أرشيف - غير مصنف

“قلب واحد”.. جماعة نسائية لـ”الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.. في السودان

على غرار ما تشهده بعض الدول الإسلامية من…

على غرار ما تشهده بعض الدول الإسلامية من ظهور جماعات “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، قررت 90 امرأة تمثلن ، التسعة، إنشاء مجموعة باسم “فيون توك” (قلب واحد) في منطقة آبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين جنوب وشمال السودان، لمواجهة ما تعتبرنه “عادات دخيلة” على مجتمعهن.

تشكيل المجموعة، التي باتت توصف بـ”الشرطة المجتمعية” من اهالي المنطقة، بدأ في شهر مايو/أيار من العام الماضي، عندما قررت هؤلاء النساء العودة إلى مسقط رأسهن في “أبيي” وعدم مغادرتها مطلقا، وذلك عقب مقتل “كوال دينق” زعيم قبائل “دينكا نقوك” الموالية لجنوب السودان، في مواجهات مع مسلحين موالين لشمال السودان في العام 2011.

وتوسعت المجموعة النسوية التطوعية التي يعني اسمها بلغة قبائل “دينكا نقوك”،  “قلب واحد”، ليشمل نشاطها مكافحة صناعة وبيع الخمور، ومنع النساء من ارتداء الثوب السوداني، المنتشر في شمال السودان، إلى جانب القضاء على العادات التي يعتبرنها “دخيلة على المجتمع، والتي من شأنها أن تدمر الشباب وغالب الأسر”، في ظل خضوع المدينة لإشراف الأمم المتحدة، التي تحظر وجود قوات شرطة من جانب جوبا أو الخرطوم.

وتقول رئيس المجموعة، نيانيوب متيوك نيال، في تصريح خاص لمراسل الأناضول “نحن مجموعة من نساء أبيي، أعلنا عن أنفسنا لنؤكد على وحدة مجتمعنا (قلب واحد)، من خلال المحافظة على الهدوء والاستقرار، قلنا إن ظاهرة الخمور تدمر أبنائنا الشباب، لذلك نقوم بحملات القبض على كل من يبيع أو يشرب الخمر، إذا غابت الشرطة فنحن موجودون، سنحل محلها إلى أن تتضح الأمور”.

ولا تحظر قوانين جنوب السودان صناعة الخمور أو تناولها، فيما تفرض نساء الجمعية غرامات مالية على صناع الخمور ومن يشربونها، باعتبارها “عادة دخيلة ومضرة”.

وتتحرك عضوات “فيون توك”، اللاتي يعتنقن المسيحية،  في مجموعات لتنفيذ حملة تفتيش الخمور، حاملات عصي صغيرة بايديهن، وفي أغلب الأوقات لا يواجهن بأي مقاومة، حيث تستهجن تقاليد المجتمع الاعتداء علي النساء ما يضفي هيبة على تحركهن، وتعتبرهن  بمثابة أمهات للجميع، خاصة وأن نساء “فيون توك” يمثلن جميع عشائر دينكا نقوك.

 وبعد القبض على من يعتبروه قام بـ”مخالفة”، يقمن بتسليمه إلى المحاكم الأهلية العشائرية، التي غالبا ما تقضي بتغريمه ماليا، وأخذ تعهد عليه بعدم عودته لممارسة ذات المخالفة مرة أخرى.

وتذهب الغرامات المالية إلى صندوق “فيون توك” لتنفقنه على حملات المجموعة وأنشطتها، والتي كان من بينها حملة شنتها لمنع النساء والقتيات من ارتداء الثوب السوداني، وأخرى ضد الخمور، كما لعبت المجموعة دورا كبيرا في استقبال النازحين الذين قرروا العودة إلى مدينة أبيي والاستقرار فيها، حيث بادرن بجمع مواد غذائية من المواطنين المقيمين في شكل تبرعات يتم تقديمها للقادمين الجدد.

وإلى جانب تلك الأدوار تنشط “قلب واحد” في تنظيم جميع الفعاليات والمناسبات التي تقام في مدينة أبيي، مثل حملات نظافة وتجميل وتنظيم المدينة، وذلك بفضل قربهن من بلبك كوال، زعيم عشائر “دينكا نقوك” التسعة، وقد توسعت تلك المجموعة حيث أصبح لها فرع آخر في مدينة “أقوك” جنوبي أبيي.

ويلفت شول كات ميول، رئيس تحرير صحيفة “أبيي الآن” الإلكترونية في تصريحات خاصة لمراسل الأناضول، إلى أن  “فيون توك لها دور فعال ومساهمات فى المنطقة،  على أصعدة كثيرة، حيث قامت بحملة منع بيع الخمور، وقامت أيضاً بترميم الطريق الرابط بين منطقة أوالنم ومدينة أبيي”.

 سمير بول، الصحفي بتلفزيون ستيزن بجنوب السودان، والعائد مؤخرا من تغطية بعض فعاليات المجموعة، يرى بدوره أن  “فيون توك تشكلت كشرطة مجتمعية خلال فترة عودة أهالى أبيى إلى منطقتهم، لحفظ النظام، خاصة وسط الشباب”.

ويتحدث عن الوضع القانوني للمجموعة رومانو كووت، المستشار القانوني وعضو اللجنة السياسية بأبيي قائلا “سيتم تقنين وضع المجموعة عبر تسجيلها في وزارة الشؤون الإنسانية كجمعية مجتمع مدني، تهتم بمكافحة العادات الضارة، وقد خصصنا سيارة تساعدهن على الانتقال، لأنهن يقطعن مسافات طويلة سيرا على الأقدام، عند المرور على ضواحي المدينة”.

ويضيف رومانو أن “المجموعة أصبحت ذات تأثير كبير على مجتمع المنطقة، بما لها من هيبة وصرامة”، مضيفاً أنهن “يقمن بتسليم الأشخاص الذين يلقين القبض عليهم إلى المحاكم الأهلية حتى تقوم بمحاكتهم، عادة ما تكون العقوبة غرامات مالية، ولم يجد نشاط المجموعة أي اعتراضات أو انتقادات، بل أشاد بها الكثيرون الذين اعتبروها بمثابة الشرطة المجتمعية التي تحافظ على النظام القيمي للمجتمع″.

 وبحسب مصادر مطلعة فإن هناك خطة مستقبلية ترمي إلي دعم “فيون توك” برجال

زر الذهاب إلى الأعلى