تركيا تواجه تحديات داخلية وتعيد حساباتها بشأن سوريا خلال 2013

احتجاجات متنزه غيزي في تركيا وقضية الفساد المالي والرشى طرحت تحديات غير مسبوقة أمام حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان خلال 2013….
قبل نحو سبعة أشهر، وتحديدا في نهاية شهر مايو/أيار 2013، خرج مئات الآلاف من المعارضين في كافة المحافظات التركية تقريبا ضد بعض سياسات الحكومة ولمطالبتها بالاستقالة.
واستمرت الاحتجاجات أكثر من شهر، وأصبحت تُعرف باحتجاجات متنزه غيزي في ميدان تقسيم وسط اسطنبول، وخلفت سبعة قتلى ومئات الجرحى.
وكانت تلك المظاهرات – التي أزعجت حكومة رجب طيب أردوغان – الحدث الأبرز بلا منازع في تركيا خلال عام 2013، وذلك حتى تفجرت قضية فساد مالي ورشى في مناقصات العامة لتنافسها في احراج حكومة اردوغان.
وربط رئيس الوزراء التركي ووزراؤه بين الحدثين ووصفوهما بمؤامرة تحاك للنيل من أمن واستقرار تركيا.
جماعة غولان
القضية التي اتهمت فيها شخصيات سياسية واقتصادية بارزة في اسطنبول، من بينهم ابنا وزير الداخلية معمر غولر ووزير الاقتصاد ظفر تشاغليان، قطعت آخر حبال الود التي كانت تربط بين حزب العدالة والتنمية وجماعة فتح الله غولان الاسلامية التي اتهمتها الحكومة التركية بالوقوف وراء تحريك ملف الفساد من خلال نفوذها في الدوائر الأمنية والقضائية.
ويقول المحلل السياسي التركي ابراهيم بازان إن الكشف عن قضية الفساد المالي والرشى هي أكبر من جماعة غولان التي قد تكون أداة لقوى أكبر منها وقد تكون تلك القوى أجنبية منزعجة من تحول تركيا خلال السنوات الاحدى عشر الماضية إلى قوة إقليمية واقتصادية عالمية.
ومن الأحداث التي تركت بصمتها في العام 2013 كانت عملية السلام مع الأكراد ومفاوضات الحكومة التركية مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوغلان لوضع نهاية للمشكلة الكردية المستمرة منذ ثلاثة عقود.
وعلى الرغم من عدم وصول الطرفين إلى نهاية للمفاوضات حتى الآن، فإن الصحفية التركية من أصل كردي رائدة أورال تقول إن فوائد تلك المفاوضات كانت واضحة للعيان، فتركيا لم تشهد سقوط أي قتيل سواء من الجانب التركي أم الكردي طوال نحو عام، أي منذ بدء المفاوضات أوائل عام 2013.
ولم يسمع أحد عن مواجهات مسلحة بين الجانبين، وحتى الخلافات التي كانت تحدث بين المواطنين الأكراد والأتراك قلت بدرجة كبيرة، وأصبح الطرفان يعيشان في أمن ووئام.
الأزمة السورية
أما الحدث القديم الجديد في تركيا فكان الأزمة السورية بابعادها المختلفة وملفاتها السياسية واللاجئين والحدود الطويلة مع سوريا، إذ تعايش تركيا هذه الأزمة منذ بدايتها عام 2011، ويبدو أنها ستعايشها في العام الجديد 2014 أيضا.
وتستضيف تركيا أكثر من 600 ألف لاجئ سوري، 200 ألف منهم يعيشون في 22 مخيما ومجمعا من البيوت الجاهزة في عدد من المدن التركية قرب الحدود مع سوريا.
كما تستضيف المعارضة السورية بكل أطيافها، بما فيها الائتلاف الوطني السوري والمجلس الوطني وكذلك الحكومة المؤقتة للمعارضة السورية، وتدعمها ماديا ومعنويا.
وأصيبت تركيا بخيبة أمل حينما تخلى الغرب عن فكرة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، وفي ظل هذا الموقف الغربي الجديد بدأت أنقرة في إعادة حساباتها من جديد في الملف السوري.
وتقول الصحفية والناشطة السياسية السورية بهية مارديني إنها لا تستطيع لوم أنقرة على إعادة قراءتها للأزمة السورية، لا سيما بعد تحول مواقف حلفائها في الغرب ابتداءا من الولايات المتحدة وانتهاءا بالاتحاد الأوربي الذي تجري بعض دوله – بحسب مارديني – اتصالات معلنة وغير معلنة مع نظام الأسد، وباتت توافق روسيا في البحث عن حلول سياسية في ظل بقاء الأسد.
ومع انتهاء عام 2013 يبدو أن الأحداث في تركيا لن تنتهي، إذ من المنتظر أن تتفاعل قضية الفساد والرشى في العام الجديد 2014 وتشهد فصولا جديدة.
ويتوقع أن تشهد عملية السلام الكردية تطورات ملموسة، فضلا عن الملف السوري الذي أصبح جزءا من السياسة الخارجية والداخلية لتركيا.
وإضافة لتلك الملفات المتفاعلة فإن تركيا على موعد مع انتخابات بلدية نهاية شهر آذار مارس المقبل وانتخابات رئاسية في صيف العام 2014، وسيكون التنافس فيهما شديدا، لا سيما الانتخابات المحلية التي ستحدد كثيرا من ملامح خارطة السياسة التركية في السنوات المقبلة.