هل ستدشن مصر حقبة توازن دولي جديدة؟

إذا أسلمنا أن القوى السياسية والأحزاب العربية التي خاضت غمار ما يسمى بالربيع العربي وخاصة تلك التي لاحت أمامها فرص الوصول إلى السلطة بعد عقود من الانتظار المضني والإحباط المرير، لم تتمكن من جهة ولم تعر بالا من جهة أخرى لتفاصيل الحدث القائم في المنطقة بعد غزو العراق عام 2003 إما لقصور في قدرات التحليل والاستيعاب وعجز عن الخوض في ما هو أكبر من ممكناتها، أو تركيزا على همها الأكبر ألا وهو الوصول إلى السلطة بأي ثمن .. إذا أسلمنا بهذا الحال كوصف عام لسلوك الأحزاب السياسية التي تصدت لأحداث ساحات التغيير ومخيماتها وخاصة أحزاب الإسلام السياسي, فان ضباط القوات المسلحة المصرية كنموذج لعرب آخرين لم يعزلوا حالهم عن معترك التغيير، يدركون تماما الحقائق الآتية التي غابت أو جرى إهمالها من أحزاب الربيع:

أولا: إن المشروع الأمريكي الذي يقف وراء غزو العراق قد تعطل بفعل فاعل وان الفاعل في العراق بقدر ما هو معروف لقادة الجيش المصري إلا انه غيّب تماما عن عقل القوى الربيعية إما تعمدا أو إهمالا أو ضعف معلومات. الفاعل الذي يعرفه السيسي ورفاقه على ما نعتقد هو المقاومة العراقية و التي دمرت كل قواعد المشروع الأمريكي ومرتكزاته الأساسية وأجبرته على التراجع والانكفاء ومن ثم الانسحاب من العراق قبل تحقيق الأهداف وتوكيل مهمة تبني العملية السياسية الطائفية إلى إيران التي ظنّ الأمريكان أنها ستكون كفيلة بتحقيق غايتين متداخلتين لهم هما إرضاء إيران بما يجعلها على ضفاف الترجيح  لنفاذ مشروعها الطائفي الذي يتوازى تماما مع مشروع الصهيونية وتدمير العراق بتحويله إلى ثكنة للاحتراب الأهلي المتأرجح بين ما هو مسَيطَر عليه عن بعد وبين ما هو مرجح للتصعيد إن اقتضت الضرورة. ولكن العملية السياسية هي الأخرى قد سقطت في أتون الفشل  الإجمالي رغم إنها مازالت تعبث بالعراق وحياة أبناءه وثرواته بفضل الجهد السياسي المكمل لعمل المقاومة الذي يبذله الشعب العراقي وطلائعه المناضلة من أجل الحفاظ على وحدة العراق وإسقاط مشروع تفريسه.

ثانيا: إن السقوط المبكر للغزو الأمريكي في العراق وتواصل الفعل المقاوم للعراقيين دون انقطاع ولا ليوم واحد قد أفضى إلى انفتاح العالم أمام متغيرات كونية جديدة لم يسعف اللهف للسلطة والتعجل نحو أهداف قصيرة النظر لكنها سريعة المردود النفعي لم يسعف قوى الربيع من التوقف عندها أو التقاطها وفي مقدمة ذلك، إن المقاومة العراقية وما سبقها من تدهور وخسائر عانى منها الأمريكان في افغانستنان قد أدّت إلى إعادة بعث الحياة بقوى دولية كانت قد انكفأت وخرجت من حلبات التوازن الدولي وفي مقدمتها روسيا.

   إذن.. التغيير الذي حصل في مصر واسقط حكم الإخوان المسلمين بعد سنة واحدة فقط من وصولهم للحكم الذي قاتلوا من أجله عشرات السنين لم يكن تغييرا عسكريا بمفهوم الانقلاب كما حاول أعداءه تصويره، بل هو تغيير شعبي تسلح بقوة الجيش المصري واستند إلى مبادئ سياسية عامة وأخرى تفصيلية تحتوي وتمثل أحداث المنطقة والعالم بعمق ونزعم انه أيضا قد دخل في أفق التاريخ الذي يعيد لمصر دورها العربي والدولي كاستحقاق منطلقا من تعثر سلطة الإخوان وعدم قدرتها على الارتقاء إلى مسار يليق بثورة شعب مصر والتضحيات التي قدّمها، وقد يكون للإخوان المسلمين أسبابهم الذاتية والموضوعية فنحن في العراق شاهد حي على انعدام وزن الفعل لدى الأحزاب الدينية والطائفية الذي جعل منها ريشة في ريح المنافع الذاتية ولولا إسناد الاحتلال المرّكب لها لهلكت وماتت ألف مرة من يوم استلمت السلطة تحت إدارة وحماية الاحتلال قبل عشر سنوات والى يومنا هذا.

