أرشيف - غير مصنف

(تحالف الأضداد)

اللوحة الجميلة التي رسمت بفعل تفهم الغرب لتطلعات الشعوب العربية والإسلامية ومدت جسور المحبة والتسامح والتواصل خاصة مع الشباب وانتهاء الزمن الذي كان خطباء الجمعة يتلون الخطب المكتوبة لهم من قبل مخابرات واوقاف الانظمة القمعية الشمولية ترعب الناس وتخوفهم من الغرب والتغريب ( والاخر والآخر ولا نعرف من هو الاخر ) وترفع الدعاء على الغرب بالحرق والغرق في الوقت الذي كانت فيه هذه الانظمة وعلى رئسها نظام بشار الاسد تقيم المؤتمرات الكبرى وحفلات الصور تحت عنوان ( الممانعة والمقاومة) تستدرج فيها الحركات الاسلامية (خاصة التي كانت ممنوعة ومحظورة في دول قمعية صديقة لها) لتورطهم في خطب نارية موجه ضد الغرب في الوقت الذي يستجدي حكام هذه الانظمة ومخابراتهم العلاقات مع الغرب بكل الوسائل واكثرها ابتذالا وانبطاحا , حتى تغير الحال فأصبحت المؤتمرات وجموع المصلين تستنجد بالغرب وتلوذ به لتخليصها من طغيان وقمع وظلم واستبداد حكامهم , (الجميع طلب الحماية الدولية وسحب الاعتراف الدولي من تلك الانظمة وحكامها).

 لا شك ان تلك التحول هو من اهم اسباب (وجود تحالف الأضداد) هذا التحالف الغريب .

ومع التأكيد على ان  موقف الغرب وخاصة الدول الأوربية التي اعترفت بنتائج الانتخابات وتعاملت مع من يمثل الشعوب تمثيلا حقيقيا لأول مره بعد ان تبين لها بعد الربيع العربي ان الانظمة التي كان ولا تزال تحكم الكثير من الدول العربية والاسلامية هي أنظمة معزولة ومنبوذة ومكروهة من شعوبها التي تعاني من القمع والجوع والتجهيل والاضطهاد والتهجير والاعتقال والتهميش والقتل والتغييب القسري وثبت للعالم ان تلك الانظمة قد سخرت كل إمكانيتها لتشويه صورة الاسلام والمسلمين باستخدام ابشع واقذر الوسائل وتفننت بصناعة الخوف والفزاعات والارهاب في أقبية مخابراتها لتخويف الغرب وضمان دعمه لبقائهم  متشبثين بكراسيهم باعتبارهم محاربين للإرهاب والتطرف.

 من المعروف ان تلك الانظمة القمعية وعلى رئسها نظام قد اذهلت جهات غربية سياسية ومخابراتية وامنية بنجاحاتها في ما عرف ويعرف باختراق التنظيمات الإرهابية وكشف خلاياها النائمة والمستيقظة ومخططاتها وعملياتها التي تنوي تنفيذها في الغرب وفي بلدانها وتلك النجاحات سببها وبكل بساطة ( ان تلك الانظمة هي التي تصنع الارهاب وتلك التنظيمات والخلايا من القاعدة وأخواتها ) وافضل تلك الأدلة القريبة البيانات التي أطلقتها التنظيمات التي تعلن فيها امكانية توليها الحكم في تونس ومصر واليمن وسوريا والعراق اثناء وبعد اندلاع الثورات  فيها  ولا ننسى ان ابن القذافي وقف الى جانب وزيرة خارجية امريكا في واشنطن السيدة هيلاري كلنتون وقدمته الى العالم (باعتباره محارب وحليف مهم وموثوق بهي ضد الارهاب) وبعد ذلك بشهر انطلقت  الثورة الليبية لتبين ان ابناء القذافي هم من اكثر صناع الارهاب أنفاقا ماليا ليس في ليبيا بل في كل مناطق الصراع في العالم.

