” البلتاجي : نعاقب على موقفنا المناهض لمبارك
أنكر محمد البلتاجي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين في مصر وحزبها الحرية والعدالة، أي علاقة له بالقضية المعروفة إعلاميا باسم “أحداث الاتحادية”، التي يحاكم فيها مع الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وآخرين بتهمة التحريض على قتل متظاهرين.
وقال البلتاجي، أمين عام حزب الحرية والعدالة – المنبثق عن الإخوان – بالقاهرة في تحقيقات أولية مع النيابة العامة إن إدراج اسمه في القضية هو أمر “سياسي”، ويأتي بهدف “معاقبته” على مواقفة السياسية المناهضة للرئيس الأسبق حسنى مبارك، الذي أطاحت به ثورة 25 يناير/ كانون ثان 2011.
وبحسب صورة من تحقيقات النيابة التي تمكن مراسل الأناضول من الحصول على نسخة منها، فقد أعرب البلتاجي عن اعتقاده “بشكل جازم”، بأن من يقف وراء قتل المتظاهرين أمام قصر “الاتحادية” الرئاسي، شرقي القاهرة، في الـ 5 من شهر ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي هي “مجموعات من البلطجية، التي تدار من خلال بعض أجهزة الدولة القديمة وتقوم بالقتل لصالح الثورة المضادة”وفي نص التحقيقات، اعتبر البلتاجي أن “القضية سياسية تخص نظام انقلابي”، وأن التحريات “مفبركة” (ملفقة) ، لافتا إلى “وجود خصومة سياسية له مع النظام الحالي” .
وقال “إنني أمام قضية سياسية بامتياز، تخص نظام انقلابي، انقلب علي السلطة التشريعية والبرلمان المنتخب والدستور المستفتي عليه بنسبة 64%، ولم يعترف به سوى خمس دول فقط، وسط استمرار مظاهرات شعبية ضده حتى الآن، رغم المجازر الدموية التي يرتكبها، وأعداد من المعتقلين لا تحصي”.
واستغرب اعتباره منذ اللحظة الأولى للقبض عليه مدانا يوضع في زنزانة فردية في عنبر بسجن طره (جنوب القاهرة) يعرف باسم عنبر التأديب، كما يعامل أخطر الجنائيين المحكوم عليهم بالإعدام، رغم كونه محبوس احتياطيا، ولم تثبت ضده أي اتهامات بعد، بحسب نص التحقيقات.
وكشف عن تعرضه لاعتداءات لفظيه داخل الزنزانة الانفرادية بمجرد وصوله إلي سجن طره، قائلا: “دخل أحد القيادات الأمنية (لم يذكر اسمه) إلى الزنزانة الخاصة بي، ووجّه لي سبابا بأفظع وأحط الشتائم لشخص أمي الكريم وفي عرضها”.ولم يتسن الحصول علي رد فوري من الأجهزة الأمنية المصرية علي اتهامات البلتاجي.
ومواصلا تأكيده على أن “القضية سياسية”، أوضح البلتاجي أن مذكرة تحريات النيابة بشأن أحداث الاتحادية أوردت اسمه بعد عزل مرسي في الـ 3 من يوليو / تموز من العام الحالي، بينما كانت أحداث الاتحادية بتاريخ 5 ديسمبر / كانون أول العام الماضي، ولم يتم استدعائه للتحقيق في هذه القضية وقتها بأي حال من الأحوال، بحسب نص التحقيقات.
واعتبر أن التحريات “لم تكن صحيحة” عندما بنت اتهاماتها على علاقته التنظيمية بجماعة الإخوان، قائلا إن “العام والخاص يعلم أن محمد البلتاجي المتهم الآن، ومنذ تأسيس حزب الحرية والعدالة (في يونيو/حزيران 2011)، ليس عضوا في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين (أعلى هيئة تنفيذية في الجماعة) ولا عضوا في مجلس الشوري العام (الهيئة المراقبة للأعمال التنفيذية للجماعة) ولا في أي من المكاتب الادارية للجماعة التي يعتز بها كل الاعتزاز″.
وروى البلتاجي تفسيرا “من وجهة نظره” للأحداث السياسية التي مرت بها مصر بعد تنحي مبارك عن الحكم تحت ضغط ثورة شعبية اندلعت في 25 يناير/ كانون الثاني 2011، واعتبر أنها تقود إلى “الفاعل الحقيقي” في أحداث الاتحادية.وقال في هذا الصدد إن “المجلس العسكري (الذي تولي السلطة بعد تنحي مبارك عن الحكم في 11 فبراير/ شباط 2011 وحتى وصول مرسي للرئاسة في 30 يونيو / حزيران 2012) خطط للسيطرة علي البلاد، مستغلا الخلاف بين القوي السياسية والثورية”.
وأضاف موضحا: “المجلس العسكري حينما وافق علي إدارة شئون البلاد كان فقط يريد التخلص من شخص الرئيس المخلوع حسني مبارك، لكنه كان يسعى بكل طريقة لتثبيت قواعد ومؤسسات نظام مبارك وعدم السماح بأي تغيير نادت به الثورة”.وأعرب عن اعتقاده “بشكل جازم” بأن “الاشتباكات بالسلاح التي يترتب عليها قتل طرف من الأطرف الوطنية الثورية، كان الفاعل الحقيقي فيها ليس أي من قوى الثورة، الإسلامية أو غير الإسلامية، لكن مجموعات من البلطجية (الخارجين على القانون)، التي تدار من خلال بعض أجهزة الدولة القديمة، يقومون بالقتل لصالح الثورة المضادة، على النحو الذي مهد لهذا الانقلاب العسكري”.وتابع “هذا الاعتقاد ينطبق علي (أحداث) يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) 2012″، في إشارة إلى أحداث قصر الاتحادية الرئاسي.