      إن انفتاح مصر التي خرجت توا من جلباب السياسة الطائفية التي تبنتها إدارة اوباما لتشكل البديل للأنظمة الدكتاتورية والشمولية المتهرئة الفاسدة في تناغم منظور مع النموذج التركي من جهة، وفي انفتاح صادم للأمة كلها مع النموذج الإيراني بإيحاء أمريكي أيضا من جهة أخرى على روسيا يعني أول ما يعنيه إن القيادة المصرية قد مسكت العديد من حبات الرمان في قبضة واحدة مدركة منها:

 

1- إن الانفتاح المباشر على روسيا الطالعة بقوة وهمة عالية من مخابئ الخذلان في الحرب الباردة كنتيجة لاندحار أميركا أمام المقاومة العراقية الباسلة يجعل مصر تمسك رأسا من الرؤوس بدل أن تكون مجرد بيدق بيد اللاعبين الثانويين ( تركيا وإيران ).

2- إن مصر قد انفتحت على عهد كان ايجابيا في معطياته العامة يوم كان الاتحاد السوفيتي ينفتح على العرب ويناصرها تحت غطاء عقائدي معروف وشعب مصر والعرب إجمالا فخورين به ألا وهو عهد الراحل الخالد جمال عبد الناصر.

3- إن مصر في انفتاحها هذا تجعل العرب من خلالها مركز قوة تطمح موسكو للامساك بها بشروط عربية إلى جانب محاولتها المستميتة للامساك بإيران التي تظن روسيا مخطئة أنها تبادلها الود العذري، وقد يخفف هذا الانفتاح من استماتة الدب الحمر على الساحة السورية التي أدمت جبهة سوريا عبر إطالة زمن المواجهة بين الشعب وبين نظام الأسد.

4- إن انفتاح أرض الكنانة على علاقة متوازنة وتحت شروط ايجابية للعرب تجعل روسيا في وضع سياسي أكثر انفراجا في احتواء ما يجبرها على الارتماء تحت وطأة المشروع الفارسي الذي تدرك روسيا تماما مخاطره على المنطقة اجتماعيا وسياسيا  لما لمصر من أهمية إستراتيجية قوميا ودوليا تجعلها عامل توازن وعامل مراجعة واسعة لكل الحسابات.

     الدخول المصري على روسيا في هذا الوقت بالذات يؤكد أنها لاعب رئيسي ورقم صعب وإرادة وطنية تخرج من دوائر التأثير الأمريكي الذي أراد لمصر أن تتحول إلى ضيعة تتقاذفها أهواء الإدارة الأمريكية المتصهينة حيثما تشاء تماما كما فعلت في العراق لكن بطريقة وسينياريو يطغي عليه العمل المخابراتي وبما يلقي مصر وشعبها في أتون التشرذم والتمزق والاقتتال الطائفي.

     والمؤكد أن ما يلوح في أفق هذه الحقبة من نهايات محتملة لماراثون عجيب استطال زمنيا لسنوات من الاستهلاك الإعلامي والتفاوض العبثي ببلوغ اتفاق يضمن لإيران بعض ماء وجه مصطنع لا يتجاوز رفع اليد عن بعض أموالها المحجوزة ويحقق للفريق الغربي هدف تدجينها لتخضع عمليا للإرادة الغربية ولإخراجها تدريجيا من مظلة الحماية الروسية التي قبعت فيها تحت مسمى التوافق على برنامجها النووي وتفريغ التحالف الروسي الإيراني من أكبر قدر ممكن من محتواه من جهة والنفق الذي دخلت به العلاقات المصرية التركية من جهة ثانية. فكلا الحدثين يدخلان في الصيرورة الجديدة للتكوين الفيزيائي لحالة الاتزان التي تتشكل تحت إرادة القرار المصري الناتج عن توجه نأمل أن يتأصل ويتجذر ويتصاعد كفعل وطني وبروح قومية واثقة ومتطلعة. فتركيا قد بدأت تتصرف بردود فعل متهورة بعد أن أدركت أن الدور الممنوح لها من أميركا وإسرائيل قد بدأ يدخل في أنفاق الفشل والتراجع الجدي بعد أن أعلنت ساحات مصر الشعبية انتهاء الفورة الطائفية، والتراجع العام لأحزاب الربيع وفشلها في إدارة دفة الحكم أو تحقيق الغايات الكبرى التي تم أحداث الربيع من أجلها أصلا.

