يسبقه لقاءات تحضيرية عدة على مدار شهري نوفمبر/ تشرين ثان وديسمبر/ كانون أول.
هذا الغموض الذي يحيط بالموعد المرتقب للقمة الخليجية التي تستضيفها الكويت، وكذلك بموعد اللقاءات التحضيرية لها، ظهر واضحا في رد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني عندما سئل على هامش القمة العربية الافريقية الثالثة عن موعد لانعقاد القمة الخليجية، حيث قال للصحفيين: “ما زالت قمة مجلس التعاون في التنسيق فيما بين الدول، للوصول إلى موعد بما يلائم الجميع، وهي عادة تكون في شهر ديسمبر”.
الغموض لم يكن حقيقة – كما يجمع خبراء سياسيون خليجيون – سوى انعكاسا، لحالة الخلاف والانقسام بين دول الخليج حول الملف المصري، ولا سيما بين السعودية –المؤيدة للسلطات الحالية في مصر- وقطر- الداعمة للرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين-، وهو الانقسام الذي لم يعرف بعد إلى أي مدى سيكون تأثيره على أركان مجلس التعاون الخليجي، في ظل محاولات من دول خليجية ولا سيما الكويت، التي ستستضيف القمة الخليجية القادمة لمحاولة رأب هذا الصدع.
وهناك مخاوف خليجية من تأثير سلبي لهذه الخلاف على كيان مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما في ظل تمسك كل من السعودية وقطر بموقفيهما بشأن مصر، وسط تأييد الإمارات والبحرين والكويت لموقف السعودية، ووقوف سلطنة عمان موقف مرن أو محايد بين الجانبين.
نذر هذا الخلاف بدأت تطفو للسطح خلال القمة العربية الأفريقية الثالثة بالكويت، والتي كان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد هو أول مغادريها، دون أن يتم الإعلان عن لقاء جمعه هو أو وزير خارجيته خالد العطية بوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الذي كان يمثل بلاده في القمة.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، غادر الكويت بعد ظهر يوم 19 نوفمبر/ تشرين ثان الجاري، أي بعد ساعات، من افتتاح أعمال القمة العربية الإفريقية الثالثة التي عقدت في مدينة الكويت استمرت يومين، ليكون بذلك أول الزعماء المغادرين للقمة.
هذا الأمر يمكن أن يفهم أكثر عند ربطه بالثلاث جولات خليجية خلال الـ 3 أسابيع الماضية التي شهدتها المنطقة، حيث قام وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بجولة في الفترة من 5-7 نوفمبر/ تشرين ثان الجاري زار فيها كل دول الخليج ماعدا قطر، ونقل خلالها رسائل من العاهل السعودي لقادة تلك الدول، أعقبها وزير الخارجية القطري بجولة مماثلة في الفترة من 9- 11 نوفمبر/ تشرين ثان الجاري، شملت كل دول الخليج ماعدا السعودية، ونقل هو الآخر خلالها رسائل من أمير قطر لقادة تلك الدول.
وجاءت الجولتان بعد نحو أسبوع من أول جولة لأمير قطر خلال الفترة 28- 31 أكتوبر/ تشرين أول الماضي وزار خلالها كل دول الخليج أيضا باستثناء السعودية، الذي سبق أن زارها مطلع أغسطس/ آب الماضي، في أول زيارة خارجية له منذ توليه مقاليد الحكم في 25 يونيو /حزيران الماضي.
والمثير للتساؤل هو سبب بروز هذه الخلاف مؤخرا، رغم وضوح موقف البلدين، منذ قيام الجيش بعزل محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي. المتغير الوحيد الذي كان بارزا في هذا الشأن هو الجولة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمنطقة والذي ظهر فيها تغير الموقف الأمريكي تجاه ما يحدث في مصر حيث بدا كيري في تصريحاته أكثر تأييدا للسلطة الحاكمة في مصر.