إنه المهندس والوجه العام للحملة العسكرية الأجرأ للمملكة العربية السعودية فيما يقرب من 100 عام. ولكن الأمير الشاب، محمد بن سلمان، وهو وزير الدفاع المعين حديثًا في البلاد، لا يزال شخصية غير معروفة تقريبًا في الداخل والخارج.
ومع ارتفاعه السريع والمفاجئ إلى السلطة قبل شهرين، لا تزال مهارات محمد، وهو الابن المفضل للملك سلمان بن عبد العزيز، لم تُختبر، حتى وهو يقود التدخل والتصعيد العربي ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. وفي أسبوع واحد فقط من القتال، أصبح الأمير الشاب وجهًا للحملة العسكرية التي تقودها السعودية، والمعروفة باسم “عملية عاصفة الحزم”، فضلًا عن تجسيده لتحول بلاده مؤخرًا إلى سياسة خارجية أكثر تشددًا في المنطقة.
ورغم ذلك، جعل صغر سن وقلة خبرة هذا الشاب منه شخصًا غامضًا تقريبًا حتى الآن. وحتى سن الأمير هو مسألة تكهنات وجدل؛ حيث يقول البعض بأن عمره لا يزيد عن 27 عامًا، ويقول آخرون إنه قد يكون 35 عامًا.
ويقول إميل حكيم، وهو محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، عن الأمير الشاب: “إنه لغز”. ووصف أكثر من ستة آخرين من محللي وخبراء الشرق الأوسط الذين قابلتهم فوكاتيف الأمير محمد من خلال استخدام مصطلحات غامضة على حد سواء.
وفي حين تنمو الأسئلة حول الأمير محمد، يقول مراقبون إن هناك شيئًا واحدًا على الأقل واضح حوله، وهو أنه قد برز كواحد من أكثر اللاعبين تأثيرًا في عائلة آل سعود. وبعد الصعود إلى العرش السعودي في يناير/كانون الثاني، تحرك والد محمد، الملك سلمان، بسرعة لتوطيد السلطة، وعين الأمير الشاب في ثلاثة مناصب وزارية رئيسة. وجعل من محمد وزيرًا للدفاع، ورئيسًا للمجلس الاقتصادي الذي تشكل حديثًا. ووضع الأمير أيضًا كرئيس للديوان الملكي، أي ما يعادل رئيس موظفي البيت الأبيض.
ويقول فهد ناظر، وهو محلل الإرهاب في مجموعة JTG ومقرها الولايات المتحدة، وعمل في السفارة السعودية في واشنطن: “حقيقة أن الملك سلمان قد منح هذه المناصب الثلاثة المهمة للغاية لواحد من أبنائه الصغار تدل على ثقة الملك في قدرات الأمير محمد“. وأضاف: “الحقيقة هي أن [محمد] غير معروف في المملكة العربية السعودية أيضًا. لا يبدو أن الناس هناك يعرفون الكثير عنه“.
وعلى الرغم من أنه كان من المقربين لفترة طويلة وعمل مستشارًا خاصًا لوالده، لم يشغل الأمير محمد، والذي درس القانون في جامعة الملك سعود، وهو واحد من عدد قليل من أعضاء أسرة آل سعود في جيله الذين لم يتعلموا في الخارج، أي منصب حكومي كبير أبدًا. وإلى حد كبير، لم يكن لديه أي خبرة عسكرية سابقة.
ويقول توماس ليبمان، وهو باحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، ومؤلف كتاب “المملكة العربية السعودية على الحافة: المستقبل غير المؤكد لحليف الولايات المتحدة”، إن تعيين الأمير محمد رئيسًا للديوان الملكي قد يكون إشكاليًا كذلك. وأضاف أن الأمير محمد قد ينتهي بالوقوف في وجه الرجال الأكبر سنًا، والذين لديهم نفوذ سياسي هائل، وهو أمر صعب في بلد يزداد فيه الاحترام مع التقدم في السن.