  وكعرب من أنصار وأتباع المقاومة العراقية التي تشكل الرقم الأصعب غير المنظور بسبب الحصار الإعلامي الظالم في مجمل تحولات المنطقة بعد الانتصار التاريخي على القوات الغازية للعراق فإننا نأمل أن تتمكن القيادة المصرية من احتواء الوضع الداخلي بأقل قدر ممكن من الخسائر أو بدون خسائر فالدم المصري عزيز وأعز من تفاعلات السياسة وأهواء السلطة التي لعب عليها أصحاب الربيع مع الحفاظ على السبل المتاحة لحياة ديمقراطية يستحقها شعب مصر العظيم وندعم إرادة شعبنا المصري في إقامة نظامه الذي يخدمه ويؤمن سبل النماء والرخاء لمصر ويرتقي بدور مصر القومي والدولي إلى الاستحقاق التاريخي المتناغم مع قدرات مصر وشعبها العظيم.

 

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس

أكاديمي عراقي مقاوم _ المنسق العام لمنظمة أنصار انتفاضة أحرار العراق

 

 

هل ذكرتنا العاصفة الثلجية…… بالواقع اللئيم؟

 

د. مصطفى البرغوثي *

 

في البداية ومن منطلق العرفان بالجميل، لا بد من توجيه التحية لكل من ساهم على المستوى الوطني أو المحلي في إسناد أبناء وبنات شعبنا والتخفيف بكل ما أمكن من آثار العاصفة غير المسبوقة، التي تعرضنا لها.

 

ولا بد في البداية أيضاً من الإشادة بصبر وثبات أهلنا في قطاع غزة في مواجهة ما يتحملونه من معاناة تفوق طاقة احتمالات البشـر.

 

ولعلها مفارقة ذات مغزى أن أهالي الضفة الغربية بما فيها القدس، وهم يُعانون من انقطاع الكهرباء لبضعة أيام قد أدركوا بعمق التجربة المباشرة معاناة شعبنا في غزة وهو يُعاني من انقطاع الكهرباء لأشهر وسنوات!!

 

وفي الحالتين فإن الذي عانى ويُعاني هو الشـعب الفلسـطيني بكل مكوناتـه؛ ولعل أفدح المعاناة تلك التي عاشـها اللاجئون للمرة الثالثـة في مخيمات لبنان وسـوريا…. وكأن القدر أراد أن يُذكر الأجيال الجديدة بما عاناه اللاجئون في مخيمات اللجوء عام 1950 بعد عامين من النكبـة وفي شـتاء ثلجي كانت قسـوتـه مشـابهـة لما عشـناه خلال هذه الأيام مع الفارق الكبير في الإمكانيات والموارد.

 

قبل أشـهر نشـر الكاتب الإنسـاني (تشـومسـكي)، والمناصر لقضيـة فلسـطين، مقالاً تحدث فيـه عن أسـاليب الإلهاء التي تُتبع لإشـغال الشـعوب عن قضاياها، ومنها… اسـتراتيجيـة “الإلهاء”…. كإغراق الناس في القروض أو خلق تعارض وهمي بين الهم الإنسـاني الفردي… وخاصـة الاقتصادي وبين الهم العام والمعاناة العامـة.

 

وفي حالتنا صار غلاء المعيشـة وتسـديد الأقسـاط عند البعض مفصولاً عن الاهتمام بما يقوم به الاحتلال من ضم وتهويد واضطهاد اقتصادي، دون إدراك أن الغلاء نفسـه هو إلى حد كبير حصيلـة سـياسـات عامـة تُمارسـها (إسـرائيل) لقهرنا وتجويعنا!!

 

العاصفة الثلجية قدمت صورة صادمة وصارخة لحقيقة الواقع المر الذي نعيشه.

 

فما الذي سبب انقطاع الكهرباء عن مئات الآلاف لأيام طويلة، فجعل الأطفال وآبائهم وأمهاتهم عُرضة لبرد قارس وشلل تام وأمراض ستتفاقم. وكيف يُفهم تبرير مسؤولي السلطة بأن السبب يعود (لإسرائيل) التي قطعت عنا الكهرباء!؟

 

نفس (إسرائيل) التي تحرم غزة من المياه في الصيف القائظ وتفتح السدود لتُطلق عليها الفيضان القاتل في الشتاء. كيف وصلنا إلى هذه الحالة؟

 

لماذا لا نملك نحن القدرة على الأقل للتحكم بكهربائنا؟ ولماذا لا نُنتج الكهرباء؟ رغم كل أموال الدول المانحة والضرائب الجامحة وست سنوات مما سُمي “بناء المؤسسات”!؟ وإلى متى نبقى رهائن لقرارات (إسرائيل) وحكوماتها!؟

 

في الماضي كانت شركة كهرباء القدس شركة منتجة للكهرباء، فحوصرت وهُددت، ومُنعت من تجديد محطات التوليد لديها وأُجبرت على خدمة المستوطنات للحفاظ على ترخيصها، حتى تحوَّلت إلى مجرد وكيل توزيع وجباية للشركة القطرية الإسرائيلية، وأصبحت أسيرة بالكامل لقرارات الشركة الإسرائيلية..!!

