أثار العفو الرئاسي عن الاسترالي بيتر جريست، الصحفي بفضائية “الجزيرة” الإنجليزية، موجة من ردود الفعل، بعدما عكس القرار الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي سياسة “الكيل بمكيالين”، بحسب الإذاعة الألمانية “دويتشه فيله”.
وقالت الإذاعة إن العفو عن جريست الذي أمضى 400 يوم في السجون المصرية، مفاجئًا، لكنه يفتح المجال لأسئلة عدة بعد تدخل الرئيس في قضية ما بات يعرف بخلية الماريوت”.
وأضافت “في الشهور والأسابيع الأخيرة كثرت الإشاعات حول العفو عن صحفيي الجزيرة، خاصة الأجانب منهم. خاصة بعض المصالحة والتقارب بين مصر وقطر، حيث مقر قناة الجزيرة الفضائية. هذه القناة، التي تعد في مصر موالية للإخوان المسلمين، المنظمة التي باتت محظورة والتي بات اسمها يرتبط بكل عمل إرهابي يحدث في الأراضي المصرية، خاصة بعد الأحداث الدموية التي تلت عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن السلطة”.
وأشارت إلى أن “هذه الأحداث، التي كان يغطيها بيتر جريست وزملاؤه بشكل ينتقدون فيه الحكومة المصرية وتصرفها تجاه المعارضة، ما تسبب في اعتقالهم، لكن الإشاعات حول إطلاق سراح الصحفيين لم تتحقق رغم اعتراف الرئيس المصري بخطأ اعتقال الصحفيين الأجانب وإدراكه للأضرار التي ألحقتها محاكمة الصحفيين بصورة مصر في الخارج”.
ونقلت عن السيسي قوله “في لقاء مع صحفيين محليين بعد تولي السيسي مقاليد السلطة، إنه كان من المستحسن طرد الصحفيين من البلاد عوضا عن محاكمتهم. رغم ذلك لم يتوان القاضي المسؤول من تأكيد حكمه وإرسال الصحفيين الثلاثة: بيتر جريست ومحمد فهمي وماهر محمد وآخرين إلى السجن لسنوات عديدة”.
في مذكرة الحكم قال القاضي إن صحفيي الجزيرة يدعمون الإخوان المسلمين وإنهم موجهون من الشيطان بهدف تشويه مصالح مصر، رغم ذلك لم يتفاعل الرئيس، الذي أكد دائما ثقته بالقضاء المصري وعدم رغبته في التدخل في قراراته.
لكن ذلك لم يهدئ من الانتقادات الأجنبية تجاه القيادة المصرية وتعاملها مع ملفات حرية التعبير وحقوق الإنسان. خاصة وأن محاكمة الصحفيين جلبت للقيادة المصرية انتقادات عنيفة في الدول الغربية.
وقالت الإذاعة الألمانية، إنه “والآن أصبح من الضروري تلميع صورة مصر في الخارج. القيادة الحالية تحتاج للدول الغربية من أجل النهوض باقتصاد البلاد. فمنذ الثورة ومصر تعاني من تراجع القطاعات الحيوية كالسياحة، وهي في أمس الحاجة إلى استثمارات جديدة. والاقتصاد المصري لن يعتمد إلى الأبد فقط على المنح التي تتدفق من دول الخليج الصديقة كالسعودية والإمارات والكويت. الرئيس عبد الفتاح السيسي في أمس الحاجة إلى تحقيق وعوده الانتخابية بتوفير الخبز والعيش الكريم. إحدى أبرز شعارات ثورة الخامس والعشرين من يناير”.
وتابعت “لذا فهو محتاج إلى تصالح مع الغرب، لذا دعت الحكومة المصرية إلى مؤتمر اقتصادي منتصف الشهر القادم بهدف جلب الاستثمارات الخارجية خاصة من الدول الغربية”.
ورأت أن “العفو عن الصحفي الأسترالي بيتر جريست رسالة إلى الغرب من أجل تحسين الصورة هناك. لكن هذه الخطوة لا تعني أي تغير في التعاطي مع ملف الحريات وحقوق الإنسان في بلاد النيل، فالتهم الموجهة لبيتر جريست لم يتم إسقاطها كما أنه طرد من البلاد، ما يعتبر عقوبة في حد ذاته”.
حسب وزارة الداخلية المصرية من المفترض أن يقضي بقية عقوبته في سجون بلاده أستراليا. ورغم أن هذا مستبعدا تماما، إلا أنه يؤكد تشبث مصر بالحكم في حق الصحفي جريست. من ناحية أخرى ما زال زميلاه محمد فهمي وباهر محمد يقبعان في السجن.
وأشارت إلى أنه “بعد العفو عن جريست باتت الإشاعات بشأن العفو عن محمد فهمي أكثر رواجا، فهذا الأخير يحمل الجنسية الكندية – مواطن غربي مثله مثل الأسترالي جريست، أما المصري باهر محمد، فمصيره يبقى معلقا، تماما كمصير العديد من المعتقلين السياسيين والمعارضين مثل علاء عبد الفتاح وأخته سناء وغيرهما”.
إذ اعتبرت الإذاعة الألمانية أن “القيادة المصرية في حال بيتر جريست فضلت الكيل بمكيالين: الحرية للأجنبي والسجن للمصريين. وهكذا تبقى الحرية والديمقراطية، تلك الشعارات التي رفعتها الثورة، بعيدة المنال في مصر في الوقت الراهن”.