“ارحل”.. رسالة تهديد تهجر عراقيين قسراً عن ديارهم

يلملم أبو علي (50 عاماً) مع أفراد عائلته الثمانية ليلاً أغراضهم على عجل راحلين إلى جهة غير معلومة بالنسبة لهم، امتثالاً لكلمة “ارحل” التي كتبها شخص مجهول على الجدار الخارجي لمنزله الواقع في محيط العاصمة بغداد.
أبو علي وهو مواطن سني يقطن في حي تقطنه غالبية شيعية بمنقطة “حزام بغداد”، سكن داره منذ ما يقارب الـ25 عاماً، واضطر للرحيل عنه دون أن يودّع أصدقاءه أو جيرانه، وإنما حمل ما استطاع من أغراض وأوراق ثبوتية خوفاً على حياته وحياة أفراد عائلته من خطر يجهل مصدره.
ويضم “حزام بغداد” كل من مناطق اللطيفية واليوسفية والمدائن جنوب بغداد وأبو غريب غربها والطارمية والتاجي شمال العاصمة، وكانت تلك المناطق تعد “ساخنة” خلال فترة العنف الطائفي بين السنة والشيعة التي حدثت خلال عامي 2006 و2007 وأوقعت مئات القتلى والجرحى من الطرفين.
وقال أبو علي (لم يشأ ذكر اسمه بالكامل) الذي التقاه مراسل “الأناضول” أثناء رحلة “المجهول” كما سمّاها، “لا أعرف أين أذهب بعد أن تركت منزلي فليس لي مكان ألجأ اليه”، ويتساءل أبو علي عن الذنب الذي اقترفه ليُجبر على الرحيل عن منزله، ودور الأجهزة الامنية التي اتهمها بـ”التقصير” في أداء واجبها.
أبو علي لم يكن الوحيد الذي اصطحب عائلته وفرّ من منطقة “حزام بغداد”، بعد توجيه كلمة “ارحل” له، وإنما سبقه نحو 5 آلاف شخص خلال العام الماضي، بحسب ما ذكرت رئيسة لجنة المهاجرين والمغتربين التابعة للبرلمان العراقي لقاء وردي.
وفي تصريح لوكالة “الأناضول”، قالت وردي إن نحو 5 آلاف شخص هجّروا قسرياً من مناطق سكنهم في عموم العراق خلال عام 2013، وكانت نينوى والأنبار وديالى وبغداد هي المحافظات الأبرز التي شهدت نزوحاً لعوائل عن مساكنها بسبب التهديدات.
وأشارت إلى أن بغداد لوحدها نزح عنها نحو 500 شخص من سكانها قسرياً خلال العام الماضي، لافتة إلى أن عدد حالات التهجير القسري ازدادت بشكل كبير في عام 2013، بعد أن انحسرت في السنوات الثلاث التي سبقتها.
وتوقعت رئيسة اللجنة ازدياد عمليات التهجير هذا العام أيضاً، بسبب “الوضع الأمني غير المستقر” في البلاد وخاصة في العاصمة.
ودعت وردي وزارة المهجرين إلى وضع خطة لاستقبال المهجرين قسرياً، وتخصيص أموال لدعم النازحين عن ديارهم وتأمين مساكن بديلة لهم، لافتة إلى أن أغلب النازحين يذهبون إلى إقليم شمال العراق وبينهم كفاءات مثل الأطباء وغيرهم.
وطالبت رئيسة اللجنة أيضاً الأجهزة الأمنية باتخاذ عدد من الإجراءات لمنع التهجير القسري على رأسها معاقبة المسؤول الأمني عن المنطقة التي يحدث فيها قتل أو تهجير قسري لأن ذلك يعد “تقصيراً” منه ومن الأجهزة التابعة له.
من جهته، نفى المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد التابعة للجيش العراقي وجود اي عمليات تهجير قسرية من العاصمة، مؤكدا وجود إجراءات صارمة ضد من يقوم بهذا العمل، لم يبين طبيعتها.
وفي تصريح لوكالة “الأناضول”، قال العميد سعد معن المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد “لا توجد عمليات تهجير في بغداد وهي تناقصت بشكل كبير خلال الفترة الماضية بسبب الإجراءات الأمنية”.
وأشار معن إلى أن مناطق “حزام بغداد” تم تطبيق إجراءات صارمة فيها لمكافحة التهجير القسري، داعيا المواطنين الذين يتعرضون الى هذه الأعمال للاتصال بالخطوط الهاتفية الساخنة التي حددتها عمليات بغداد.