اغرب مظاهر هذا التحالف ( تحالف الأضداد) واكثرها نفاقا وخبثاً هو اتخاذه ايران وحلفائها مرجعية له رغم  ان ايران قدمت اسوأ نموذج لحكم ديني باسم الاسلام في العالم يعتبر وصل الى حد اعتبار من ينتقد علي خامنئي مرشد الثورة الايرانية والرئيس احمدي نجاد  ( محارب لله ورسوله وال بيته وجزائهم القتل) مع التأكيد على ان ايران دولة عنصرية قومية توسعية تتستر بالدين وهناك وللأسف أشخاص من قيادات الصفوف الاولى للحركات والأحزاب الاسلامية تعيش خارج التاريخ والتغطية لا تزال ترى في (ايران كيت) حليف لها بعد ان كانت ملاذا لهم هربا من بطش حكامها ومنهم من ورطتهم ايران بصور وأفلام ووثائق وايصالات مالية تبتزهم بها والآن انقلبت عليهم وتحالفات مع أعدائهم التقليديين والأمر واضح في مصر واتضح لهم ان ايران لا تريدهم ولا تحتاجهم وهم يعملون بالعلن وُينتخبون في بلادهم بل تريدهم مطاردين هاربين مضطهدين أذلاء ليكونوا عجينة طيعة بيدها لتستخدمهم ابشع استخدام. 

 ومن غرائب تحالف الأضداد ان تحالفت تيارات علمانية ويسارية وقومية عربية مع ايران رغم اعلان ايران رسميا ان هجومها وعدائها للعرب قومي عنصري توسعي باسم الدين والطائفية المقيتة التي تمزق فيها النسيج الاجتماعي لشعوب المنطقة.

اليسار السوري يقف مع عائلة عصابات نظام  الاسد الطائفية والعرقية وتخلى عن ابرز قادته السيد جورج صبرا والذي تشرف بتمثيله في سجون عصابات عائلة مافيا النظام السوري سنين طوال.

يساريون من لبنان بعد ان كانوا يسمون (بيروت هانوي العرب) اليوم يرفعون صور حسن نصر الله وجيفارا ولا يكلفون نفسهم بالبحث عن قتلة قائدهم الذي يعتبر من أشرف وأشجع رجال المقاومة اللبنانية السيد (جورج حاوي) وتشهد له معركة ساحة سباق الخيل في الوقت الذي استقبل فيه حسن نصر الله واتباعه (يوم كان من ابرز قيادات حركة امل في لبنان) الجيش الاسرائيلي المحتل بنثر الورد والرز على دباباته وقُتل السيد حاوي على يد حزب الله بعد ان قال كلمة حق ضد النظام السوري.

في الاردن انطلقت جموع المخربين من اليساريين والعلمانيين والقومجية تسرق البنوك وتنهب وتخرب الممتلكات العامة والخاصة وترفع شعارات ( جيفارية ) لدمير الاردن باسم الإسلاميين مع التأكيد على ان هناك في صفوف قيادات الحركة الاسلامية في الاردن من  لايزال أسيرا لصفقات وعلاقات سرية مع الاسد وإيران التي تقتل إخوانهم في سوريا وتنتهك أعراضهم .

الامارات العربية فتحت خزائنها وبذلت أموالها وأجندة أعلامها واعلام العالم ( المردوخي والورواري) لدعم مرشحي ايران في مصر وتونس والمغرب ضد الاسلاميين في الوقت الذي تحتل ايران ارضها وتهدد امنها ووجودها.

وفي تركيا خرج العلمانيون واليساريون والعلويون حاملين صوره واحدة تجمع الامام علي بن ابي طالب واتاتورك واوجلان !.

وفي العراق وقفت احزاب ايران التي لم تجد غير الشحن الطائفي والمذهبي واثارة النعرات الطائفية والعرقية والعنف الطائفي الديني وسيلة لتجييش الشارع لحسابها والاغرب من ذلك انها تخون الإسلاميين في مصر وتركيا وتونس وتتهمهم بالاستقواء بالخارج وهي ذات الحكومة التي جاءت على ظهور دبابات الاحتلال وأحذية غزاتهى .

