أرشيف - غير مصنف

التأثيل الشعبيّ‏ ‬و‏ “‬التلاعب بالألفاظ‏”‬

التأثيل الشعبيّ‏  ‬و‏ “‬التلاعب بالألفاظ‏”‬
ا‏. ‬د‏. ‬حسيب شحادة
جامعة هلسنكي

أتابع ما‏ ‬يُنشر في‏ ‬الصحيفة الأسبوعية‏ “‬بيروت تايمز‏” ‬منذ فترة،‏ ‬ومن الزوايا التي‏ ‬أحرص على مطالعتها بشكل شبه منتظم زاوية‏ “‬أحداث حول العالم‏” ‬التي‏ ‬يكتبها الدكتور جان احمرانيان، ‏مجاز في‏ ‬الدراسات الإسلامية‏. ‬وتحت هذه المظلة حاول الكاتب المذكور في‏ ‬أكثرَ‏ ‬من مقالة،‏ ‬في‏ ‬غضون الحقبة الزمنية القصيرة الفارطة،‏ ‬التطرق إلى الجوانب الإيجابية الكثيرة التي‏ ‬يراها ويعايشها في‏ ‬مكان إقامته،‏ ‬وطنه الجديد،‏ ‬الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك أحوال حقوق الانسان المتردية في‏ ‬العالم العربي‏. ‬لا‏ ‬غضاضة في‏ ‬ذلك فكل انسان معاصر‏ ‬يجب أن‏ ‬يتمتّع بالحق الكامل والحرية الكافية للتعبير عن أفكاره وخلجات نفسه إزاء ما‏ ‬يحدث في‏ ‬هذه القرية العالمية الكبيرة في‏ ‬عهد العولمة الكاسح والمهيب هذا‏. ‬إن احترام الرأي‏ ‬الآخر من أبجديات الانسان العصري‏ ‬المتحضر،‏ ‬إلا أن ذلك لا‏ ‬يعني‏ ‬بالطبع هزّ‏ ‬الرأس من أعلى إلى أسفل،‏ ‬على كل ما‏ ‬يأتي‏ ‬به الآخرون من آراء وتحليلات في‏ ‬كتاباتهم دون تمحيص، بل إن لعملية النقد البناء دورا هاما في‏ ‬تبلور الأفكار والآراء وغربلتها لفرز الغث عن السمين‏. ‬وهذه الرسالة السامية ملقاة بكل ثقلها على المثقفين العرب، لا المتعلمين وشتان ما بينهما‏. ‬وأرجو أن‏ ‬ينصبّ‏ ‬ما سأقوله في‏ ‬هذه العجالة في‏ ‬هذه الخانة الضرورية والهامة في‏ ‬الفكر العربي‏ ‬الراهن في‏ ‬الوطن،‏ ‬في‏ ‬العالم العربي،‏ ‬وفي‏ ‬بلاد الغربة أو الاغتراب جغرافيا ولحد ما ثقافيا على حدّ‏ ‬سواء‏. ‬
    وصلني‏ ‬العدد رقم ‏١٠٩‬،‏ ‬الخميس ‏٤_١١ ‬من كانون الأول ـ ديسمبر ٢٠٠٣ ‬من الأسبوعية‏ “‬بيروت تايمز‏” ‬الصادرة في‏ ‬لوس أنجلوس بأمريكا وقد لفت انتباهي‏ ‬بشكل خاصّ‏ ‬العنوان‏ “‬التلاعب بالألفاظ‏” ‬في‏ ‬الصفحة الرابعة من الصحيفة المذكورة وهذه المقالة بقلم الدكتور جان احمرانيان‏. ‬أقول إن هذا العنوان قد جذب ناظريّ‏ ‬لاهتمامي‏ ‬بالمواضيع اللغوية،‏ ‬بعلم اللغة عامة وباللسانيات السامية‏ ‏‬على وجه