أصدر قاضي التحقيق في بيروت فؤاد مراد، قراره الظني في قضية قتل منال عاصي قراراً وطلب إنزال عقوبة الإعدام بزوجها محمد نحيلي بعدما اتهمه بقتلها، عمدا.
ومنع القرار المحاكمة عن د.ش من جرم التحريض على قتل المغدورة لعدم كفاية الدليل، حيث علّل القاضي مراد في حيثيات القرار مدى توافر جرم التحريض في هذه القضية واعتبر أن د.ش أرادت فقط حماية عائلتها وبيتها بعدما علمت بعلاقة عاطفية تجمع بين المغدورة وزوجها و.ح.
ويكشف القرار عن كيفية تفنّن الزوج في تعذيب المغدورة وبطريقة وحشية بعدما اجتاحته نوبة من الجنون… حتى وصل به الأمر إلى امتصاص الدماء من فمها وبصقه بوجه والدتها، بعدما تعرض للأخيرة وأشقاء المغدورة بالضرب، مانعاً إياهم من إغاثتها.
ووفق القرار فقد تبين انه يوجد بحق النحيلي العديد من مذكرات التوقيف بجرائم مختلفة منها السرقة والقتل ومحاولة القتل والايذاء والقيام بأعمال ارهابية واثارة النعرات المذهبية والتحريض على النزاع بين الطوائف وعناصر الامة وحيازة واستعمال الأسلحة.
القرار
وجاء في وقائع القرار:
تبين أن المدعى عليها د.ش أفادت في التحقيق الأولي بأنها قامت بفتح هاتف زوجها و.ح منذ ثلاث سنوات فوجدت عليه رسائل من المرحومة وكانت تواجه زوجها بالموضوع فينفي أي علاقة له بمنال ويُفهمها بأنها تتوهّم الأمر فأطلعت شقيقته على الأمر وطلبت منها لكونها صديقة منال أن تطلب منها الابتعاد عن زوجها فأعلمت الشقيقة و.ح فهدّدها بالطلاق واحتجّ بترك المنزل وأضافت أنه بعد تسوية العلاقة مع زوجها دُعيت في إحدى المرات إلى مناسبة من قِبَل عائلة زوجها وكانت منال حاضرة ولاحظتها ترمق زوجها بنظراتها، وأن زوجها اشترى هاتفاً وأعلمها أنه لضرورة عمله ويستعمل عليه الـ”واتس أب” وبما أنه لديها رقم هاتف منال كانت تراقبه وتراقب هاتف زوجها وتجدهما دائماً «أون لاين» ولا يقفل زوجها الهاتف إلا عند حضوره إلى المنزل وطلبت منه الابتعاد عن منال فهددها برميها في الشارع ناكراً الموضوع، فقامت بتاريخ 2/2/2014 مستغلة خلوده للنوم وفتحت هاتفه فوجدت على خدمة الـ”واتس أب” عبارات عاطفية مرسلة من منال، وعمدت لاحقاً إلى الاتصال بالمدّعى عليه محمد النحيلي عبر «مسد كول» بتاريخ الثلاثاء 4/2/2014 فاتصل بها لكنها لم تردّ وعادت واتصلت به «مسد كول» فعاد واتصل بها فردّت على الاتصال وطلبت منه «يروح يضبّ مرتو» كونها على علاقة مع زوجها وأنها مهددة بالطلاق وزوجته «تخرب بيتها» وأنها اتصلت بها مرات عدة لردعها من دون جدوى وأنه عاد واتصل بها بعد قرابة الساعة وصرح لها بأنه عرف زوجها وأنه ذهب إلى المنزل وضرب زوجته. وزادت بأنها لم تطلب منه ضرب زوجته أو قتلها وكانت تهدف إلى الحفاظ على عائلتها وعدم تشتّتها، وأن زوجها كان يخرج كل 25 يوماً من المنزل ويغيب من العاشرة ليلاً ويعود في الثانية فجراً بحجّة صيد السمك من دون أن يجلب معه السمك في أي مرة.
وأفاد و.ح بأن علاقته توطّدت مع المرحومة عاصي في 2008 وتطوّرت إلى علاقة جنسية استمرت حتى العام 2014 وكان يتواصل معها عبر خدمة الـ”واتس أب” وكان في كل مرة يريد ملاقاتها يُعلم زوجته بأنه سيذهب لصيد السمك مؤكداً أن المرحومة كانت ترسل له رسائل على خدمة الـ”واتس أب” تتضمن عبارات عاطفية وجنسية وأنها على علاقة جيدة بشقيقته وبعائلته وأنه تحدث بتاريخ 4/2/2014 مع شقيقة المرحومة للاطمئنان على حال منال بعد أن علم بتعرضها للضرب.
