وزراء سابقون في الاردن ينتقدون خطاب”طلب المعونة: قضمنا أكثر مما نهضم في مسألة اللاجئين
فشل الأردن في التقاط اللحظة التاريخية التي أتيحت له في مؤتمر سياسي بامتياز مثل “جنيف 2″، كان ينبغي فيها أن يعزز “دوره الأساسي” المتمثل بحراسة الحلم العربي، بدلا من تحويل المناسبة لمجرد تباكٍ على الحال الذي وصل إليه نتيجة استقباله للاجئي الأزمة السورية، ما قزّم موقفه الحقيقي، وحوّله لمجرد “طالب للمعونة” دون موقف واضح، حسب ما قال الوزير السابق صبري اربيحات لـ”رأي اليوم”.
خطاب الأردن “الرتيب” في نظر اربيحات كان يصلح لمؤتمر من طراز مؤتمرات المانحين، الأمر الذي يعزز النقد الذي وجه للخطاب بشكل عام ولتخصيص الأردن وقتا لشكر دولة الكويت على استضافة مؤتمرين ناجحين للدول المانحة، خلال كلمة لا تتجاوز مدتها 20 دقيقة.
ذات الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية ناصر جودة في مؤتمر جنيف 2، تحدث عنه الوزير السابق اربيحات بصفته “إنساني خجول” حامل لمعانٍ من “الأخوّة” المبالغ فيها والتي لا تصلح للحقبة الحالية المحتكمة للمصالح، وتتطلب من البلاد أدوات دبلوماسية سياسية جديدة.
وطالب اربيحات بلاده بالاضطلاع بمهامها كحارس للحلم العربي، معتبرا أن هذا الدور هو الذي تستمد منه عمان شرعية وجودها، كما يستمد منه نظام الحكم “الهاشمي” شرعيته الدينية والقومية؛ الأمر الذي لا يسمح بوتيرة خطاب مماثلة.
اربيحات عبر عن استيائه لخلط الاردن الرسمي بين طاولات المفاوضات السياسية وطاولات الاجتماعات الانسانية في خطاب تحدث عنه بصفته تكرّس لإبراز الأردن كضحية ما ساهم في تقزيم الدور العظيم الذي تقوم فيه بلاده في السياق، في حين كان من الممكن أن تستخدمه عمان كطاولة تفاوض فيها على مصالحها وما تقدمه من خدمات مجانية.
ويقوم الأردن بدور فاعل في حفظ الحدود المجاورة والمساهمة في تقليل من آثار النكبات والأزمات، الأمر الذي يطالب اربيحات في سياقه من الدولة أن تدع عنها سياقات الخطابات “المستجدية للمنح والهبات، والتي لن تأتيها إلا مغلفة بالمنّ”، ما يقلل من حجم الدور الأردني الحارس للمنطقة، والذي منه انطلقت شرعية الأردن وسيادته.
وحمل اربيحات الجانب الرسمي من بلاده ما وصلت إليه الأعباء الاقتصادية فيها، معتبرا انها كدولة ذات سيادة واستقلالية، لم يكن ينبغي عليها أصلا “قضم أكثر مما تهضم” في موضوع اللاجئين الذي يرى فيه فتحا للأبواب الأردنية على مصراعيها بطريقة مخجلة.
وأفرز الموقف الأردني في مؤتمر بحث الأزمة السورية الثاني والذي عرف بـ”جنيف 2″ تباينا في مواقف النخب السياسية المحلية على الصورة الخارجية للبلاد، خصوصا بعد أن وجه وزير الخارجية السوري نقدا لاذعا للأردن بصفته “جار ضعيف يؤمر ويأتمر”.
النقد الذي تقدم به الوزير السوري وليد المعلم كان عميقا وغير مقبول بالنسبة للوزير السابق أحمد مساعدة، والذي عبر عن أسفه في حديثه مع “رأي اليوم” في سياقيّ عدم ردّ الأردن على النقد المذكور، وتركيز الخطاب الأردني على ما أسماه مناحٍ بروتوكولية وشكلية تختزل الدور الأردني بقضية اللاجئين والعبء الاقتصادي الناجم عنها على البلاد.
الوزير السابق أحمد مساعدة، عبر عن شدة انزعاجه من الخطاب الذي لم يرقَ لالتقاط الفرصة السياسية وطرح الموقف الاستراتيجي الاردني وخطة الدولة للمنطقة ضن اطار حل الازمة السورية، والتسوية الاقليمية، الأمر الذي عده كان سيتجه لتكريس وضع بلاده على انها لاعب محوري مؤثر ويقدم لما يريد وما ينسجم ويتسق مع مصالحه الوطنية كحالة فعل وليس حالة رد فعل.