واعتبر أن “هناك اتجاها لاصدار أحكام” ضده وآخرين؛ بقصد “تغييبهم” عن المشهد السياسي الحاضر والقادم، فضلا عن “معاقبتهم عن مواقفهم السياسية السابقة ضد مبارك”.ونفي البلتاجي الاتهامات الموجهة إليه جملة وتفصيلا، متمسكا بحقه في الإطلاع علي الأوراق المتعلقة به في القضية.
وطالب بالتحقيق معه من خلال قاضي تحقيق؛ نظرا لما أسماه بـ”استقرار الخصومة بينه وبين النائب العام الحالي”، هشام بركات، لموقفه السياسي الذي “يعتبر كل ما ترتب علي الانقلاب من سلطات معدوم الشرعية”.ودفع بعدم معقولية الاتهامات التي وجهت إليه، معتبرا أنه لا يتصور عقل أن يستيقظ المجتمع فجأة، ليجده قد تحول إلى إرهابي، خاصة مع النظر إلى مكانته العلمية (حيث يعمل كأستاذ أنف وأذن وحنجرة، بكلية الطب، جامعة الأزهر)، وعمله في الشأن الطلابي والسياسي والمهني والوطني خلال السنوات العشر الماضية.وكشف البلتاجي أنه وقت وقوع الأحداث يومي الخامس والسادس من ديسمبر/ كانون الأول 2012 كان “خارج القاهرة في مؤتمر جماهيري عقده حزب الحرية والعدالة في (محافظة) الفيوم (وسط)، وحضره الآلاف من المواطنين، وشارك فيه العديد من الرموز السياسية، لشرح الدستور الذي كان على وشك الاستفتاء عليه في ذلك الوقت”.وأقام حزب الحرية والعدالة على مستوي محافظات مصر مؤاتمرات جماهيرية لشرح تفاصيل دستور 2012 الذي كان البلتاجي أحد أعضاء اللجنة التي شاركت في وضعه.وأكد البلتاجي أنه كان “بمعزل عن أحداث قصر الاتحادية تماما، ولم يشارك فيها بشكل مباشر ولا غير مباشر” إلا من خلال بعض المتابعات الإعلامية، لا سيما أنه عاد إلى القاهرة قادما من الفيوم، كما يقول، بعد ظهر يوم 6 ديسمبر / كانون أول 2012.
ووجه تهمة “الادعاء الكاذب” إلى كل من قال “على غير الحقيقة” أنه كان متواجدا أمام مقر أحداث الاتحادية، وقام بالتحريض على تعذيب عدد من المواطنين.وبرر واقعة اتصال هاتفي تلقاه من أحد المتظاهرين أمام قصر الاتحادية يوم 5 ديسمبر / كانون أول للاستنجاد به من أجل الإفراج عن بعض المتحجزين، قائلا إنه “شخصية عامة معروف عنها رفضها الاعتداء علي الحقوق والحريات”.
وقال البلتاجي: “رغم عدم معرفتي بتفاصيل متعلقة (بالمكالمة) والقائمين عليها ومدي حقيقتها، لكنه أعطى (لم يحدد من يقصد) التليفون (الهاتف) لأحد الأشخاص لا أعرفه، لأعلن له عن موقفي هذا، ولا أعرف أي ملابسات متعلقة بهذا الاحتجاز، ولا حتى الأشخاص الذين كلموني”.
ولفت البلتاجي إلى أنه إن كان قد جرى احتجاز أي من الطرفين للأخر(خلال أحداث الاتحادية) بشكل مخالف للقانون فهو “مرفوض ويجب تصحيحه”.
يشار إلى أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على البلتاجي في منطقة زراعية بمحافظة الجيزة، غرب القاهرة، مساء يوم 29 أغسطس / آب الماضي؛ حيث تم إيداعه سجن طره على ذمة عدة قضايا جنائية، بينها قضية “أحداث الاتحادية”/ والتي تشير إلى مقتل نحو 11 شخصا، بينهم 8، من جماعة الإخوان المسلمين، خلال تظاهرات، لمؤيدين، ومعارضين لمرسي، أمام قصر الاتحادية، في ديسمبر الماضي، عقب إصداره إعلانا دستوريا، حصن فيه قراراته، والجمعية التأسيسية للدستور، بشكل مؤقت
كانت محكمة جنايات القاهرة قررت، في الـ 4 من الشهر الجاري، تأجيل محاكمة مرسي، و14 متهما آخرين إلى جلسة 8 يناير/ كانون الثاني المقبل، في 9 تهم، بينها “التحريض على قتل 3 متظاهرين”، العام الماضي، أمام قصر الاتحادية الرئاسي، في واقعة شهدت أيضا مقتل عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، المنتمي إليها مرسي، لكن بحسب محامي الأخير، فقد تم استبعاد القتلى المحسوبين على الإخوان من القضية.جرى التحقيق مع البلتاجي من قبل النيابة العامة في 30 أغسطس / آب الماضي في غرفة نائب مأمور سجن طره، جنوبي القاهرة، حيث وجه له المحقق 27 سؤالا، جاءت أجوبتها بشكل مطول في 13 صفحة، بعكس قيادات أخرى من جماعة الإخوان، رفضت الإجابة، واعتبرت أن النيابة، يرأسها نائب عام “لم يعينه، الرئيس الشرعي المنتخب”، في إشارة إلى مرسي، الذي قام وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بالتشاور مع قوى دينية وسياسية، معارضة له، بعزله في 3 يوليو/تموز الماضي.