الخصوص‏. ‬يبدو لي‏ ‬أن عنوان المقالة المذكورة لا‏ ‬يلائم بشكل ناجح ما ورد في‏ ‬ثنايها من فكرة رئيسية تقضي‏ ‬بأن‏ “‬الإسلام‏” ‬كدين شيء ورجال الدين الإسلامي‏ ‬وتفسيره شيء آخر وهذا من البديهيات التي‏ ‬لا تخفى على أحد،‏ ‬وينسحب الأمر على باقي‏ ‬الأديان والمعتقدات في‏ ‬العالم ورجالها،‏ ‬سماوية كانت كاليهودية والمسيحية والاسلام أم لم تكن‏ ‬
    لا بدّ‏ ‬من الإشارة إلى أن القسم الأول من المقالة المذكورة‏ ‬يعاني‏ ‬من قدر واضح من المغالطة والخلط بين أسس مختلفة وذلك لعدم اتباع المناهج العلمية اللغوية الصائبة، ولإثبات ذلك ارتأيت أن آتي‏ ‬بما ورد فيه ومن ثمّ‏ ‬التعليق على ذلك نقطة نقطة وباقتضاب،‏ ‬ولا أخال الدكتور أحمرانيان إلا أن‏ ‬يكون متحلياً‏ ‬برحابة الصدر لتقبّل الحقيقة اللغوية والمنطقية‏
‏”‬نسمع كثيرا من كلمات سلم،‏ ‬سلام،‏ ‬اسلام،‏ ‬مسلم،‏ ‬مسالم‏ …‬وأتباع الدين الحنيف‏ ‬يصرحون أن الإسلام دين مسالم طالما هو مشتق من كلمة‏ “‬سلم‏” ‬ولكن علينا أن نشرح معنى هذا الادعاء‏. ‬اللغة العربية،‏ ‬بالرغم من جمالها،‏ ‬هي‏ ‬لغة معقدة مما‏ ‬يجعلها متينة وجميلة‏. ‬الانتقال من كلمة‏ “‬سلم‏” ‬إلى كلمة‏ “‬إسلام‏” ‬يدخل في‏ ‬إطار علم الصرف‏. ‬والصرف،‏ ‬في‏ ‬القواعد العربية،‏ ‬هو علم‏ ‬يبحث في‏ ‬تحويل الكلمة إلى صور مختلفة بحسب المعنى المقصود‏ … ‬والكلمة المشتقة لا علاقة لها بمعنى مصدرها،‏ ‬يعني‏ ‬ان كلمة‏ “‬إسلام‏” ‬ولو كان مصدرها كلمة‏ “‬سلم‏” ‬لا توافقها في‏ ‬المعنى،‏ ‬بتعبير آخر،‏ “‬السلم‏” ‬والاسلام ليسا مرادفين لمعنى واحد‏. ‬ولو سلمنا بهذا المنطق،‏ ‬فكلمة‏ “‬استسلام‏” ‬أيضاً‏ ‬معناها سلم،‏ ‬وايضاً‏ ‬استنادا الى هذا الشرح والاشتقاق اللفظي،‏ ‬فعلى المسيحيين والسيد المسيح أن‏ ‬يعتبروا مسّاحي‏ ‬أحذية ومنظفي‏ ‬مبان،‏ ‬طالما اسمهم مشتق من كلمة‏ “‬مسح‏! ‬وأنّ‏ ‬على المسلمين والمسيحيين أن‏ ‬يتحولوا ويصبحوا نصارى لكي‏ ‬ينتصرون طالما كلمة نصارى مصدرها كلمة‏ “‬نصر‏” ‬و”ناصرة‏”!‬
وإليكما أيها الدكتور أحمرانيان والقارىء العزيزين ملاحظاتي‏ ‬وتعليقاتي‏
