اللاجئون السوريون بلبنان على انقسامهم السياسي رغم معاناتهم المشتركة

لا يختلف واقع…

لا يختلف واقع اللاجئين السوريين في لبنان لجهة انقسامهم بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له، عن حال السوريين في الداخل، فاللاجئون بلبنان لا يزالون على آرائهم السياسية التي حافظت على حديتها بعد أكثر من عامين ونصف على اندلاع الأزمة السورية .

ويبدو أن الخوف من الملاحقة في سوريا، سواء من قبل النظام، أو من قبل المعارضة، يجعلهم مترددين بين الرغبة بالتعبير عن مواقفهم تجاه الأزمة الدامية المستمرة في بلادهم، أو كتمانها خصوصاً أمام عدسة الكاميرا.

وعلى الرغم من المأساة التي يعيشها النازحون الذين فاق عددهم المليون و200 ألف في أماكن لجوئهم في لبنان، وتطور مسار المعارك على الأرض في سوريا، فإن هذا الأمر لم يغيير كثيراً من توجهاتهم السياسية، فمن كان يؤيد النظام السوري، يصر على موقفه متذرعاً بالخوف من تنامي نفوذ بعض جماعات المعارضة المتشددة، أما من وقفوا مع الثورة منذ بدايتها في آذار/مارس 2011 زادوا تشبثاً بها كـ”خيار أخير للتخلص من الظلم الذي عانوه طويلاً” .

وانسحب هذا الاختلاف على الواقع الجغرافي، بحيث اختار المؤيدون، اللجوء إلى مناطق يقوى فيها نفوذ المؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد، كجنوب لبنان وبعض مناطق البقاع في شرق لبنان، بينما فضّل المعارضون الاحتماء في مناطق مؤيدة لثورتهم، كمدينة صيدا في الجنوب، وطرابلس وعكار في الشمال، وبلدة عرسال شرقاً .

وقد لا تبعد المنطقة التي تؤوي لاجئين معارضين للنظام عن منطقة أخرى تضم نازحين مؤيدين له، كما هو الحال في منطقتي الزهراني وصيدا الواقعتين في جنوب لبنان، فالأولى محسوبة على “حزب الله” والثانية مناصرة للثورة السورية .

في “مخيم أبو ربيع″ في منطقة الزهراني، جنوبي لبنان، وهو واحد من نحو 431 مخيماً عشوائياً منتشرة في البلاد، يسكن النازح السوري محمد إرسلان المؤيد لنظام بلاده “دون  خوف أو حرج”، على حد تعبيره.

فإرسلان، الذي نزح من حلب السورية إلى لبنان قبل نحو الشهرين، كان من القلائل الذين قبلوا الحديث أمام كاميرا “الأناضول”، حيث أعرب صراحة عن موقفه، قائلا:”أنا مؤيد للنظام السوري، وأنا اخترت هذه المنطقة، لأنها تساند النظام” واعتبر أن “النظام السوري أفضل بكثير من بقية الجماعات المتعددة التي بدأت تظهر في سوريا”، مفضلاً عدم الخوض بالأحاديث السياسية أكثر .

من جهته، قال أبو ربيع يونس، الضرير، مالك الأرض التي أقيم عليها “مخيم أبو ربيع″ حيث يسكن إرسلان، والذي يضم 41 خيمة بلاستيكية، إن عدد السوريين في منطقة الزهراني ارتفع من 1500 شخص قبل اندلاع الأزمة في سوريا، إلى أكثر من 11 ألف شخص .

ورحب يونس في حديث مع “الأناضول” بـ”أي نازح سوري، حتى وإن كان معارضاً للنظام (السوري)، هو في منطقة الزهراني وجنوب لبنان، بالحفظ والصون”، وقال: “إذا كان النازح السوري في منطقتنا، معارض للنظام، ونحن نعرف عدداً كبيراً منهم، ولا يقوم بأي عمل يخل بالأمن والأمان، فهو في حمايتنا حتى عودته إلى بلاده”.

وتشهد مناطق لبنانية عدة من حين إلى آخر، توتراً أمنياً، جراء تداعيات الأزمة المستمرة في سوريا منذ أكثر من عامين ونصف، خصوصاَ بعد إعلان “حزب الله” مطلع العام الجاري، مشاركته في القتال الدائر هناك إلى جانب النظام، وكذلك التحاق أعداد من الشباب المؤيد للثورة، وجهاديين، للقتال إلى جانب المعارضة السورية.

وعلى بُعد نحو 10 كلم شمال منطقة الزهراني، يقع “مجمع الأوزاعي” في مدينة صيدا، والذي يضم أكثر من 100 عائلة سورية، مؤيدة للثورة، نزحت معظمها من منطقة الغاب في حماة، شمال سوريا .

علي السيد، أحد سكان المجمع الذي رفض الحديث أمام الكاميرا خوفاً من ملاحقة النظام، قال: “نحن هنا جميعنا مع الثورة السورية، ولن نتراجع عن موقفنا حتى سقوط النظام المجرم”.

واعتبر السيد في حديث مع مراسل “الأناضول”، أن “الغالبية العظمى من السوريين هي ضد النظام، ومع الثورة، باستثناء المستفيدين والانتهازيين”.

أما حسين الحموي، الذي يضع في معصمه علم الثورة، فاعتبر أن “الشعب السوري لم يعد يمتلك إلا ثورته اليتيمة”، داعياً إلى التمسك بها “حتى الرمق الأخير”.

وقال الحموي لـ”الأناضول”، “نحن فضّلنا اللجوء إلى هنا، في هذا المجمع، وفي هذه المدينة، لأننا نعلم أن أهلها مع ثورتنا .. وهذا ما يولّد الطمأنينة في قلوبنا”، مضيفاً: “لو ذهبنا إلى مناطق لبنانية أخرى مؤيدة للنظام، لكنا الآن في خبر كان”.

وحاول النازحون في مجمع الأوزاعي غير المكتمل البناء والذي يفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة، ترتيب سكنهم من خلال سد نوافذ وأبواب غرفه بالخيم البلاستيكية .

ويبدو أن كِلا الطرفين متمسك بـ”إنتصار” الفريق الذي يؤيده، لكي يؤمن عودته إلى بلاده . لكن يبقى السؤال: رغبة من ستتحقق، وفي أي إطار ستكون العودة؟

(الاناضول)

 

Exit mobile version