أوكرانيا تتحول الى “سورية أوروبا” وسط ثورة من الدماء وتجاذبات دولية بين روسيا والغرب
سجلت الاحتجاجات في أوكرانيا منعطفا مأساويا بعدما سقط خلال الثلاثة أيام الأخيرة عشرات القتلى والحصيلة مرشحة للارتفاع اليوم وغدا بسبب التوتر الخطير الذي يغذيه التدخلات الخارجية بعدما تحولت أوكرانيا الى موضوع للمواجهة بين روسيا والدول الغربية. وبهذا تتحول أوكرانيا بدماءها والتجاذبات الخارجية الى “سورية أوروبا”.
ومنذ الثورة البرتقالية التي وقعت منذ سنوات، لم تشهد أوكرانيا استقرارا سياسيا حقيقيا رغم الانتخابات التي تجري في أجواء من الديمقراطية. وخلال الشهور الأخيرة أخذت المواجهة تتطور تدريجيا بين الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الموالي لموسكو ومعارضة تحبذ تعزيز العلاقات مع الغرب.
وبدأت المناوشات والاحتجاجات منذ شهور بعدما رفضت الحكومة التوقيع على اتفاقية تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي لأنها ترى في روسيا الشريك الحقيقي والمفضل. وأدى هذا الى تطور المطالب والاحتجاجات لتصل الى ضرورة تعديل دستور جديد ينص على مصادقة البرلمان على رئيس الحكومة والوزراء وحكام الأقاليم بهدف تقليص سلطة الرئيس وتحويلها الى ما هو رمزي على شاكلة إيطاليا وأساسا المانيا التي يفضل المعارضون نموذجها. وكانت المعارضة بزعامة “الائتلاف الديمقراطي” قد فشلت في تقليص صلاحيات الرئيس يوم 5 فبراير الجاري في تصويت في البرلمان لأنها لا تتوفر على الأغلبية في مواجهة حزب الرئيس المسى “حزب الأقاليم”.
وتؤكد المقالات التحليلية في أوكرانيا أمس واليوم باستبعاد الحوار ويحل محله المواجهة بين المعارضة والسلطة القائمة، ويتطور الأمر الى الأسوأ في ظل شبح انتقال المواجهات الى باقي أقاليم البلاد المكونة من إثنيات متناحرة تاريخيا، ومن خطر تدخل قوي للجيش الأوكراني الذي يعتبر أن التظاهرات بدأت تأخذ منحنى التآمر على البلاد واستقرارها لصالح الغرب.
ولم تعد وسائل الاعلام الدولية تنقل فقط تصريحات مسؤولي أوكرانيا من سلطة ومعارضة والتظاهرات والخسائر، بل تركز على ردود الفعل الدولية المتعارضة بين روسيا والغرب بزعامة الولايات المتحدة. وترى موسكو من خلال التصريحات اليومية لوزير الخارجية سيرجي لافروف تشجيع الغرب للمتظاهرين ضدا على استقرار مؤسسات البلاد وتعتبر داذلك منافيا للديمقراطية، بينما تتهم واشنطن موسكو بتشجيع الرئيس الموالي لها فيكتور يانوكوفيتش على عدم التنازل ولو على حساب سقوط القتلى.
وتدريجيا، تراهن المعارضة على العنف في مواجهة الرئيس يانوكوفيتش، وبدأت باستعمال الهراوات والغاز المسيل للدموع وصباح اليوم الخميس جرى إطلاق النار على الشرطة، وتتطور مواجهة العنف الى تدخل الجيش وليس القوات الأمنية فقط. وتجري هذه التطورات في ظل انتقال العدوى الى أقاليم أخرى وفي ظل صراع دولي على أوكرانيا. وبهذا تكون كل العوامل سائرة في تحويل أوكرانيا الى “سورية أوروبا”.