‏١) ‬لا علاقة ضرورية البتةَ‏ ‬بين المعنى المعجمي‏ ‬للفظة ما وبين صاحب أو صاحبة تلك اللفظة،‏ ‬فعلى سبيل المثال،‏ ‬من‏ ‬يحمل الأسماء التالية‏: ‬وسيم،‏ ‬عبلاء،‏ ‬مصطفى،‏ ‬ابتسام،‏ ‬فاروق،‏ ‬رجاء الخ لا‏ ‬يعني‏ ‬بالضرورة انهم ظرفاء الهيئة وأقوياء كالصخرة البيضاء ومختارون متميزون والبسمة تعلو محياهم ويفصلون بين الحق والباطل وهم ذوو أمل وتفاؤل‏. ‬وما قيل هنا‏ ‬ينطبق على الذكور والإناث على حدّ‏ ‬سواء‏. ‬ومن نافلة القول التنويه بالقول المأثور “‬اسم على مسمىً‏” ‬عندما‏ ‬يتطابق الاسم‏  ‬مع صاحبه أو‏ ‬يكون على قدر وافر من التطابق والتناغم‏. ‬إن اشتقاق المصدر‏ “‬إسلام‏” ‬من الجذر أو الأصل أو السنخ الثلاثي‏ ‬المجرّد‏ ‬(root, stem) ‏ ‬المعروف في‏ ‬اللغات السامية، كالأكّادية والعبرية والآرامية والأوغريتية‏ “‬سين لام ميم،‏ ‬أي‏ ‬سلم‏” ‬أمر بدهي‏ ‬أكل الدهر عليه وشرب‏. ‬أضف إلى ذلك فإن‏ “‬التصريح‏” ‬و”الإدعاء‏” ‬متباينان صرفا‏ (‬الأول مصدر من الفعل السالم في‏ ‬الوزن‏ “‬فعّل‏”‬وهو الوزن الثاني‏‏ ‬في‏ ‬قائمة الأوزان المستخدمة في‏ ‬المناهج الغربية والثاني هو  ‬مصدر الفعل الناقص الواوي‏ “‬دعو‏” ‬في‏ ‬الوزن‏ “‬افتعل‏” ‬وهو الثامن‏ ‬في‏ ‬الغرب.
 ‬‏ ‏‬والأمر بالأمر‏ ‬يذكر،‏ ‬فهناك من‏ ‬يقول إن الكتاب المقدّس لدى المسلمين،‏ ‬القرآن،‏ ‬لا‏ ‬ينادي‏ ‬بالإرهاب والدليل على مثل هذا الرأي‏ ‬عدم ورود هذه اللفظة فيه،‏ ‬إذ أن الأصل‏ “‬رهب‏” ‬قد ورد ثلاث مرات بصيغ‏ ‬أخرى في‏ ‬الثلاثي‏ ‬المجرد ووزن استفعل‏ (‬الوزن العاشر،‏ ‬ ‬في‏ ‬الغرب‏) ‬وينظر في‏ ‬السور: القصص ‏٣٢‬،‏ ‬الأنبياء ‏٩٠ ‬والحشر ‏١٣. ‬ومما‏ ‬يجدر ذكره أن معنى‏ “‬رهب‏” ‬الأولي‏ ‬في‏ ‬اللغة العربية الكلاسيكية هو‏ “‬الخوف من الجِمال‏”. ‬وقد‏ ‬يضيف المرء للمستزيد بأن لفظة‏ “‬الحرب‏” ‬في‏ ‬القرآن قد تكررت أربع مرّات فقط،‏ ‬المائدة ٦٤،‏ ‬الأنفال ‏٥٧ ‬ومحمد ‏٤. ‬ومن ناحية أخرى ما الاستنباط الذي‏ ‬يمكن أن‏ ‬يتوّصل إليه الباحث عندما‏ ‬يقرر بأن اللفظتين العبريتين اللتين تعنيان بالعربية‏ “‬القطّ‏ ‬والمشط‏”‬،‏ (‬حَتول،‏ ‬مَسْريق‏) ‬على سبيل المثال،‏ ‬لا ذكر لهما في‏ ‬أسفار العهد القديم؟ هل‏ ‬يطرأ على بال أي‏ ‬باحث الادعاء مثلا بأن عهود ابراهيم وموسى ويعقوب الخ‏. ‬لم تعرف لا القطط ولا الأمشاط؟
