لأكثر من أسبوعين، وعلى بعد 600 كم جنوب…
لأكثر من أسبوعين، وعلى بعد 600 كم جنوب العاصمة الجزائر، يتواصل إضراب التجار الأمازيغ (الإباضيين)، لحين تحقيق مطالب تتعلق بإقرار تعويضات عن إتلاف محالهم، ومعاقبة المتورطين في التخريب، الذي نجم عن اشتباكات مذهبية، شهدتها المنطقة منذ أيام.
وشهدت مدينة غرداية في الفترة بين 24 و28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، مواجهات مذهبية بين سكان ينتمون إلى قبيلة الشعانبة العربية (سنة مالكيون) وآخرين من الميزابيين الأمازيغ (الإباضيين)، أسفرت عن وقوع أكثر من 200 جريح، وتخريب للمحلات والمساكن ولم تتوقف إلى أن تدخلت قوات من الشرطة يزيد تعدادها عن 2000 رجل.
وشرع التجار في إضرابهم قبل بداية المواجهات المذهبية، بسبب اعتداءات متفرقة على محلاتهم من قبل مجهولين، مطالبين بتأمين وحماية منشآتهم، قبل أن ينفجر الوضع وتدخل المدينة في اشتباكات واسعة بين سكان الطائفتين العربية والإباضية.
وتعيش المدينة منذ أكثر من أسبوعين، حالة شلل حقيقية بسبب الإضراب، الذي يعد الأطول على مدار السنوات الماضية، بحسب العديد من التجار .
وتأكدت أزمة الثقة بين الإباضيين في مدينة غرداية وحكومة الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، بعدما قاطع تلاميذ المدراس في غرداية الدراسة منذ يومين تلبية لطلب أعيان المدينة.
ويطالب التجار، بالقبض على مجموعة من الأشخاص، قالوا إنهم كانوا وراء إثارة أعمال العنف، وتعويض التجار الذين تعرضت محلاتهم للتخريب، والتحقيق مع عدد من مسؤولي الشرطة، يرون أنهم تورطوا في تسهيل عمليات اعتداء على الممتلكات والاشخاص.
لكن هذه الطلبات التي نقلها أعيان من مدينة غرداية قبل نحو أسبوع إلى الوزير الأول الجزائري عبدالمالك سلال، لم تقبل، وقدمت الحكومة بالمقابل عرضا لسكان المدينة يتلخص في تعويضات محدودة ومشاريع تنموية للشباب.
وفاقم رفض الحكومة لطلبات التجار الوضع حيث قرر تجار غرداية في تجمع ضخم نُظم السبت الماضي وشارك فيه أكثر من 2000 تاجر مواصلة الإضراب، والدعوة لمقاطعة الدراسة وبعض المؤسسات الحكومية.
وبرر أعضاء في اللجنة المؤقتة التي أنشأها تجار مدينة غرداية، الإضراب بأنه تصعيد طبيعي ضد الوضع الأمني “غير المقبول”، بالإضافة إلى “انحياز وتواطؤ بعض قوات الشرطة ضد الإباضيين” على حد تعبيرهم.
وقال باباز خوضير، عضو لجنة التنسيق التي تمثل التجار المضربين ، لمراسل وكالة الأناضول، إن تجار غرداية، يطالبون منذ سنوات، بتوفير الأمن والقبض على مجموعة من المجرمين المعروفين لدى الشرطة والذي نفذوا خلال السنوات الأخيرة عشرات الاعتداءات ضد التجار.
وأضاف : “ما أدى لانفجار الأوضاع هو قيام مجموعة من المنحرفين المعروفين، بتنفيذ اعتداءات ضد التجار وضد بعض السكان؟، قبل ثلاثة أسابيع″.
ويقول ضبار خالد، وهو أحد أعيان بمدينة غرداية إنه “عندما ترفض الحكومة طلباتنا فهذا يعني أنها مستمرة في نهج استفزاز السكان وتهميشهم وهذه رسالة سيئة من الحكومة تجاهنا” .
وانتقل إلى مدينة غرداية، على مدار الأسبوعين الماضيين، وفود رسمية وشعبية للوساطة بين العرب والأمازيغ الإباضيين، لحل المشاكل العالقة بين الطرفين.
وزار المدينة رجال دين من جمعية العلماء المسلمين، وفنانون وسياسيون، فيما سمي بقافلة الأمل، لكن كل هذه الوساطات لم تتمكن من تغيير الوضع .
(الاناضول)