وأفاد المدعى عليه محمد النحيلي بأنه بتاريخ 4/2/2014 وردهُ اتصال من رقم بينما كان يعمل في توزيع المياه فاتصل به ولم يرد ثم وردهُ «مسد كول» مجدداً من الرقم ذاته فعاد واتصل فأجابته إمرأة لم تعرّف عن نفسها وأخبرته أن زوجته على علاقة بزوجها منذ خمس سنوات وأن هذا الأمر يعذّبها، فأكمل عمله بنقل المياه لمدرسة المقاصد وبعدها توجه إلى المنزل وقابل زوجته وشاهدها تستعمل خدمة الـ”واتس أب”، فطلب منها الهاتف فرفضت ولما أصرّ على أخذه أعطته إياه وفتحت قفله وشاهد صورة و.ح على اللوغو وقرأ عبارات.. عندها قام بصفعها بكف يده ولما سألها إذا كان و.ح هو الشخص الذي تخونه معه فأجابته بأنها تحبه وهو عشيقها وأخبرته بأنها أقامت معه علاقة جنسية، فجن جنونه وحصل تلاسن بينهما وقام بضربها على وجهها وركلها على كافة انحاء جسمها.
وتبين من خلال التقرير الطبي المجرى من قبل الطبيب الشرعي رامز خوري تاريخ 4/2/2014 ان المرحومة منال عاصي تعرضت لضرب مبرح وعنيف جداً على رأسها وجميع أنحاء جسدها في الجبين والعينين والخدين وجرح بعرض 7 سنتم في الشفة، وايضاً في الكتفين والرقبة والثديين والخاصرتين والمؤخرة وأصابع اليدين كما تبين من افادة خالة المرحومة منال عاصي المستمع اليها على سبيل المعلومات والتي قامت بغسيل المرحومة بأنها لاحظت على رقبتها لجهة الأذن اليمنى آثار حرق يصل الى ما فوق الصدر وشاهدت أسنانها متكسرة.
وتبين من التحقيقات ان المدعى عليه قذف المرحومة منال عاصي بطنجرة ضغط تحتوي على حبوب الفاصوليا والمياه الساخنة وبصحن زجاجي وأقدم على سحبها من شعرها على الارض وسط بقع الدماء المتناثرة منها في أرجاء المنزل ولدى حضور والدة المرحومة واشقائها قام بضربهم وبمنعهم من اغاثتها ووصل به الامر الى امتصاص الدماء من فمها وبصقه بوجه والدتها، وتسبب الضرب بنزيف حاد في الدماغ افضى الى موتها لاحقاً في مستشفى المقاصد.
واعترف المدعى عليه بأنه كان يتعرض لزوجته بالضرب وتوقف عن ضربها منذ حوالي السنة والنصف وأكد واقعة الضرب أشقاء المرحومة ووالدتها وابنتيها.
وكرر المدعى عليه اقواله لدى التحقيق الاستنطاقي واضاف بأنه قام بعد ضرب المرحومة بنقلها الى المستشفى وكانت لا تزال واعية، ولما سئل عما اذا كانت المرحومة اخبرته خلال نقلها للمستشفى ما اذا كان أحد غيره قام بضربها يوم حصول الخلاف أجاب بالنفي.
وكررت المدعى عليها د.ش اقوالها الأولية وأنكرت قيامها بتحريض المدعى عليه النحيلي على قتل زوجته وانها لم تتوقع قيامه بقتلها وان كل همها من الاتصال بالمدعى عليه هو حماية عائلتها وابنتيها بعمر السنتين وبعمر الخمسة أشهر.
وفي مناقشته للمادة 217 من قانون العقوبات ومدى توافرها بحق ر.ش بجرم التحريض على القتل رأى القاضي مراد في حيثيات القرار ان التحريض كجريمة مستقلة يقوم على ركنين مثله مثل باقي الجرائم، هما الركن المادي اي الافعال المكونة لماديات الجريمة والركن المعنوي المعبر عنه بالقصد الجرمي.
وحيث ان الركن المادي يتمثل بقيام المحرض بخلق الفكرة الجرمية لدى المحرض واتباعه باقترافها ودفعه الى تنفيذها باي وسيلة من الوسائل بمعنى ان يكون التحريض جدياً ومؤثراً، لا مجرد تعبير عن غضب او الشكوى من شخص ما.
وحيث ان الركن المعنوي في جريمة التحريض يتمثل بانصراف ارادة المحرض الى حمل الفاعل على ارتكاب الجريمة التي ارادها الاول واقناعه وخلق التصميم لديه بارتكاب الجريمة التي يعرض عليه اقترافها.
وحيث بالعودة الى وقائع معطيات الدعوى فانه لا يتبين ان المدعى عليها طلبت من المدعى عليه النحيلي قتل المرحومة او انها ارادت خلق فكرة قتل المرحومة في ذهن المدعى عليه النحيلي او حثه على قتلها وان ما قالته للمدعى عليه النحيلي لجهة وجود علاقة جنسية بينها وبين زوجها و.ح. وبالطلب منه «ضب مرتو» للحؤول دون خراب بيتها ولحماية عائلتها لا يشكلان جرم التحريض بالمعنى المشروح اعلاه، الامر الذي يقتضي معه منع المحاكمة عن د.ش.