إن اكتساح الاسلاميين ثورياً وانتخابياً في العالم العربي والإسلامي الاحزاب الورقية والكارتونية الحاكمة ودكاكين احزاب المعارضة الديكورية التي أوجدتها احزاب عصابات حكم الفرد المستبد وعائلته ورجال ماله واعماله ومخابراته ومافياته دفع الى تحالف الأضداد ضدهم وبات واضحاً ان الهدف من ذلك التحالف هو دفع الاسلاميين الى التشدد والتطرف وللعمل في السر والعيش في الكهوف ودفعهم الى احضان ايران لتستغلهم ابشع استغلال من خلال دينها الجديد ونزعتها التوسعية ووصمهم بالإرهاب ومنعهم من العمل في النور وتحت الشمس انتخابيا وديمقراطيا نزيه.

الاحزاب والحركات الاسلامية في تونس ومصر وغيرها من الدول العربية والاسلامية قدمت ملايين الضحايا والمعتقلين والمشردين وتعيش وتمثل معاناة الشعوب وكل شرائحها وخاصة المهمشة والمضطهدة والجائعة والعاطلة ولم يأتي فوزها من فراغ او صدفة بل بسبب الهزائم والنكسات والإحباط والفشل والفقر والتخلف والحروب على يد( الاحزاب السلطوية القومية والعلمانية واليسارية)التي حكمت على مدى مائة عام تكبدت فيها الشعوب ابشع الخسائر وارتكبت بحقها ابشع الجرائم وأغرقت المجتمعات بالكوارث والنزعات الانفصالية والتفسخ الاجتماعي والتخلف العلمي والتربوي الصحي  والفساد والنهب للمال العام والخاص وقمع الحريات والاعتقال والتعذيب والنفي والتشريد.

مع التأكيد على ان الإحصاءات الرسمية تؤكد ان العنف والارهاب الناتج عن التطرف اليساري والعلماني والقومي في العصر الحديث هو الذي أدى الى حروب وكوارث راح ضحيتها عشرات الملايين في العالم وحتى العمليات الانتحارية التي قام بها من يدعون الاسلام لا تمثل واحد بالألف من العمليات الانتحارية والارهابية التي قام بها المتطرفون واليساريون والعلمانيون والقوميون الفوضويين .

ومن حقنا ان نتساءل ، لماذا نرى الكثيرين ممن يرتدي ثوب العلمانية يهاجم الإسلاميين دون غيرهم ؟وهل ذلك سيفضي الى المزيد من الاستقرار في الأقطار العربية والإسلامي .

 لماذا نرى من الأقليات وللأسف (من اُقحمت بالترغيب والترهيب من الحكام المستبدين الذي طرحوا انفسهم حماة لها واخرى  هي من أقحمت نفسها) في صراع ضد الاكثرية وهدفها تقويض الاقطار العربية والاسلامية على رؤوس أهلها , مستغلين ما وقع عليهم من ظلم من قِبل حكام الفساد والاستبداد (متناسين إن ذلك الظلم قد عم الجميع).

كيف نستطيع أن نمّيز الفكر الثوري اليساري التقدّمي والذي يعتبر نفسة حامل لواء الحقيقية التي تهدف الى رخاء الإنسان وخدمته ؟ من النهج الذي يلبس قميصا لمدنية اليسارية وله مآربٌ واهداف أُخرى مدفوعة الثمن!

على اليساريين الحقيقيين أن يتنبهوا لمثل هذا ألأمر مع الحذر من ما يراد جرهم اليه من معارك هم اعلم الناس بنتائجها الخاسرة وانعكاساتها الخطيرة عليهم.