ويقول ليبمان: “تخيل لو أن شخصًا في واشنطن أصبح بين عشية وضحاها وزيرًا للدفاع ورئيسًا لموظفي الرئيس في وقت واحد. ومن ثم تخيل لو كان هذا الشخص نفسه يبلغ من العمر 33 عامًا فقط، وغير معروف“.
وفي مقال نشره الأسبوع الماضي، ألمح ليبمان إلى أن قرار الملك سلمان النهائي بالتدخل في اليمن قد جاء بعد أن أقنعه الأمير محمد بالقيام بذلك، وعلى الرغم من مخاوف وزير خارجية البلاد، الأمير سعود الفيصل. وفور إطلاق السعوديين أولى الضربات الجوية في الأسبوع الماضي فوق صنعاء، انتقل الأمير محمد لتهدئة العلاقات الدبلوماسية في الخارج.
وفي هذا الأسبوع، قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن الفضل يعود لوزير الدفاع في تخفيف حدة التوتر بين بلاده والحكومة السويدية، التي انتقدت علنًا السعوديين بسبب مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان. وذكرت الصحيفة أيضًا أن الأمير محمد هو من تمكن من إقناع السودان، وهي حليف إيران، بالانضمام إلى الحملة العسكرية لبلاده ضد الحوثيين في اليمن. ويوم الثلاثاء، استضاف الأمير رئيس مجلس النواب الأمريكي، جون بوينر، ووفدًا من المشرعين الجمهوريين، في الرياض، مما أعطى الجميع فرصةً لالتقاط الصور اللطيفة.
Saudi Defence Minister, Prince Mohammad bin Salman, visits IDEX in Abu Dhabi
ويقول الخبراء إن دور الأمير القوي يتزامن مع تغير ملحوظ في السياسة الخارجية السعودية. وعلى الرغم من إنفاق المليارات لتطوير المنشآت العسكرية، مارست البلاد لفترة طويلة نفوذها من خلال الثروة المالية والدبلوماسية. ويعتقد البعض أن التحول يعبر عن الرغبة بين السعوديين الشباب الذين يتوقون لتأكيد قوة المملكة ونفوذها على المنطقة.
ويقول عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات العربية المتحدة: “يبدو أنهم جيل أكثر ثقة بأنفسهم“. وأضاف: “إنهم يرون أن هناك حاجة لإظهار قوتهم العسكرية ورسم خط في الرمال. ويبدو أن الرسالة هي: لقد تحملنا ما يكفي من الخضوع لضغوط إيران، وقد حان الوقت للدفاع عن أرضنا“.
ويبدو أن جاذبية الأمير محمد الشاب تجسد تمامًا هذا الاعتقاد، وقد جعلته قوته العسكرية محببًا بالفعل للكثيرين في الداخل. ومنذ أن بدأت عاصفة الحزم، بث التليفزيون السعودي بشكل متواصل لقطات تظهر وزير الدفاع الشاب وهو يوجه حملة الحرب. وذكرت فوكاتيف الثلاثاء، أن مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعي في السعودية أنشأوا صفحات للمعجبين بالأمير محمد، وحملوها بمئات من الصور له.
ولكن، وحتى مع 100 طائرة مقاتلة، و150 ألفًا من الجنود، ومع ائتلاف متنامٍ، لا يزال الانتصار السعودي في اليمن ليس أمرًا مفروغًا منه. وقد يتوقف مستقبل الأمير محمد على نتيجة هذا القتال. ويقول عبد الله: “إذا ما تبين أن العملية ناجحة، وإذا ما حققت السعودية الهدف السياسي منها، فسيكون قد حان الوقت لبدء الترويج للرجل الذي وقف وراء ذلك“.
وأما إذا فشلت الحملة، فيقول ليبمان إن “موقف الأمير محمد سوف يصبح ضعيفًا. وهو ما سيعود ليطارد الملك سلمان“.
فوكاتيف – التقرير