‏٢) ‬لا بدّ‏ ‬من الحرص الشديد على الدقة المتناهية في‏ ‬استخدام الألفاظ لا سيما في‏ ‬عصرنا المتقدم هذا حيث تتوفر للباحث المصادر الكافية ووسائل سريعة وسهلة للمعرفة، لم‏ ‬يحلم بها أجدادُنا حتى في‏ ‬أحلام‏ ‬يقظتهم الهوجاء‏. ‬وكما‏ ‬يقال في‏ ‬بعض اللغات الحية إن الحياة والموت بيدي‏ ‬اللسان أي‏ ‬اللغة‏. ‬وعليه فمن الواجب البدهي‏ ‬التمييز بين كلمة بمعنى الاسم أو الفعل أو الحرف أو الأصل‏. ‬وفي‏ ‬اللغة العربية تنقسم الكلمة إلى ثلاثة أقسام‏ ‬كما ورد ذلك في‏ ‬كتاب إمام نحاة العربية،‏ ‬سيبويه‏ (‬رائحة التفاح‏)‬،‏ ‬عمرو بن عثمان بن قَنْبر،‏ ‬فارسي‏ ‬الأصل،‏ ‬الذي‏ ‬ألّف‏ “‬الكتاب‏” ‬وتوفي‏ ‬عام ‏١٨٠ ‬هـ‏ /٧٩٦‬م على أرجح الأقوال‏. ‬ففي‏ ‬الفصل الأول‏ “‬هذا باب علم ما الكلم من العربية‏” ‬من الجزء الأول للكتاب قد جاء‏: “‬فالكلم‏: ‬اسم،‏ ‬وفعل،‏ ‬وحرف جاء لمعنىً‏ ‬ليس باسم ولا فعل‏” ‬ثم‏ ‬يمثل لذلك فالاسم مثل‏: ‬رجلٌ‏ ‬وفرسٌ‏ ‬وحائط،‏ ‬أي‏ ‬انسان وحيوان وجماد،‏ ‬والفعل مثل‏: ‬في‏ ‬الماضي‏ ‬ذهب وسمِع ومكُث وحُمد،‏ ‬ويلاحظ هنا أن سيبويه أتى بأمثلة ثلاثة للفعل الثلاثي‏ ‬المجرد للمعلوم وفق حركة عين الفعل وأعطى مثلا واحدا لصيغة المجهول‏. ‬أما بخصوص الفعل الذي‏ ‬لم‏ ‬يقع فإنه قولك آمرا‏: ‬اذهب واقتل واضرب ومخبرا‏: ‬يقتل ويذهب ويضرب ويُقتل ويُضرب،‏ ‬والحرف مثل‏: ‬ثمّ‏ ‬وسوف وواو القسم ولام الإضافة الخ‏.  (‬ينظر‏: ‬الكتاب،‏ ‬كتاب سيبويه أبي‏ ‬بشر عمرو بن عثمان بن قنبر،‏ ‬تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون،‏ ‬خمسة مجلدات،‏ ‬القاهرة ‏١٩٦٦_١٩٧٧‬،‏ ‬ج‏. ١‬،‏ ‬ص. ١٢).‏ ‬
‏٣) ‬إني‏ ‬أرى صعوبة في‏ ‬إيجاد أية روابط منطقية مستساغة بين الألفاظ‏: “‬جمال وتعقيد ومتانة‏”. ‬مفهوم‏ “‬الجمال‏” ‬هو أمر‏ ‬يتعلق بالذوق والأذواق لدى البشر مختلفة حتى أن ذوق الشخص الواحد قد‏ ‬يتغير ويتبدل وفق الزمان والمكان والحالة النفسية‏. ‬ما الصلة بين‏ “‬التعقيد‏” ‬في‏ ‬اللغة العربية و”جمالها ومتانتها”؟ قد‏ ‬يدّعي‏ ‬الكثيرون أن لا جمال في‏ ‬شيء معقّد كذنب الضبّ‏، ‬كا‏ ‬يقال في‏ ‬قواعد لغة الضاد، بشأن تحريك عين الفعل الثلاثي‏ ‬المجرد الذي‏ ‬ما زال‏ ‬ينغّص أفئدة الطلاب ومدرسيهم على حدّ‏ ‬سواء،‏ ‬إذ لا مناص من اللجوء إلى المعاجم وأمهات الكتب في‏ ‬هذا الصدد‏. ‬أضف إلى ذلك فإن مصطلح‏ “‬التعقيد‏” ‬ذو معنى نسبي‏ ‬ولا بدّ‏ ‬من وضعه في‏ ‬إطاره الملائم والصحيح وشرح حيثياته والإتيان بالأمثلة التوضيحية اللازمة‏.‬