 

ما الذي قطَع أوصال الأراضي الفلسطينية إلى أ /  ب / ج؟ وحرمنا من القدرة على الاستقلال بقدرتنا على إنتاج الكهرباء؟ أليس اتفاق (أوسلو)…. الذي يُروّج الآن لنسخة جديدة منه..!!؟؟

 

ومن أعطى (إسرائيل) الحق في محاصرة غزة والتنكيل بها وإغراقها بالعطش حيناً وبالفيضان حيناً آخر؟ أليس الانقسام والصراع على سلطة منتهكة الصلاحيات وعديمة السيادة وواقعة تحت الاحتلال هو أحد العوامل المسببة لذلك..!!؟؟

 

وعندما يُعطي الإسرائيليون الأولوية لمستوطناتهم غير الشرعية للتزود بالكهرباء وتبقى مدننا وقُرانا في عتمة الظلام والبرد القارس، أليس هذا هو نظام (الأبارتهايد)؟ ولعل أوضح المفارقات تكمن في معاناة سكان القدس الشرقية والبلدة القديمة بالمقارنة مع الخدمات المميزة التي تُقدمها بلدية القدس للمستوطنات والجزء الغربي من المدينة. وعندما نُجبر على دفع ما يُقارب ضعف ما يدفعه الإسرائيلي ثمناً للكهرباء، رغم أن دخلهم يزيد عن دخلنا بعشرين ضعفاً، أليس ذلك ظلماً وعدواناً وتمييزاً عنصرياً..!!؟؟

 

البعض روَّج ويُروّج، بسبب مصالحه ومنافعه الخاصة، للواقعية المزعومة بمعنى القبول بما هو واقع وليس فهمه لتغييره. والكثيرون روجوا لما سموه سلاماً اقتصادياً على حساب السلام الحقيقي الذي يؤمن الحقوق السياسية والكرامة والسيادة والاستقلال.

 

ولعدة سنوات نظّر البعض لنظرية بناء المؤسسات، لنجد أنفسنا بعد ذلك معتمدين في مائنا وكهربائنا واتصالاتنا على الاحتلال الذي يقهرنا ويتحكم بنا، وتجد أغلب المحافظات الفلسطينية نفسها محرومة من البنية التحتية! والحُجة كانت دائماً… تحسين أحوال المعيشة، على حساب الحرية السياسية.

 

هذه العاصفة الثلجية أطاحت بكل هذا الهُراء مرة واحدة وأظهرت أن القبول بنهج (أوسلو)، وما سيُشابهه في المستقبل يعني فقدان الحرية السياسية وفقدان مقومات المعيشة أيضاً. ويعني أن نُسحق كل يوم بنار غلاء المعيشة والضرائب الباهظة ولا نجد عند هبوب العواصف ما نُدفئ به أطفالنا وما نُنير به ظلماتنا وما نحمي به بيوتنا من فيضان المياه..!!

 

والعبرة أن فقدان الحريـة السـياسـيـة يعني أن نفقد القدرة على الحياة، وهذا ما تُخطط لـه السـياسـة الإسـرائيليـة، وكل من يُروج لاتفاق إنتقالي جديد، بدون القدس وبدون السـيطرة على الحدود وببقاء المسـتوطنات والتوسـع الاسـتيطاني.

 

ماذا سنقول لأولئك اللاجئين في مخيمات لبنان والذين فقد بعضهم أبناءه مثلما فقد أجدادهم أبناءهم في عاصفة عام 1950، عندما نتحدث عن اتفاق محتمل لا يضمن لهم العودة ولا الخلاص من الظروف البائسة التي يعيشونها..!!؟؟

 

الحقيقة التي لا يستطيع أحد التهرب منها، أن معيشتنا وتدفئتنا وكهرباءنا وسلامة بيوتنا تعتمد على تحقيق تحررنا من هذا الاحتلال العنصري البغيض.

 

والحقيقة الثانية…. أننا ونحن نخوض صمودنا ونضالنا ضد هذا الاحتلال فإن الأولوية في استخدام مواردنا وضرائبنا ومقدراتنا يجب أن تُعطى لاحتياجات الناس وقدرتهم على الصمود….. قبل أي شيء آخر. والحقيقة الثالثة أن الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية أصبحت ترزح على صدورنا كأطنان من الركام الذي يخنق أنفاس اقتصادنا وموازنتنا وحياتنا اليومية.

 

الواقعيـة الحقيقيـة والثوريـة لم تكن يوماً الاسـتسـلام للواقع… بل فهمـه وإدراكـه من أجل تغييره للأفضل، ومن دون السـماح لأي وسـيلـة إلهاء أو خداع بحرفنا عن ذلك.

 

*الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية 

Exit mobile version