هناك الملايين ممن كان يتطلّع الى الحرية عبر نافذة المعسكر الاشتراكي الذي لم يتمكن ممثليه من الوصول الى أذهان وواقع الجماهير وأكتفوا بالعلم والنشيد والخطابات الفارغة عن ( الإمبريالية والرأسمالية) ولعل ما هو أكثر مرارة إن تلك القوى لم تدرك وتتبين حقيقة نتائج ما جرى من جرائم في ذلك المعسكر وبقاياه من الانظمة القمعية والشمولية .وأتانا اليوم دعاة يساريين وعلمانيين أكثر ضحالة وضياع وتخلف نظراً لحجم التعصب الذي يعمي عقولهم من جانب ومن جانب اخر ذلك السم الذي يقذفونه من أفواههم واقلامهم ومنهم من يمثل أقصى اليسار بصوته وهو في أقصى اليمين بعمله أما الفوائد والاهداف فتذهب لصالح القوى الخفية التي تحركهم في مسرح العرائس ليقدموا عروض بائسة !!!.

وفي ما يخص مصر ورئيسها المنتخب الذي نجح نجاح مبهر اشاد به الاعداء والاصدقاء في تجاوز اخطر الفخاخ التي نصبت اقليمياً للمنطقة وله شخصيا كرئيس إسلامي منتخب وتمثلت في سد ماء اثيويبا الذي مولته دول تسمي نفسها عربية على رئسها الامارات العربية وسبق وان مولت النظام السوري لبناء سد على نهر الفرات لحرمان العراق من الماء والحرب على غزة واشترك في ذلك الفخ (تحالف الأضداد) بحرفية ومهنية خطيرة لتحقيق هدف مزدوج  الفؤاد وهو ( وضع الرئاسة المصرية امم خيار حرب إقليمية كارثية او الانسحاب من المشهد السياسي والانتخابي والعودة بمصر والمنطقة الى حالة الجمود والتردي والتشتت بين خطب الممانعة والمقاومة الكاذبة وواقع عملي بائس مغاير  ومتهتك)  لقد وقف الرئيس المصري موقف أعاد لمصر مكانتها العربية والإسلامية والعالمية التي تستحقها بالعمل الصادق والدبلوماسية الشريفة بعيداً عن الخيانة بالسر والعلن وبعيدا عن المهاترات والخطب النارية الكاذبة عن المقاومة والممانعة ولذى نجده اليوم يدفع ثمن ذلك النجاح بسبب منعه تحقيق مشرع مهم لتحالف الأضداد وخطير أعلنه لأول مره للجميع ( لقد كان من اهم اهداف العدوان والحرب في غزة ان يفرض على طرفي النزاع ومصر واقع حال جديد يمكن ايران من التفاوض على اشلال الدم النازف في غزة وتوتر الأوضاع في لبنان التي دفعتها هي الى حافة الهاوية وباعتبارهما ورقتان مهمتان للتفاوض مع اسرائيل وامريكا وأروبا لتحقيق بهما مكاسب لملفها النووي ورفع الحصار المفروض ضدها وكسب الموافقة الغربية على المضي في مشروعها التوسعي الإقليمي في المنطقة والإبقاء على عائلة نظام المافيا الأسدية تحكم سوريا وتسليم لبنان الى ميليشياتها التي تسمي نفسها حزب الله وتمنع سقوط حكومتها في العراق التي فشلت بكل المقاييس والمجالات الا في مجال واحد يتمثل في وضع كل ثروات وأموال العراق تحت تصرف الحرس الثوري الايراني وأذرعه ).

وعليه اقول ان على العالم الغربي ان يتاكد من حقيقية مهمة تتمثل(بفوز الحركات الاسلامية فوز ساحق في اي انتخابات تجري في كل الدول العربية والاسلامية تكون نسبة النزاهة فيها واحد بالألف ) ويقف مع من يمثلون الشعوب العربية والإسلامية تمثيل حقيقي وعلى اسرائيل ( التي اعلنت انها دولة يهودية دينية )ان تتيقن انها لا تعيش بسلام حقيقي وتنهي صراعها الا مع دول يحكمها إسلاميين من خلال انتخابات حرة ولا تصدق دموع التماسيح التي يذرفها البرادعي صهر علي خامنئي على الهولوكوست كذباً مع استنكاري لتلك الجريمة البشعة!!!

علي القيسي

ناشط في مجال حقوق الانسان

رئيس جمعية ضحايا سجون الاحتلال الأميركي الايراني في العراق

 

زر الذهاب إلى الأعلى