‏٤) ‬إن الكلام عن الصرف في‏ ‬القواعد العربية جاء حشوا لا طائل تحته إذ لم‏ ‬يستخدم لأي‏ ‬غرض في‏ ‬المقالة،‏ ‬بل والأنكى من ذلك أن الكاتب‏ ‬يناقض نفسه بنفسه فتارة‏ ‬يقول‏ “‬تحويل الكلمة الى صور مختلفة بحسب المعنى المقصود‏” ‬وطورا‏ ‬يردف قائلا‏ “‬والكلمة المشتقة لا علاقة لها بمعنى مصدرها‏”‬،‏ ‬بعبارة موجزة‏ ‬يسعى الكاتب إلى الجزم‏ ‬غير الصحيح إلى عدم وجود أية علاقة بين‏ “‬السلم‏” ‬والإسلام‏”. ‬ولا بدّ‏ ‬من الإشارة السريعة هنا إلى أن الصلة بين‏ “‬الأصل‏” ‬فيما إذا كان‏ “‬فعلا‏” ‬كما تذهب إليه مدرسة الكوفة وعلى رأسها النحوي‏ ‬المعروف ابو الحسن علي‏ ‬بن حمزة الكسائي‏ (‬ت‏. ‬عام ‏٨٠٤‬م‏) ‬أو‏ “‬مصدرا‏” ‬كما تقول المدرسة البصرية وعلى رأسها سيبويه آنف الذكر وطيّب الصيت‏ (‬ينظر‏: ‬الإنصاف في‏ ‬مسائل الخلاف بين النحويين‏: ‬البصريين والكوفيين تأليف الشيخ الإمام كمال الدين أبي‏ ‬البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي‏ ‬سعيد الأنباري‏ ‬النحوي‏ ٥١٣_٥٧٧ ‬هـ ومعه كتاب الانتصاف من الإنصاف تأليف محمد محيي‏ ‬الدين عبد الحميد،‏ ‬ج،‏ ١‬،‏ ‬صيدا-بيروت ١٩٨٧‬،‏ ‬ص‏. ٢٣٥_٢٤٥‬،‏ ‬المسألة ‏٢٨). ‬ومن المعروف أن المعنى العام للفظة ما مستمدّ‏  من الأصل” ذي الأصوات الثلاثة الصامتة ‬ويتبدل ويتلون هذا المعنى إثر الصياغة الصرفية وإدخال الصوائت أي‏ ‬الحركات في‏ ‬الأوزان الفعلية البالغ‏ ‬عددها ‏١٥ ‬أو الأوزان الاسمية التي‏ ‬يصل تعدادها إلى أكثر من ٣٠٠  ‬
‏٥) ‬مصدر‏ “‬الإسلام‏” ‬ليس‏ “‬سلم‏” ‬بل مصدر‏ “‬الأصل الثلاثي‏ ‬المجرّد‏ “‬سلم‏ “‬هو‏ “‬الإسلام‏” ‬من الوزن‏ “‬أفعل‏”. ‬
‏٦) ‬إن لفظة‏ “‬المسيح‏” ‬متحدرة من اللغة العبرية والآرامية ومعناها‏ “‬الممسوح بزيت القدس‏” ‬والأصل فيها وفي‏ ‬بعض اللغات السامية كالأكادية،‏ ‬أقدم الساميات،‏ ‬والآرامية هو بالحرف شين في‏ ‬حين أن ذلك‏ ‬يقابله في‏ ‬اللغة العربية الحرف سين،‏ ‬وينظر مثلا في‏ ‬سفر اللاويين ‏٤: ٣‬،‏ ‬وسفر صموئيل الأول ‏١٠:٢.
