‘بدِّك كفّ، حتّى تتربّي’، ‘بدِّك كفّ يهزّك هزّ’! نعم، أنتم تقرأون جيدا! هي كلمات واحدة من أغنيات الموجة الفنيّة الأخيرة التي لا تكترث سوى الى ‘صفّ الكلام’ ولا تحترم المستمع ولا ‘أذنه’.
نشر الفنان محمود الشاعري، وهو ليس ببعيد أو جديد على الساحة الفنيّة اذ يمتلك عددا من الأغنيات، رابط فيديو كليب أغنيته الجديدة تحت عنوان ‘بدّك كفّ’ على صفحته الخاصة على موقع ‘فايسبوك’ (التي يتابعها أكثر من 12000 فايسبوكي)، متمنيا أن تعجب الجميع.
لتنال فتاة الأحلام، قلب محمود – بحسب مضمون الأغنية – عليها أن تحتشم وأن ‘تطوّل ثيابها’ احتراما لقلبه وبسبب غيرته الشديدة. يريد امتلاكها ووضع شروطه عليها وعلى طريقة لبسها وأسلوب عيشها، هي تلك التي ‘تترقوص’ وتتدلّل أمام عينيه (كما يظهر في الفيديو كليب)، سعيدة بـ’الكفّ’ الذي سيوسعها ايّاه.
مشاهد تمثيلية غير متناسبة مع كلمات الأغنية، اذ توحي الأخيرة وعلى عكس ما يُظهر الفنان، أنّه ‘دقّة قديمة’، مع نفحة سطحية، لاختصاره دور المرأة وكيانها في أي مجتمع لا سيّما في مجتمعنا العربي، بلباسها وطلّتها. قد يفضّل البعض الاحتشام، وهذا ليس بالأمر الخاطئ، وطبعا حريّة فردية، بل مقاربة هذا الموضوع بالذات في هذه الأغنية تحديدا، أخذ منحى ‘متطرّفا’، وصل الى حدّ تعنيف المرأة. في بلد تناهض فيه النساء للمطالبة بحقوقهنّ، أبسطها محاربة العنف ضدّ أي امرأة، جاءت هذه الأغنية لتضرب عرض الحائط بكل الجهود التي بذلها ناشطو المجتمع المدني، ولا زالوا حتى اليوم، وبدل أن يكون الفنّ مؤيدا لتلك الجهود ومساعدا لها ومناصرا لأي قضية محقّة، ها هو يفقد الكثير من قيمه وينحدر الى مستويات ‘البيع والشراء’ فقط، متناسيا رسالته السامية التي تفرض عليه نشر القيم والحديث عن هموم الناس ومشاكلهم، كما زرع الفرح في نفوسهم، لا العنف.
هي عيّنة من بين كمّ كبير من الأغنيات الهابطة، فكلمات غالبيةّ أغاني اليوم و’فيديو كليباتها’ حدّث ولا حرج، التركيز على جمالية الصورة والمشهد وتناسي المضمون والرسالة: انّه زمن الانحطاط الفنّي. مسؤولية احترام ثقافة الجمهور وعقله فُقدت، وتنشئة الجيل الجديد على أغانٍ مماثلة ستترك حتما آثارا سلبية على مخزونهم الفكري كما على مقاربتهم للمواضيع المعالجة عبرها، فترداد الكلمات الملحّنة يتمّ بطريقة عفوية لا واعية، ما ينذر باعتماد مضمون الأغاني كمبدأ ينطلق منه أي مستمع مراهق لا يحظى بالمتابعة الدائمة، خصوصا وأن تلك الاغاني تُعرض على شاشات التلفزة المعروفة.
أنت رجل شرقي: أنت حرّ. تمتلك مبادئ وأفكارخاصة: أنت حرّ أيضا.
تضع شروطك لاختيار فتاة أحلامك: هذا شأنك، لكن رجاء احترم عقولنا.
سيدة وهبة