أعلنت حركة حماس أمس عن حل وحظر حركة “الصابرين” الشيعية في قطاع غزة، وقررت حظر ووقف جميع أنشطة الحركة التابعة لإيران. وذلك بعد أن رأى الكثيرون من سكان غزة في الحركة عامل “تشييع” لسكان غزة، في وسط فترة من التوتر غير المسبوق بين السنة والشيعة في نقاط احتكاك كبيرة في أنحاء الشرق الأوسط.
يكفي النظر إلى شعار حركة “الصابرين” كي نفهم أوجه التشابه في الشكل والمضمون بينها وبين حزب الله الشيعي اللبناني. ورغم أنّ حزب الله قد اعتُبر في صيف 2006 طليعة الشعوب العربية في حربه ضد الصهاينة، ففي السنوات الأربع الأخيرة سفك حزب الله دماء الكثير من العرب المسلمين على الأراضي السورية، في حرب مثقلة بالدماء. ولا يزال الكثيرون في غزة يذكرون مظاهرات حركة فتح الحاشدة في غزة، في الفترة التي سبقت سيطرة حماس على القطاع، عندما ضبط محمد دحلان “الهارب” الجوقة الجماعية التي صاحت تجاه أعضاء حماس: “شيعة”! شيعة! شيعة!”، وأجابهم دحلان: “ليسوا شيعة بل قتلة”.
ولكن الحرب الأهلية السورية وضعت حماس بين المطرقة والسندان، بين الراعي الإيراني الذي سلّح كتائب عزّ الدين القسّام بسخاء وبين انتمائها التقليدي للسنة. أشار إخلاء مكاتب حماس في دمشق قبل سنوات قليلة إلى اتجاه ابتعاد الحركة عن أيدي إيران. حسب ما ذكرته صحيفة المصدر الاسرائيلية. في المقابل، عند انتهاء حرب غزة قبل عام كان واضحا أن السلاح الإيراني قد خدم حماس كثيرا في محاولاتها للإضرار بإسرائيل. انعكس الأمر أيضًا بالشكر والثناء الذي قدّمه أبو عبيدة للنظام الإيراني مع انتهاء الحرب. أما الذي حرَّف حماس مجدّدا لصالح المملكة العربية السعودية وضدّ إيران هو وفاة الملك عبد الله وتتويج الملك سلمان في السعودية.
في الأشهر التي مرت منذ ذلك الحين، تعزّزت العلاقات بين غزة والرياض كثيرًا، ممّا سمح في نهاية المطاف أيضًا بتخفيف حدّة التوتر في العلاقة مع مصر وفتح معبر رفح بعد سنوات من الخنق المصري. هذه المنطقة الحساسة بين السنة والشيعة هي المنطقة التي تعمل عليها حركة “الصابرين”.
لم تصدر حماس، الواعية هي أيضًا لهذه الحساسية، أي بيان رسمي عن الخطوة ضدّ الحركة الشيعية.
وقدّر مسؤولون فلسطينيون أنّ حماس لا تعلن عن ذلك رسميّا حتى لا تثير غضب إيران، والتي كما يبدو اشترطت استمرار دعم حماس بعدم المساس بالصابرين. قد تأتي العملية المكمّلة لهذه الخطوة ضدّ “الصابرين” على شكل المصالحة مع التيارات السلفية في قطاع غزة، كما عبّر المؤتمر الصحفي للشيخ عصام صالح “أبو خالد” والذي انعقد اليوم. تعبّر تلك التنظيمات عن فرحها بهذه الخطوة لحماس ضدّ التيار الشيعي، وقد يساهم الأمر أيضًا في جعلها أحد التيارات الدينية والسياسية الشرعية في قطاع غزة.