 ‬ويشار إلى أن وزن‏ “‬فعيل‏” ‬يأتي‏ ‬في‏ ‬اللغات السامية بمعنى‏ “‬المفعول‏” ‬مثل‏ “‬قتيل،‏ ‬جريح
 ‬دفين،‏ ‬أسير،‏ ‬ذبيح،‏ ‬حبيس،‏ ‬خفيض الخ‏. ‬بمعنى‏ “‬مقتول ومجروح‏” ‬الخ‏. ‬أضف إلى ذلك أن الأصل‏ “‬مسح‏” ‬يأتي‏ ‬في‏ ‬الساميات بمعنى‏ “‬قاس‏” ‬أي‏ “‬مسح الأرض‏” ‬ويمكن أن‏ ‬يمسح الانسان مسح الذقون ومسح اللوح ومسح المصطبة الخ وقد‏ ‬يكون ذلك إيجابيا أو سلبيا أو مزيج منهما‏. ‬
منطق اللغة شيء والمنطق الحياتي‏ ‬أو القضائي‏ ‬أمر آخر‏. ‬فعلى سبيل المثال،‏ ‬نقول في‏ ‬العربية وفي‏ ‬بعض أخواتها الساميات‏ “‬مِفتاح‏” ‬بمعنى الآلة لفتح الباب والنافذة وما شابه ذلك بالرغم من أنّ‏ ‬الآلة ذاتها تقفل ما نفتحه أيضا ونفس الشيء‏ ‬ينسحب على‏ “‬المصعد‏” ‬فهو‏ ‬يحمل الانسان أو الأشياء إلى أعلى وإلى أسفل ولذلك اقترح مجمع اللغة العربية في‏ ‬دمشق في‏ ‬حينه لفظة‏ “‬المحمل‏” ‬وهناك أمثلة عديدة جدا لهذه الظاهرة اللغوية الدلالية في‏ ‬كل اللغات البشرية الطبيعية‏. ‬
‏٧) ‬أما بخصوص اللفظة الأخيرة‏ “‬الناصرة‏” ‬من جهة و”النصر‏” ‬من جهة أخرى فهما من أصلين مختلفين،‏ ‬الأول من الأصل اليوناني‏ “‬نازارينوس‏” ‬والثاني‏ ‬الأصل السامي‏ “‬نصر‏” ‬وينبغي‏ ‬الحذر وعدم الخلط العشوائي‏ ‬فالأصول مختلفة رغم التشابه اللفظي‏ ‬”الهومونيم”  ‬وهذا‏ ‬يذكّرني‏ ‬بأمثلة طريفة تندرج تحت تعريف ما‏ ‬يطلق عليه في‏ ‬علم اللغة الحديث باسم‏ “‬التأثيل الشعبي‏ ‬أو الاشتقاق الشعبي‏”‏ ‬أي‏ ‬شبه خارجي‏ ‬عارض لا‏ ‬يعوّل عليه علمياً‏ ‬منها‏: ‬إن أصل اسم الكاتب الانجليزي‏ ‬الشهير شكسبير ١٥٦٤-١٦١٦ ‬
‬يعود إلى اللفظتين العربينين‏ “‬الشيخ زبير‏”‬،‏ ‬وأن أصل‏ “‬الأنفلونزا‏” ‬يرجع إلى “‬أنف العنزة ‬
‏٧) ‬وختاما،‏ ‬ربّما كان من النافع الإشارة إلى بعض الأخطاء اللغوية التي‏ ‬وقعت في‏ ‬المقالة قيد التعليق والنقد مثل‏: ‬منظفي‏ ‬مبان وليس مباني؛ لكي‏ ‬ينتصروا وليس‏ ‬ينتصرون!؛ اتسم وليس إتسم؛ اليوم المشكلة هي‏ ‬وليس اليوم هو المشكلة كل‏…‬؛ وكل مفتٍ‏ ‬وليس كل مفتي،‏ ‬بأن أميركا والغرب سينسيان وليس سينسون‏. ‬
وقدّ‏ ‬جلّ‏ ‬وعلا من لا‏ ‬يُخطىء‏ ولكن الحدّ الفصل في الكمية والكيفية‬

زر الذهاب إلى الأعلى