هل ستؤثر الدعاية للدستور المصري على التصويت له

حملات دعائية مكثفة للترويج لمشروع الدستور المصري تدعمها مؤسسات دولة وجهات خاصة تقلل من مساحة الاختيار المتاحة للكتلة التصويتية وآراء الخبراء في مدة فاعليتها….

فور دعوة الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور جمهور الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور يومي 14 و15 من يناير المقبل، بدأت حملات متوالية للترويج للدستور والحث على التصويت عليه بـ "نعم" والتي، وفقًا لمحليين، طغت على غيرها من الحملات التي ترفض الدستور أو تدعو إلى مقاطعة الاستفتاء.

اتخذت الحملات المروجة للدستور أشكالا مختلفة تضمنت لافتات ضخمة في الشوارع والميادين الحيوية تحمل عبارات تدعو إلى التصويت بنعم وإعلانات متلفزة تردد تلك الدعوات بالإضافة إلى تثبيت عبارة "نعم للدستور" على شاشة بعض القنوات الفضائية الخاصة بجوار شعار القناة، وهو ما يجعل الكتلة التصويتية محاصرة في مساحة اختيار محدودة مما قد يؤثر سلبًا على قرار المصوتين وفقًا لخبراء.

تعليقًا على ذلك، قال ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي، لبي بي سي إن من حق كل فئة أن تروج للدستور وأن تدعو إلى التصويت عليه بـ "نعم" أو "لا" ولكن، فيما يتعلق بوسائل الإعلام المملوكة للدولة، فيتوجب عليها ألا تتبنى اتجاهًا محددًا مع التزام الدولة بالإنفاق الرشيد للمال العام على الحملات الدعائية وأن تقتصر أنشطتها في هذا الشأن على التسهيلات والإجراءات.

ورأى عبد العزيز أن الحملات الحالية للترويج للدستور المصري والداعية للتصويت بـ "نعم" رغم كونها تقليدية، فسوف يكون لها أثر كبير في حشد الجماهير للتصويت لصالح الدستور وسوف تحقق أهدافها اعتمادًا على أن قطاعًا كبيرًا من الجمهور لا زال يتجاوب مع أنماط الدعاية التقليدية إضافةً إلى المزاج العام للمجتمع المصري الذي يصب في صالح التصويت بـ "نعم".

تصريحات أعضاء لجنة الخمسين الداعمة للتصويت بـ "نعم" قد تأتي بأثر عكسي

وأضاف أن "هناك بدائل كثيرة أكثر فاعلية كان من الممكن استخدامها في حملات الدستور الدعائية أفضلها تحويل مواد الدستور إلى مصلحة مباشرة للجمهور أي ربط المواد الدستورية بالمصلحة التي ينتظر المصريون تحققها."

وأشار أيضًا إلى أن التعامل مع الجمهور بشكل قطاعي لا بشكل عام كان من شأنه زيادة فاعلية الحملات المروجة للدستور حيث كان من الأفضل أن تتعامل مع الجمهور كقطاعات ومخاطبة كل قطاع على حدة وربط مواد محددة من الدستور بمصلحة تلك فئة على حدة لأن اعتبار الجماهير شخصًا واحدًا وتوجيه الحملات إليه من شأنه التأثير سلبًا على أهدافها.

وقت غير مناسب

وفيما يتعلق ببعض الأغنيات التي ظهرت على شاشات الفضائيات ويتم نشرها على صفحات التواصل الاجتماعي، أوضح محمد عبد الرحمن، المحلل الإعلامي، أن العمل الفني الذي يُنتج بناءً على طلب جهة أو مؤسسة بعينها غالبًا ما لا يحقق التأثير المطلوب. وأضاف أن هناك غزارة في حملات الترويج للتصويت بـ "نعم" مقابل غياب شبه كامل لحملات تعارض أو تدعو لمقاطعة الدستور أو تناوله بالشرح والمناقشة.

وأكد عبد الرحمن لبي بي سي أن تراجع الحملات التي تشرح وتناقش مواد الدستور مقابل حملات الترويج لـ "نعم" سوف يُصَدِر إحساس للجماهير بأن النتيجة محسومة من الآن وأنه لا حاجة إلى الذهاب إلى صناديق الاستفتاء.

وهناك عوامل أخرى من الممكن أن تؤثر سلبًا على قرار الكتلة المترددة من جمهور الناخبين والتي تتضمن بين عوامل عدة تصريحات أعضاء لجنة الخمسين منهم عمرو موسى، رئيس اللجنة، الذي توقع أن تحصل "نعم" على أكثر 70 في المئة حيث تصدر نفس الإحساس بأن النتيجة محسومة لصالح الدستور وفقًا لعبد الرحمن الذي لمح لأنها توقعات في غير وقتها حيث كان من الأفضل أن تظهر بعد بدء عملية التصويت أو أثناء الفرز.

مساحة اختيار محدودة

أما صفوت العالم، أستاذ العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فأكد أن هناك تنوعا في الحملات ما بين تأييد ورفض الدستور، لكنه انتقد الحملات التي ترعاها الدولة في تلفزيونها ووسائل الإعلام الرسمية لربطها بين "نعم" للدستور وثورة 30 يونيو مضيفًا أن الدعوة من جانب الدولة إلى التصويت في اتجاه محدد غير مقبولة.

وأضاف أن مساحة الاختيار المتاحة لجمهور الناخبين في مصر محدودة للغاية منوهًا إلى أن 30 مادة فقط كانت كافية لصياغة دستور جيد يتم الاستفتاء عليها كل على حدة لتوفير فرصة أكبر للمناقشة والدراسة والتصويت انطلاقًا من وعي بمواد الدستور وفهم عميق لها.

في المقابل، أشار العالم إلى أن هناك حملات مناهضة للدستور من جانب الإخوان وأنصارهم توزع نسخا من مشروع الدستور تحتوي على أخطاء في أرقام المواد لإحداث بلبلة في الشارع المصري علاوةً على ممارستها دعاية سلبية تشير في إطارها إلى أن هذا الدستور لن يحقق حلم الدولة الإسلامية وأنه لا يؤكد على احترام حقوق الإنسان.

في نفس الوقت، يعاني تيار الإسلام السياسي من انقسام حاد في صفوفه فيما يتعلق بالتصويت على الدستورسوف ينعكس سلبًا على قرارهم ومن ثَمَ نسبة المشاركة وفقًا لصفوت العالم.

Exit mobile version