اما انا أرد قائلا للذين و ضعوا على رؤوسهم عمائم التعجرف
ان القمم البواسق الجرداء في بلادي هي جبالي و الشواطئ و السهول و البوادي و الواحات و الأنهار هي ملكا لعشيرتي و أجدادي و احفادي، و كل قطرة ماء عزبة من بئر او ساقية بمرج او حبة رمل على شواطئ أوطاني هي حق لأولادي،و عروبة طيب الارض الطاهرة فوقها و ما تحت ثراها هي تربة اجساد اسلافي و أحفادي,
ماضينا شاهد علينا كنا بأمسنا كحملان وديعة نجوب قحوط براري الأوطان المليئة بالضواري و الذئاب،بفرحة و بهجة وسعادة كنا نصبُ من مناهل ينابيع الحياة للأجيال أحلى ما فينا من حنو و محبة زارعين على تراب ضفافها بزور الحكمة و بغبطة أفراح الحياة نسقيها رقة دموع الأحداقّ و بسكينة و رأفة نرويها العظمة من ندى جبين الإبداع.
فما نفعنا؟ان لم نكن قطرة ندى صافية على جبين هذا الوجود و رؤيا حلم مفرح تحمله اجنحة المحبة أنشودة همس في إذن الحق تغنيها شفاه الحياة و تترنمها أحاسيس مشاعر الانسانية.
اين هي قيمتنا الانسانية ان لم نسمع صدى أنفاس الأجيال في السكينة فوق الآفاق في السماء المتناهية المتكاملة بسحر أعماق جوهر الحياة الساكن روعة الحضارة بمخيلة الأبدية.
العروبة لنا ونحن منها ولها و لو لفنا خيال الفُ ظلمة بظلام اجنحة ليل جهلنا او تخلفنا، نحن لا نغلق أبواب ذاتنا العربية او نعيق صفوة رؤيانا عن رسالة الروح العربية و عمق رسالتنا الأبدية و لو وقفنا العمر امام الردى في ساحات المذابح وعزابات الحروب.
نعم إصابتنا النكبة و صحت ضمائرنا من اعوام غفوتها امام هول المصيبة،فكيف لنا ان نرجع لنغفو عقوداً على احلام مزعجة نسجتها خواطر الأغراب و مكائد غزلت خيوطها على جدران الغدر و الخديعة عناكب أقارب و جيرة لم نألفها و أغراب انكشف كيد خباثها،
لقد أدركت أفئدتنا اخطاء الآباء و فطنا لسهوات الأجداد فلما نرجع للتوه في ضباب الجهل ليحاصرنا الفقر و يتتبعنا العدم؟ و كلما تلفتنا حولنا من أبواب الحيطة و نوافذ الحذر لا نرى الا مطامع شياطين الارض تدب بجوارنا و ابالسة في السماء تُحلقُ محملقة بأعين حمراء فوقنا.
لقد استفقنا من ملل الاستغراق تحت نخيل الماضي،و اهتزت أجسادنا الهامدة من بين حُفرِ مدافن الأزمان لنجد حال أيامنا برقود المتاعب و تقهقر المصاعب، نرتمي على حمرة جمر وسائد الحاجة و ارائك الحسد نتلحف أقماط الغباوة و تلفنا حنقة غيرة الاستعلاء،نعطي من جهد أعوام العمر قطوف ثمار مرة المذاق لبعث امة نتبتل راكعين على عزيز ثراها كغريق امام فلكة امل في خضم بحر وجودها نتمسك بها علها تنجينا من غضبة حقبة ظلم و حلكة ايام مصيبة و إتهاض، او لساعة رحمة تخلصنا من شر قبضة عدم غربية تلتف حول أعناقنا و من مخلب شرقي كخنجر سنين مغروزً في خاصرتنا.
أهذه يد الكرم التي تعطي الأجيال القهر و العزاب و تهدي الفقر و التشرد و ترد الجميل و الإحسان بالتهجير و اللجؤ و الاغتيال ؟اي إرادة هذه تسكب صنائع الموت بأجنحة الردى على المدن كي تزرع الخوف و الرعب في قلوب الأطفال ؟ اي جيوش وطنية تترك شعوبها تأكل الهشيم و ترمي أهلها بسهام مركبات الفناء؟.اي عمائم سوداء و بيضاء بلا رأفة تُحِلُ حصارات المدائن لحرق العباد و سحق عظام النساء و جماجم الأطفال!؟
سالت دموع الأيتام من الأحداقّ و دماء الشهداء تراق،لقد جفت الرحمة في قلوب الحكام و نشفت ضمائر اصحاب العمائم و الاستسلام.!
هذه هي الحقيقة المرة فما نفع الكلام؟!
علي خليل حايك